في ركن هادئ عند اشهر كاليري في أربيل يجلس الفنان فريدون هاوار مفترشاً أدواته ولوحاته التي ينهمك في إكمال إحداهن ووضع اللمسات النهائية عليه ، اقتربُ منه و القي التحية عليه فيرحب بابتسامة ولغة عربية جيدة واستأذن منه في طرح مجموعة أسئلة عن مهنته وفنه في

في ركن هادئ عند اشهر كاليري في أربيل يجلس الفنان فريدون هاوار مفترشاً أدواته ولوحاته التي ينهمك في إكمال إحداهن ووضع اللمسات النهائية عليه ، اقتربُ منه و القي التحية عليه فيرحب بابتسامة ولغة عربية جيدة واستأذن منه في طرح مجموعة أسئلة عن مهنته وفنه فيجمع بعض الأوراق ليفسح لي المجال للجلوس والدردشة التي فيما يلي ملخصها.

يؤكد فريدون هاوار ان كاليري شاندر في أربيل هو المكان الأمثل لمزاولة اغلب أنواع الفنون والتشكيلية منها على وجه الخصوص فالأدوات والأجواء مهيأة لممارسة هذا الفن والجمهور حاضر باستمرار للاطلاع عليه ولن يجد رسام البورتريه مناخاً افضل من هذا وهو ما شجعه على الانتقال مؤخراً الى هنا.
وبالرغم من إتقانه لجميع أنواع الرسم إلا ان الفنان الفطري هاوار يفضل رسم البورتريه على غيره ويبرر الأمر بأن هذا النوع مرغوب من قبل الأغلبية وليس له جمهور فئوي فالكل يرغب في رؤية صورته مرسومة بالقلم الرصاص التي تضفي على الوجوه والشخصيات جمالية في حين يفضل هاوار ان يضفي الابتسامة على ملامح جميع زبائنه عند رسمهم.ويعمل هاوار في رسم البورتريه بطريقتين الاولى هي النقل المباشر أثناء جلوس الزبون أمامه والثاني يكون برسم الشخصية نقلاً عن صورة فوتوغرافية له ، ولكلا الطريقتين وقت وسعر معينين فالرسم المباشر يستغرق 20 دقيقة ويكون ثمنها 10 الاف دينار في حين تبلغ تكلفة الثانية 20 الف دينار وتستغرق وقتاً اطول وتكون اصعب لان بعض الصور الفوتوغرافية تخفي الكثير من الملامح والانفعالات التي يبديها الشخص في حقيقته .ويرى هاوار ان قلم الرصاص هو الأفضل في رسم البورترية والأقدر على تصوير ادق الملامح الشخصية خصوصاً وان الرسم عملية تكاملية بين العقل والنظر وحركة الأصابع تؤدي في النهاية الى الحصول على اللوحة التي شاهدها الفنان في عقلة قبل ان ينقلها على الورق او القماش .
ويرفض رسامنا ملامح الحزن ويصر على إضفاء الابتسامة والفرح على وجوه زبائنه الذين يريدون رؤية انفسهم بشكل جميل وهي صفة وقاسم مشترك يجعل من اغلب الناس يحبون رسم البورتريه ويفضلونه على سواه من الفنون الاخرى. ومع إقامته لأكثر من 12 معرضاً كان أولها في 1998 وامتلاكه لجمهور عريض إلا ان هاوار لم يدرس الفن اكاديمياً ولم يدخل مدرسة متخصصة فيه لان حب وإتقان الرسم هو موهبة فطرية لديه عمل على تطويرها حتى غدا مرجعاً فيها واخذ المختصون وطلاب الأكاديميات يراجعونه من اجل الاستفهام والاستفسار عن الكثير من الأمور الخاصة بهذا العالم الجميل .
وبعد ان عمل لفترة طويلة في رسم البورتريه في الشارع انتقل هاوار هذه الايام الى كاليري شاندر حيث يستقبل عدد جيد من الزبائن في حين يقف معظم الزوار لمشاهدته هو يرسم ومنهم من يبقى متفرجاً واخرين يسألونه ولا يزعجه هذا الأمر فهو معتاد على العمل في هذه الأجواء من الضوضاء والصخب والتي يستمتع بها ، فيما يبقى طموحه الأكبر في امتلاك الكاليري الخاص به أما ملهموه الذين تأثر بهم في فن البورتريه فهم العمالقة رامبرنت وفائق حسن وجواد سليم .
وكان رسم البورتريه في الماضي مقتصراً على الشخصيات المشهورة او حتى كبار السن ولكن الملاحظ في وقتنا الحاضر انه بدت تستهوي الشباب الذين صاروا يشكلون جزءاً كبيراً من زبائن هاوار وبالرغم من انتشار الوسائط الرقمية من كاميرات وبرامج رسم الان ان الجمهور مازال يفضل اللوحة المرسومة باليد ويستمتع بها اكثر .
ويعد إهداء لوحة بورتريه لشخص عزيز او صديق مقرب من طرق الإهداء الحديثة التي بات العديد من الناس يقومون بها وتشكل مفاجأة كبيرة للمهدى اليه وتترك في نفسه اثراً واعتزازاً عميقين للشخص الذي اهدى لهم لوحة البورتريه في حين يفضل العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وضع رسم البورتريه الخاص بهم مكان الصورة الفوتوغرافية التعريفية في تلك المواقع .
وقبل ان أغادره فأن هاوار يذّكرني بان العديد من الأماكن والشوارع في العواصم العالمية استمدت شهرتها ومعرفة السياح بها من حضور رسامي البورتريه فيها الذين يشكلون معلماً ورمزاً سياحياً في تلك الدول وعند هذه الملاحظة انسحب واتركه لزبائنه الذين عطلتهم عنه بما فيه الكفاية .