TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قدري جميل لا عنب الشام ولا بلح اليمن

قدري جميل لا عنب الشام ولا بلح اليمن

نشر في: 30 أكتوبر, 2013: 10:01 م

لا يمكن النظر إلى قرار الإقالة المُهين، الصادر بحق نائب رئيس الوزراء السوري قدري جميل، والذي جاء بعد أيام من شائعات حول انشقاقه، وتواجده في موسكو من دون إذن الحكومة السورية، إلاّ بكونه تعبيراً عن ضيق النظام، بأي رأي أو وجهة نظر، لا تكون نسخةً كربونيةً من ما يُفكر به الرئيس، حتى لو كان صاحبها اجتهد لخدمة النظام، أمّا التبرير المرافق للقرار فعذر أقبح من ذنب، حين يتحدث عن غياب الرجل بدون إذن مُسبق، وعدم متابعته واجباته التي كلف بها، وقيامه بنشاطات خارج الوطن من دون التنسيق مع الحكومة، وتجاوزه العمل المؤسساتي والهيكلية العامة للدولة.
تلقى جميل الخبر وهو يصرح على أثير تلفزيون روسيا اليوم، إنه مثّل خلال لقاءاته مع مسؤولين أميركيين، جزء هاماً من مُعارضة الداخل، ، وهو على ما يبدو كان يتوقع الإقالة، فشدد على أن خروج حزبي المعارضة من الحكومة ، أسهل من دخولها، ثم عاد ليؤكد أنه ليس موظفاً ليتنازل عن استقلاليته كفريق سياسي، وأنه لا ينتظر موافقة الحكومة على اتصالاته السياسية، وأكد أنه ذهب إلى جنيف في سياق التحضير لمؤتمرها الثاني، الذي سينعقد قبل نهاية الشهر المقبل، ويستمر ليومين، أولهما بروتوكولي، والثاني لتثبيت المرحلة الأولى من الاتفاق على حكومة انتقالية، وفي محاولة لحفظ خط الرجعة، أكد أن المؤتمرين لن يتطرقوا إلى دور أو موقع الرئيس الأسد، لأن موضوع تنحيه أمر غير وارد، وشرط التنحي مطلب تعجيزي قبل بدء الحوار.
أتت إقالة جميل فيما معارضة الداخل، وهي أحزاب سياسية تعتبر نفسها منافسة للرئيس الأسد، لكنها لم تنضم إلى الانتفاضة المندلعة ضد حكمه، وهو أحد رموزها، غير قادرة على توحيد مواقفها، فالوزير علي حيدر يعتقد أن هناك تفكيراً جدياً لدى واشنطن، بفتح قنوات مع دمشق، وهو يرفض مشاركة المعارضة بوفد موحد في جنيف، لأن الاختلافات بين مكوناتها جذرية، وفكرة توحيدها خيالية، بينما طالب رئيس هيئة التنسيق المعارضة بأن تشارك  المعارضة بوفد موحد، باسم وفد المعارضة السورية، على أن يضم ممثلي الهيئة والائتلاف والهيئة الكردية العليا، ولعل في هذا التباين في الطرح، مع ما يضرب معارضة الخارج من خلافات بينية، ومع معارضي الداخل، هو ما سمح بإقالة جميل المُهينة.
دمشق على لسان وزير إعلامها، عادت للقول إن جميل يمثل معارضة الداخل، المطلوب منها الانخراط في حوار يستهدف وقف العنف، وأنه لا خلافات معه اذا بقي على هذه الثوابت، وهو يمثل حزباً معارضاً، والمعارضة الوطنية بالداخل تتحرك بحرية، وهو بالتالي سيستمر بممارسة العمل السياسي، طالما لا يسيء إلى أمن سوريا، بينما رأى الوزير المُقال أنه في حال الاتفاق على الذهاب للحل السياسي، سينشأ نوع من التناقض بين عمله الحكومي وموقعه السياسي الحزبي، وشدد أن المهمة الأساسية هي إيقاف نزيف الدم السوري، وأن اللقاء مع الراعين للحوار لوقف حمام الدم السوري أمر مشروع، وأن خلافه مع النظام ليس ذلك الخلاف المبدئي العميق.
انتقد الكثيرون جميل حين قبل المشاركة في الحكومة، ورأوا في ذلك شقاً لصفوف المعارضين، غير أن البعض استبشروا بالخطوة خيراً، على أمل اعتراف البعثيين بوجود قوى سياسية أخرى على الساحة، لكن الواضح اليوم أنهم أرادوها استمراراً لتجربة الجبهة الوطنية، حيث يتحدث الجميع لغة البعث وليس سواها، والنتيجة أن جميل يقطف اليوم ثمار مغامرته، فلا هو وصل إلى عنب الشام، ولا تذوق بلح اليمن.  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram