TOP

جريدة المدى > تحقيقات > على تخوم ........ بغداد.. الحميدية.. عنوانها الفقر والأمراض وانعدام الخدمات

على تخوم ........ بغداد.. الحميدية.. عنوانها الفقر والأمراض وانعدام الخدمات

نشر في: 10 نوفمبر, 2009: 05:45 م

بغداد / شاكر المياح تصوير / سعد الله الخالدي لكي يصل المرء الى منطقة الحميدية (شرق بغداد) عليه ان يختار احد طريقين، فاذا ما اختار الطريق الأول عليه ان يمر عبر الشارع الفاصل بين (جميلة والطالبية) مرورا بكسرة وعطش، والطريق الثاني الذي اختاره كادر(المدى) والذي لم يكن يعرف ان الطريق الاول سيوصله الى هناك كان هو الأصعب والاخطر والاكثر وعورة وغرابة،
او لنقل هو الطريق المفاجأة التي تكمن في ان سالكه عليه ان يرضى بما هو مقسوم له وبما سيعترض سيره سواء بسيارته ام مشيا على الاقدام، سدتان ترابيتان تلتفان حول خاصرة مدينة الصدر الشرقية، ولا تلتقيان عند نقطة محددة، سائبتان تفصلهما انهر نضبت مياهها، ومستعمرات قصب، ومنخفضات هائلة بمساحات مختلفة، منها ما تكدست بداخلها هياكل سيارات صدئة، او لونتها السنة لهب مجهولة، وحديد السكراب، واطارات متعددة الاشكال والحجوم كأنها القيت في محرقة يوما ما،، وبقع سود لاثار زيوت محترقة توزعت ذات اليمين وذات الشمال، مقابر اطفال، تلال من الاتربة والنفايات والمزابل، ومستنقعات تباينت الوانها، فهي ما بين الازرق المسود، والاسود المزرق، ومواقع يقال انها كانت في يوم من الايام بحيرات اسماك. صورة معتمة غير انها ذات ملامح هي بلون الفجيعة.، او الحزن والمعاناة والتعايش مع الالم بشكل يومي، صورة قد تغادر فجيعتها لو قدر لها ان تكون ملونة بالوان الشجر والنبت والزهر والماء الدافق، وهي مؤهلة لان تكون هكذا، الا ان القدر اختار لها هذا الواقع المزري، لا ادري اهي بسبب السياسة ؟ ام الفساد، أم الاثنين معا؟ اطفال ونفايات في طريقنا الى الحميدية كنا نرتج ونترنح ونحن في داخل سيارتنا تعترينا مشاعر الرعب فنحن الوحيدون الذين كنا نمر فوق ترابه وحفره ومطباته باستثناء مشي لبضعة صبية، لم يكونوا بالكثرة اللافتة للانتباه، هم ثلاثة او اربعة وقفوا بازاء تلة من تراب وسكراب، كنا اكثر ما نخشاه انهمار المطر سيما وان السماء كانت متلبدة بالسحب الداكنة والريح الرطبة قد شحذت همتها فمست اجسادنا بلمسة برد شفيفة. الصبية كانوا يجمعون بعضا من صفيح قد كب حديثا على تلك الاكوام من النفايات، واغلب الظن انهم كانوا يرومون بيعه لتوفير لقمة العيش، ثم هبطنا السدة الثانية لننعطف باتجاه السدة الاولى التي تطل على نهايات حافة مدينة الصدر التي كنا ننظر اليها من مرتفع، فابصرنا مستعمرات هائلة للسكراب وهياكل حديدية متنوعة الاشكال والانواع محاذية للشارع الذي يقطع المدينة من جنوبها وحتى شمالها، وينتهي عند التقائه بالشارع الواصل بين كسرة وعطش والطالبية. في نقطة التفتيش، عرجنا نحو سيارة عسكرية نوع (همر) كانت متوقفة على الجانب الايسر وبحسبما اشار علينا آمر السرية الثانية الرائد (شاكر) الذي رافقنا حتى منتصف الطريق الى الحميدية، وامام (الهمر) استقبلنا ضابط شاب برتبة ملازم فاوضحنا له مهمتنا الصحفية، فرحب بنا وعلى الفور صحبنا الى مقر السرية الثالثة من الفوج الاول لواء 44 وهناك استقبلنا الرائد عبد الوهاب الذي اناط مهمة مرافقتنا والتجوال معنا في المنطقة بالملازم احمد وثلة من جنود السرية. المقر كان بسيطا في طريقة بنائه ومحتوياته، فهو عبارة عن بيوت مشيدة بالبلوك، استأجرها الفوج من اصحابها الذين هم متجاوزون اصلا على ارضها، والاغرب ان مقبرة للاطفال تضم رفات اكثر من الفي طفل لا تبعد عن المقر سوى امتار قد لا تزيد على عشرة. وعلى الجانب الايمن منها سياج واسع من البلوك والطابوق احاط بمحطة توليد غازية لم تكتمل بعد. الآبار ومياه الشرب في هذه الاصقاع المحيطة ببغداد عثرت قوات الجيش على 15 جثة متفسخة تعود لاشخاص مغدورين، والقت القبض على قتلة فارين من المحافظات الجنوبية، هو خبر من بعض اخبار لا حصر لها عن مناطق الدونمات. محطتنا الاولى كانت امام محل لبيع المواد الغذائية والحلويات الذي تبرع لنا بأربع بطاريات نوع (قلم) لجهاز التسجيل بعد ان فرغت بطارياته وأول من التقيناه المواطن (ابو حيدر) الذي قال: المنطقة تشتمل على قاطعين، الاول ومن الناحية الادارية يتبع محافظة بغداد، والثاني محافظة ديالى، والذي يبدأ من معمل الغاز وحتى القرية العصرية اذ ان تبعية عقودها الزراعية تعود الى زراعة ديالى، وابناء الحميدية يعانون من عدم توفر مياه الشرب ويعتمدون على الابار التي حفروها بانفسهم للحصول على الماء وهو غالبا ما يكون كدرا ومجا شديد الملوحة بسبب جفاف النهر الذي كان مخصصا لارواء مزارع المنطقة، وهناك وسيلة تتمثل في نقل الماء بواسطة الصهاريج التي قد تغيب اسابيع طويلة ومن ثم تظهر فجأة فيتجمع حولها الناس، فذو الحظ يحظى ببرميل او برميلين ومن لم يسعفه الحظ يعود خالي الوفاض، ويترافق انعدام مصادر الماء الصالح للشرب مع عدم وجود مستوصف او مركز صحي والمرضى منّا يلجأون الى مستشفى القادسية في مدينة الصدر. اما المدارس فحدث ولا حرج، في المنطقة مدرسة ابتدائية وحيدة، يتكدس في كل صف من صفوفها اكثر من مائة طالب وطالبة ينحشرون فيه حشرا ولا توجد مدارس متوسطة او اعدادية، اما ترتيب المنطقة الاداري فغير معروف فلا هي ناحية ولا قضاء واغلب الظن انها توصف بالقرية العصرية وبضمنها المنطقة التي كانت قبل سقوط النظام السابق معسكرا للقوة الجوية واتخذها الناس فيما بعد مساكن لهم. دور واسعة من دون خدمات و

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟
تحقيقات

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟

 المدى/تبارك المجيد كانت الساعة تقترب من السابعة مساءً، والظلام قد بدأ يغطي المكان، تجمعنا نحن المتظاهرين عند الجامع المقابل لمدينة الجملة العصبية، وكانت الأجواء مشحونة بالتوتر، فجأة، بدأت أصوات الرصاص تعلو في الأفق،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram