تأمل ديا خان أن يساعد فيلمها الوثائقي - عن مقتل باناز محمود - في تسليط الضوء على الضغوط الاجتماعية التي تكمن وراء هذه الجرائم، وأن يسهم في تغييرها . وسط بريق و بهجة مراسيم توزيع جائزة إيمي خلال الشهر الحالي في لوس أنجلس ، كانت احدى الفائزات 
تأمل ديا خان أن يساعد فيلمها الوثائقي - عن مقتل باناز محمود - في تسليط الضوء على الضغوط الاجتماعية التي تكمن وراء هذه الجرائم، وأن يسهم في تغييرها .
وسط بريق و بهجة مراسيم توزيع جائزة إيمي خلال الشهر الحالي في لوس أنجلس ، كانت احدى الفائزات ترتدي فستانا أسود قاتما و تبدو مذهولة و هي تتسلم جائزتها . تقول ديا خان المنتجة الموسيقية و نجمة البوب السابقة و هي تتسلم جائزة إيمي عن افضل فيلم و ثائقي عالمي " قفزت من مقعدي عندما أعلنوا فوز فيلم " باناز " . كنت سعيدة جدا بوجودي هناك و فخورة بعرض الشريط. شعرت بالسعادة و أصبت بصدمة ".
تعتبر الجائزة وساما كبيرا لفيلم ذي ميزانية منخفضة لم يكن دخيلا بين الأفلام الوثائقية الأخرى ذات الميزانيات الكبيرة فحسب، و إنما كان أيضا – و هو يركز بشكل كبير على لقطات من شريط فيديو لنوع من أفراد الشرطة قليلي الكفاءة - عن شابة تتحدث بخجل و بصوت غير مسموع أحيانا إلى ضباط في احد مراكز الشرطة في لندن .
الفيلم يحكي قصة جريمة شرف وقعت في كانون ثان 2006 جنوب لندن عندما قتلت باناز محمود – 20 عاما – على يد عائلتها الكردية العراقية التي شعرت بانها لطخت شرف مجتمعها بعد ان هجرت زوجها السيئ الذي اغتصبها و وقعت في حب رجل من اختيارها . ذهبت باناز خمس مرات إلى الشرطة تطلب مساعدتهم و تخبرهم بان حياتها في خطر، و ذكرت لهم أسماء الذين سيقتلونها على شريط فيديو يحمل كلمات تقول "إذا ما حصل لي شيء ، فهؤلاء هم المسؤولون". تم خنقها و أخفيت جثتها في حقيبة .
جائزة إيمي جعلت من ديا قوة جديدة في صناعة الأفلام الوثائقية، لكن الذي زاد من فخرها هو ان الفيلم يعرض اليوم كجزء من برنامج تدريب الشرطة في المملكة المتحدة من أجل تعريف الضباط بالتهديد الحقيقي الذي يواجه الكثير من الشابات الحبيسات داخل الثقافات المبنية على الشرف في بريطانيا . تسبب الفيلم في توجيه توبيخ من اللجنة المستقلة لشكاوى الشرطة عن أسلوب الضباط الذين أهملوا باناز محمود ،إضافة إلى الثناء على فريق سكوتلاند يارد الذين حققوا لها العدالة بعد موتها، و سافروا للعراق للقبض على القتلة . قالت ديا " لا يمكنك ان تحتفل بجائزة عندما تكون هناك فتاة ميتة. كل أصدقائي سألوني عن الفستان الذي سأرتديه خلال المراسيم ، لكني ذهبت باللون الأسود، كيف لي ان أفكر بالملابس ؟ لكني أتمنى ان تجعل قصة باناز المزيد من الناس يدركون أنها من الممكن ان تحدث . أما استخدام الفيلم لتدريب الشرطة فانه أمر غير اعتيادي ، لكنه احدى الوسائل التي تعلّم الضباط و فرق التحقيق في الجريمة . هناك منظومة ضعيفة في بعض أجزاء المملكة المتحدة ". " إنني مسرورة لأني لم أكن أريد للفيلم ان يكون عذرا للناس لتبرير تحاملهم على المسلمين أو المهاجرين . ان قتل الشرف و الزواج القسري ليسا مقصورين على الإسلام ؛ إنها تحصل لدى السيخ و الهندوس و حتى في المجتمعات المسيحية التي تفرض فيها حقوق المجموعة على حساب الفرد ".
تم حبس والد باناز و عمها مدى الحياة عن جريمة القتل، كما تمت إعادة رجلين آخرين، كانا قد هربا من البلاد بعد جريمة القتل ، الأول تم تسليمه من قبل العراق للمملكة المتحدة عن طريق المخبرة كارولين غود، والحبس لأكثر من عشرين عاما لكل منهما . تقول ديا " كنت أنوي ان يمثل الفيلم شيئا ما للمجموعات النسائية و ربما لبعض المهرجانات السينمائية . كنت أنشط في حقوق المرأة و أتبع نداء قلبي في صناعة هذا الفيلم عن قتل الشرف . لكني عندما جلست للتحاور مع كارولين تغير كل شيء . أخبرتني بانها تشعر بأن الذين كان من المفترض ان يحبوا باناز لم يكونوا يحبونها ، لذلك قررت ان تحبها. الحقيقة هي ان هذه الشرطية البيضاء تحمل مثل هذا الحب لهذه الفتاة الآسيوية – انه أمر غير اعتيادي ، إنها تمتلأ اشمئزازا و حزنا. يقوم الناس بأهم الأشياء في اكثر الظروف صعوبة . هذا هو سبب كون القضية بهذه الأهمية . فيها الفشل و لكن أيضا فيها الكثير من الدروس ".
كانت ديا – 36 عاما المولودة في النرويج لأبوين مهاجرين – مغنية ناجحة يطلق عليها " مادونا المسلمة"، حتى اضطرتها التهديدات المتواصلة و التهجمات إلى التخلي عن المسرح من أجل سلامتها . انتقلت إلى لندن وأصبحت منتجة موسيقية و ناشطة تعمل مع عدة مجموعات نسائية بينها منظمة حقوق المرأة الإيرانية والكردية .
مؤسسة (كارما نيرفانا) الخيرية ، التي تساعد الشابات في مواجهة الزواج القسري ، تشعر بالقلق الشديد من انتشار الزواج القسري دون رقابة، و توجّه تأنيبا لإدارات المدارس لفشلها في الإبلاغ عن أي طفل يختفي اسمه من سجلات المدرسة . تقول ديا " من الصعب شرح الفروق الدقيقة للتركيبات الأبوية الصارمة في ثقافات اجتماعية كالتي ننتمي إليها أنا و باناز. شبابنا يتم خنقه و قمعه، و كانت بانزا النتيجة الأكثر تطرفا في ذلك ، لكن مازالت بيننا العديد من الفتيات مثل بانزا يواجهن الإساءة في هذه التركيبات الاجتماعية المبنية على الشرف ".
مشروع ديا التالي ينظر إلى تطرف الشباب البريطاني، تقول " أعرف بعض الناشطات في حقوق المرأة شهدن الكثير من الإساءات لدرجة أنهن بدأن يكرهن الرجال، أما أنا فأتعاطف مع الرجال. انهم رجال يعانون من أنواع مختلفة من الإساءات، فكيف نساعدهم ؟ في بلدان مثل ألمانيا يحاولون فهم الجناة و يعتبرونهم ضحايا لثقافاتهم ثم يحكمون عليهم وفق ذلك. نحن بحاجة إلى الفهم و ليس العفو ".
عن: الغارديان