بعيداً عن خطب وأهازيج أعضاء ائتلاف دولة القانون حول الزيارة المباركة للسيد المالكي إلى واشنطن، وصولات الزعيمة حنان الفتلاوي ضد كل من تسول له نفسه الاقتراب من أسوار قلعة رئيس مجلس الوزراء ، والدعوة الثورية التي اطلقها النائب كريم عليوي لاجتثاث ماليزيا لأنها لا تريد ان تطبق قانون الأحوال الجعفرية، فقد أثار اهتمامي خلال الأيام الماضية خبران، الأول شاهدته على اليوتيوب للنائبة الكويتية صفاء الهاشم، وهي تطالب بمعاقبة وزير الداخلية لأنه رفض الوقوف على منصة مجلس الامة لاستجوابه .. الوزير حضر للبرلمان وأجاب على أسئلة النواب .. لكن النائبة الشجاعة رأت في الأمر إهانة للديمقراطية.. فالوزير "الشيخ" حسب رأيها ليس ضيفا حتى يجلس ويتسامر مع الحضور، وإنما هو متهم بملفات، أبرزها مخالفات مالية وإدارية.. النائبة الكويتية التي قالت إنها غير معنية بكون الوزير أحد أفراد العائلة الحاكمة.. ولا يهمها أن يكون من شيوخ الكويت المتنفذين، ما يعنيها بالدرجة الأولى حسب قولها وظيفة هذا الشيخ وهل هو مؤهل لها .. فالبلاد ليست حقل تجارب ولا مزرعة لتفريخ المسؤولين، وتذكرت إنني سمعت لهذه السيدة الشجاعة جملة ظلت راسخة في ذهني، حين ردت على الذين ينتقدونها بسبب حدتها في البرلمان وإثارتها بعض الملفات الحساسة قائلة : "يصول الكذابون والانتهازيون ويجولون بحرية، ولا توجد مشكلة معهم، لكن مشكلة الدولة مع نواب يدافعون عن الناس البسطاء".
الخبر الثاني جاء من مصر حيث وجهت نائبات سابقات، خطابا شديد اللهجة إلى لجنة كتابة الدستور جاء فيه "إن القوى المدنية تفعل ما يفعله الآخرون من التيار الإسلامي في برلمان 2012 تجاه المرأة، ولم تقدم جديدا بل إننا نعود للخلف ونعاني معاناة شديدة بسبب التمثيل الضعيف للمرأة في لجنة الخمسين لوضع الدستور، كما حدث في دستور 2012، كما لم تمثل المرأة في حركة المحافظين والمستشارين والوزراء ورؤساء الجامعات، رغم وجود كفاءات".
أن التيار المدني الذي كان ينتقد التيار الإسلامي في تهميشه للمرأة، لكنه الآن يهمش المرأة رغم وجود رئيس محايد وحكومة مدنية يجب عليها أن ترتقي وتختار الأكفأ دون التركيز على النوع أو الجنس".
وأنا أشاهد النائبة صفاء الهاشم، وأقرأ بيان النائبات المصريات، تذكرت البرلمانية "الحاجة" حنان الفتلاوي التي خرجت علينا ذات يوم بنظرية "المقص" وهي النظرية التي أرادت ان تثبت فيها للعراقيين جميعا، بأن متظاهري 25 شباط جمعوا كل "مقصات الحديد" من السوق ليستخدموها في سرقة المحال التجارية والبيوت، في ذلك الوقت أصرت النائبة المنتخبة على تغييب إرادة الناس، واستحضار روح الدكتاتورية البغيضة، وتذكرت عدداً من النائبات اللواتي ينصبن مجلس عزاء، كلما حاول أحد استجواب القادة الأمنيين، حتى ان إحدى النائبات قالت يوما ان الحديث عن الملف الأمني في البرلمان يعد أمرا خطيرا لأنه سيكشف خططنا الأمنية للأعداء .. وتقصد بالأعداء أعضاء الكتل السياسية الأخرى.
ترى ماذا لو كانت صفاء الهاشم عضوة في البرلمان العراقي، أو ان المصرية سناء السعيد عضوة في إحدى الهيئات المستقلة، بالتأكيد سيتكرر معهن نفس السيناريو الذي تكرر مع كل من يعترض على سياسات الحكومة.. حيث سيعزف إعلام المقربين لحناً عن الأجندات والتمويل الخارجي والإرهاب.
النائبة الكويتية ونائبات مصر مثال مشرق لمجتمع حر يناضل ضد الظلم والاستبداد ودولة الفتاوى، فيما العديد من نائباتنا أصبحن اليوم مجرد ديكور في مجلس نيابي يدير مقدراته عدد من الأشخاص.. بل إن العديد منهنّ أصبن للأسف بنوع من فوبيا الإصلاح، ومحاسبة الفاسدين، تجعلهن كلما ذكرت كلمة فساد يستغرقن في نوبة من الهرش وحك الجلد بعنف حتى تسيل منه عبارات التخوين والشتائم.
بالتأكيد أن الفتلاوي ومعها بعض نائبات الزمن الجديد سيتلمظن ويشتعلن غيظا وغضبا، من امرأة قررت أن تتخذ موقفا شجاعا، اسمها صفاء الهاشم، لكن من حسن حظ الناس أن حبل الخداع والانتهازية قصير، ففي نهاية الأمر على السياسي أن يختار في أي معسكر يقف.. وتلك هي المشكلة التي تواجه العديد من سياسيينا، لأنهم يريدون أن يلعبوا على كل الحبال.
الفرق بين نائبة و"نادبة"
[post-views]
نشر في: 3 نوفمبر, 2013: 12:01 ص
جميع التعليقات 1
حامد اسماعيل حسين
الاستاذ الفاضل علي حسين مقالتك جميلة ورائعة وحتى المقارنة بين البرلمانية الكويتة وحنان الفتلاوي منال يونس المالكي الجديدة مقارنة ذكية وهي ان النائبة الكويتية والمصرية لها برامج انتخابي ولها جمهور تقنعهم ببرامجه الانتخابي لا كحنان وعالية اتو بتزكية ولي نعم