تساؤلات عدة تسبق المؤتمر الصحفي الذي أعلن عن انعقاده رئيس اتحاد الكرة ناجح حمود غداً الأثنين وسط غليان متباين للهيئة العامة للاتحاد التي حاول بعض ممثليها إشعار الاتحاد نفسه أنهم يرفضون التغييب العَمد عن مؤتمرات نصف السنوية أو السنوية ولم يتوانوا عن رفع شكواهم إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي تسلمها بالفعل أول من أمس الجمعة.
ولعل واحداً من الأسئلة التي ينبغي أن يواجه بها حمود قبل مؤتمره الموعود: هل سيكون مؤتمراً للدفاع أم الهجوم أم المناورة ؟ نعتقد انه مهما سجل الرجل أهدافاً في مرمى البلاغة لهزِّ شباك الحقيقة فلن تكون النتيجة لصالحه.
إن عقد المؤتمر الصحفي بتوقيته العاجل الذي لا نرى مبرراً منطقياً له يشكل أول الأخطاء التي وقع بها حمود بعدما ظن أن أحمال الملفات الثقيلة التي واجه بسببها حملة شرسة من الإعلام منذ انتخابه رئيساً للاتحاد قبل سنتين لن يتخلص منها في خطاب يُراد منه التبرئة وإظهار ما خفي أثناء تسنمه المسؤولية ، ولهذا استبق الإشارة إلى أن مؤتمره سيكون على طاولة الحكومة والبرلمان ليكون مسؤولوها على إطلاع مباشر بما سيعلنه ، وكأنه في حالة تحدٍّ لا شيء عنده يخفيه أو يخاف منه!
ترى هل أصاب حمود في اختيار موعد المؤتمر وهناك أكثر من استحقاق قانوني وإداري وفني يتطلب إيجاد حلول لها وحسمها في هذا التوقيت بالذات ؟! كلا ، فالواجبات تملي عليه ترتيب بيت الاتحاد المتصدّع بمشكلات الأعضاء الحاضرين والغائبين التي أعطت انطباعاً أن الرجل لم يوفق في سياسة الاحتواء المنصفة ، ومن السهولة عنده ترك نائبه الثاني مثلاً يقاطع مقر الاتحاد مدة طويلة من دون مكاشفته بالأسباب الحقيقية التي دعته لاتخاذ هذا الموقف ، فضلاً عن التعامل الشخصي مع (زعل) النائب الأول عبد الخالق مسعود الذي فضّل هو الآخر مقاطعة الاتحاد اعتراضاً على آليات عمله وتضامن معه عضوان آخران وكأنهم في اتحاد الكرة لا يمثلون هيئة عامة ، بل شركة خاصة يخضَعون فيها لحريتهم بأداء العمل أو تركه ، وحسناً فعل النائب الأول باعترافه بأن الاتحاد لم يؤد دوره تجاه الهيئة العامة بعد مرور عامين ونيف ، وأن هناك أخطاء كثيرة يجب إصلاحها.
فات على رئيس الاتحاد انه لابد من الاستماع لجميع الأطراف خاصة تلك التي تمثل الأندية المتقدمة في البلد التي لولاها لا يمكن إنجاح مفردات برنامجه المحلي ، إذ كان لصوت رئيس نادي الشرطة إياد بنيان ورئيس نادي الزوراء فلاح حسن ومن انضم إليهما في مؤتمر الجادرية باستثناء أمين سر الاتحاد السابق احمد عباس الذي استغربت حضوره واعتلاء المنصة (يفترض أن يحتفظ بدوره المتوازن والتوفيقي بين الطرفين) كان لصوت المشتكين لدى (فيفا) حق شرعي واضح يستحق ان ينجذب إليه رئيس الاتحاد لا أن ينفر منه لأنه يهدف الى تقويم مسيرة شابتها أخطاء متكررة لم يعد السكوت عليها مقبولاً، ولهذا كان اللقاء بتلك الأصوات المعروف عن نزاهة توجهاتها أولوية مهمة تتقدم على اللقاء مع الإعلام !
لا ضير أن يسعى حمود للملمة أوراقه كلها ويستل ما يحلو له لرد المشككين بنياته، وما أقدم عليه من سلوكيات وإجراءات رآها البعض أنها ضد رغبة الحكومة والقائمين على الشأن الرياضي وهناك من عدّه متخندقاً في الجبهة الخليجية لإفشال خليجي البصرة وتلقى سهماً موجعاً يتهمه بإعطاء صوت العراق لمن لم يناصر العراق في حقوقه ، ولم يزل يواجه انتقادات حادة لتماهله في دعم اللجان العاملة في الاتحاد بذوي الخبرة حتى وقع الفأس بالرأس بضياع فرص حقيقية لتسجيل النجاح في تصفيات بطولات قارية ودولية.
لا ضير في الدفاع عما يرتأيه حمود هنا ، لكنه سيبقى محل ضعف وشك لعدم اهتمامه بالبنيان المتكامل للاتحاد الذي يستند إلى الأندية 18 التي جلّ ممثليها مغيبون في فعاليات الاتحاد ، بل أوشك حتى مؤيدوه أن ينقلبوا الى صفوف المعارضة ضد سياسته ومنهجه بمن فيهم عبد الخالق مسعود وطارق أحمد أكثر الاعضاء وفاءً للعلاقة معه ، لكنهما أسرع فراراً وتملصاً من تبعات أية قضية يتعلق مصيرهما بها مثلما تركا الرئيس السابق حسين سعيد وحيداً مستذكراً درس الغدر لصحبة العمر !
هكذا جرت فصول الاتحاد في دورتين ، ولابد من أن يتعظ الحكماء ولا يديرون وجوههم لمن يذكرهم بالأمس ، فلا علاقات دائمة وسط منافع مؤقتة ومبادىء تخضع لرياح المصالح حيثما هبّت، فقد خسرنا كثيراً من السمعة في المحافل الدولية لأننا لم نزل نتعاظم على أهلنا وهم من ارتقينا على أكتافهم ليكون لنا شأن خارج الحدود، وأهدرنا من مالهم بما لا يعقل ، لنعد لهم ونضمهم ونسمع همومهم ونتسامى فوق الخصام ، وليكن بيت الاتحاد ملكاً للجميع وليس لعصبة مكابرة !
عصبة مكابرة
[post-views]
نشر في: 2 نوفمبر, 2013: 11:01 م