TOP

جريدة المدى > مقالات رئيس التحرير > المالكي متذرعاً بالصبر والحكمة: الحريات تشجع على الفساد، والشعب لا يحب الحكومة! (٤)

المالكي متذرعاً بالصبر والحكمة: الحريات تشجع على الفساد، والشعب لا يحب الحكومة! (٤)

نشر في: 2 نوفمبر, 2013: 11:01 م

تعاملت مع مضامين خطاب المالكي في أسبوع النزاهة "المشروخة" باعتبارها "سقطات كلامية"، لها علاقة بإرهاق مفاجئ، او حالة كدر سياسي، يعاني من أعراضها الجانبية، تؤثر في تدفّق الأفكار للخطيب، وتضعه احياناً في حالة غير مفهومة للمستمع، كما لو انه يحدث نفسه.

تعاملت مع مضامين خطاب المالكي في أسبوع النزاهة "المشروخة" باعتبارها "سقطات كلامية"، لها علاقة بإرهاق مفاجئ، او حالة كدر سياسي، يعاني من أعراضها الجانبية، تؤثر في تدفّق الأفكار للخطيب، وتضعه احياناً في حالة غير مفهومة للمستمع، كما لو انه يحدث نفسه. غير ان متابعة الخطوط البيانية لخطاباته الأسبوعية، ورده على التقييمات التي استمع اليها وفده الى واشنطن، من قيادات نافذة في الكونغرس، حول الاوضاع الامنية والسياسية المتردية في البلاد نتيجة سياساته الاقصائية والمنفردة، والمظاهر السلبية لاوجه إدارته للدولة، واعتباره تلك التقييمات ما هي إلا نتيجة "تأثرات" بما تكتبه الصحافة العراقية وما تقدمه من معطيات مشوِشة.. كل هذه تبين بوضوح ان طروحات وافكار رئيس مجلس الوزراء، في خطاباته ولقاءاته المتلفزة، هي خلاصة فكرية - سياسية، تعكس نهجه المرسوم عن قصد لإدارة الدولة، والصراع السياسي الدائر في البلاد.
ولهذا فهو يؤكد في الخطاب المذكور ان وسائل الإعلام، كما الشعب، لا تتفاعل مع منجزات حكومته، ولا تبادر في الحديث عن "الوطنية" والاشادة بإنجازات الحكومة، او تقديم الادلة على الفساد..!

لقد اتضح خلال سنوات ولايتي المالكي للعاملين في الصحافة ووسائل الاعلام العراقية ان "القابض على السلطات" في البلاد، لا يكن مودة او ارتياحاً لأي كيان او فرد، مسؤولاً كان أو مواطناً، مهموم بما يدور في وطنه وما ينعكس على حياته من صروف وبلايا وتداعيات امنية او معيشية. وانقطاع حبل الود هذا مع من اصبح مصير البلاد تحت تصرفه خلافاً للدستور، جعله يعمد الى تجريد الصحافة ووسائل الاعلام الاخرى، عملياً، من هيبتها اولاً، ومن قدرتها على القيام بمهامها كـ"سلطة رابعة" مصونة.

وفي خطوة لا علاقة لها بما أريد ان تكون عليه شبكة الإعلام العراقية، التي تضم قنوات تلفزيونية وإذاعات وجرائد ومجلات ومرافق إعلامية اخرى، تحدد لها ميزانية بمئات الملايين، ويعمل فيها جيش من العاملين، إعلاميين وإداريين وشغيلة، استولى رئيس مجلس الوزراء على الشبكة، وجعلها خاضعة لتوجيه مكتبه، تنطق بلسانه، وتبشر بسياسته، وهو المعني بالتعيينات في كل مرافقها. مع ان السيد بريمر، لا وفقه الله، ان كان الله يسمع دعوانا، تخيّل من بين ما تخيّله، ان قوات الاحتلال، والادارة المدنية، بفضل حنكتها ودرايتها، ادرى بشعاب العراق الجديد، واكثر توفيقاً من أبنائه، في ادراك ما يتطابق مع ظروفه وحاجاته، فرأى ان يتحف العراقيين، باستنساخ "مؤسسة بي. بي. سي" البريطانية العريقة، المستقلة عن الحكومة البريطانية، والتي تُدار من هيئة عليا تخضع لنظامها الداخلي، وتُمّول من الشعب البريطاني. ولكي لا نقع او نوقع القارئ في التباس او وهم، فان الهيئة البريطانية المذكورة العريقة، بكل تفرعاتها، والمستقلة تماما عن الحكومة، تخدم مصالح الدولة البريطانية العليا على احسن ما تكون الخدمة. وهنا لابد من ملاحظة الفرق الجوهري بين الخضوع لسياسات الحكومة، التي تعكس نزعات وتوجهات الحزب او التوليفة الوزارية، بعد كل انتخابات، ويجري فيها تداول السلطة بسلاسة، والسياسات الاستراتيجية البريطانية، ومصالحها العليا، لكنها في كل الاحوال، لا تقبل التدخل في شؤونها.
ومثل كل العراق الجديد "بقضه وقضيضه" تمخضت شبكة الاعلام "عن مولودٍ منغولي"، فَقَدَ في العملية القيصرية بعض اجزائه الحيوية، فاكتسب فرادة عراقية، ليجاري بها الاوضاع التي اصبح عليها العراق، جعلته لا يشبه المولود المنغولي! وقد دشنها بريمر، لتصبح الناطقة باسم الإدارة المدنية للاحتلال وتسوّق قراراتها وسياساتها المعزولة عن الواقع العراقي، وارادة العراقيين. ثم تتالت على امتطائها حكومتا علاوي والجعفري، لتسقط في أحضان المالكي وفريقه، ولتفقد عذريتها المغتصبة.
ومن المآثر الأولى التي سُجلت للهيئة الجديدة "بي بي سي العراق"!، تدشينها للتقاليد الاميركية في "البزنس" فأصبحت الشبكة مرتعاً خصباً "للكومشن" والفساد العلني. وانتُهبت أموال سائبة لا يعرف بها غير اللصوص الذين تعاقبوا على الانفراد ببعض مفاصلها، ومن كان يدفع الاموال بلا وصولات ورقابة، كما جرى مع الوزارات التي جال عليها ممثلو بريمر، وهم يحملون أكياساً من فئة الخمسة ملايين دولار، دون طلب ايصال، لتمشية الامور!
كما يُحسب للشبكة الوليدة، يومذاك، استحداث طرائق مغرية للسطو على المال العام، من خلال العبث بارقام الطباعة وفروقات الورق والاحبار، وعمولات الاعلانات الطائلة، ومشتريات الاجهزة والمعدات والأفلام والمسلسلات وإنتاج البرامج المستهلكة، وعقود التدريب والتأهيل والإعداد والإطلاق!
(٢)
ولتوخي الدقة، فان البرهتين السياسيّتين لحكومة كل من السيدين علاوي والجعفري، لم تكفيا لتكريس تقاليد الولاء والاندماج الكلي، بين الشبكة والحكومة ورئيساها، كما هو الحال مع العلاقة التي تم ترسيخها في ظل هيمنة فريق المالكي على كل أوجه الحياة السياسية، الحكومية والاقتصادية والإعلامية. فالأخير ما أن احسّ بدفء كرسي الحكم، حتى استولت عليه شهوة السيطرة على كل مرافق الدولة الغبية، فأخذ يقضمها بشراهة.
لكن الامر لم يتوقف عند تعرية الشبكة وافراغها من مهامها، كصوتٍ ورأيٍ وداعيةٍ للشعب العراقي، ولخدمة اعادة بناء دولة ديمقراطية تداولية، والتبشير بقيمها ومباني ومبادئ دستورها، بل جرى تطويق الصحافة ووسائل الاعلام، واغراقها بكل غَثٍّ، واستدراج بعضها لتلعب دور ابواق و"وعاظ السلاطين" وشراء ذممها، وتشويه صورة الاعلام العراقي.
كما شددت الخناق، بإجراءات معروفة ومرئية، وتدابير أخرى، على الصحافة ووسائل الاعلام الاخرى، وضيّقت من مساحة حركتها وحريتها، وحجبت عنها مصادر الأخبار والمعلومات، وعرقلت عبر أطرها المشوهة، وممثليها في مجلس النواب، التشريعات التي تحمي الصحافة والصحفيين، وتعبر عن ارادة الوسط الإعلامي.
ويمكن الاستدلال بما وصلت اليه وسائل الاعلام، بمن يمثلها، اذ يكفي الاشارة الى ان احد قادة حزب الدعوة، اعترف بانه اخبر رئيس دولة القانون بمعرفته بهوية احد ابرز من تسلط على مقدرات الصحفيين، وهو مشبوه على كل صعيد، وفاقد للشرعية، وغريب عن الوسط الصحفي، لانهما من مدينة واحدة، بما كان عليه من ماضٍ سياسي واجتماعي لا يشرف، وكان جواب ابي احمد المالكي: ان المرحلة تتطلبه وأمثاله!!
 
(٣) 
واذا دققنا في الحالة الاعلامية الراهنة، لرأينا ان المالكي اخضع اغلبية وسائل الاعلام، الممولة بصورة خفيّة، من ريوع الدولة، عبر المقاولات والاعانات الاخرى، بالاضافة الى القنوات والاذاعات والصحف الحكومية، وايضاً الى ما يصدر عنه باموال الدولة من خلال المرتبات والمكافآت والتسهيلات، وهي كلها تتوزع الادوار للتسبيح بحمده، وتنظيم الحملات للدعاية له والاشادة بما لم يُنجز، والتغطية على المفاسد والتعديات، فعن اي وسائل اعلام كان يتحدث في خطاب اسبوع النزاهة ويوجه لها اللوم لأنها تقصر في التسبيح بحمد منجزاته ومآثره الكبرى..!؟
 
(٤)
علينا ان نفترض، صواب شكوى السيد ابو احمد المالكي من الصحافة ووسائل الاعلام، وتقصيرها في التطرق للموضوعات الوطنية والمنجزات المتحققة على صعيد تعزيز اللحمة الوطنية، ووأد مظاهر الفساد الاداري والمالي، والحاق الهزيمة بالارهاب، لا بل وتقليل المفخخات والقتل اليومي المجاني، وتحقيق تطلعات الناس في حياة كريمة، او كفافٍ لا يجرح حساسية آدمي في عصر الاندهاش والاحلام والانبهار باكتشاف آفاقٍ في كل اتجاه..!
هل من أحدٍ يدلنا على اي منجزٍ حققه السيد المالكي، وقصّرت وسائل الاعلام عن الاشادة به؟
وهل من مراقبٍ عادلٍ بمستطاعه ان يؤشر لنا، جزئيات لتراجع في فقداننا لأرواح المواطنين الابرياء وهو ما بات المشهد اليومي الذي يُصبّح عليه العراقيون ويُمسّون، اشلاء متناثرة لاجسادٍ طاهرةٍ، وجنازاتٍ تزدحم بها الشوارع المتجهة الى مقبرة دار السلام، ومقابر الاولياء الصالحين..!؟
هل لمكتب المالكي ان يزود "المدى"، بمنجزاته، ونقسم اننا سننشرها دون تردد ونسلط عليها الاضواء..؟
هل من مواطن يزودنا بمثل المنجزات التي يتحدث عنها زعيم دولة القانون الذي ينشغل هذه الايام ليل نهار، لتجديد ولايته على "ما تبقى من خرائب دولتنا الفاشلة"، ونلتزم بجائزة مجزية له على كل خبرٍ أو تقريرٍ عن منجز..؟
 
(٥)
لقد راهنا خلال السنوات العجاف التي مرت بطيئة علينا في ظل حكم السلطان، على امكانية ان نصحو مصدومين على وقع مفاجأةٍ، يبادر فيها المالكي، بشجاعة وجسارة غير متوقعة، بكشف بضعة ملفات فسادٍ، تطاول وزراء وأركان حكمٍ من كل الكيانات، او حتى وزير واحدٍ او مسؤولٍ ثانوي من كتلته، فاذا بنا نفيق على "حصرمٍ"، بعد ان فاجأنا المالكي، بأن ملفاته التي ظل يردد مع او في أعقاب كل أزمة، بأنه يملك منها عدداً وفيراً من شأن كشف المستور عنها، قلب الطاولة على الجميع.. إنها ملفات ناقصة!!
يا للخيبة...!
تُرى هل ان الطاولة التي هدد أبو احمد المالكي بقلبها، كانت هي الأخرى، مقلوبة في الأساس؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. Sami

    الى السيد ابو أحمد المالكي يرجى الاجابة على سؤال الاستاذ العراقي وممثل الصامتين فخري كريم،ونشر الجواب في صحيفة المدى. تُرى هل ان الطاولة التي هدد أبو احمد المالكي بقلبها، كانت هي الأخرى، مقلوبة في الأساس؟

  2. المدقق

    قسما بالله العلي العظيم انكم حاقدون على شخص المالكي وليس على عمله والسبب الحقيقي لهذا الحقد هو لان البطل المالكي اوقف هبل كردستان عند حده ومنعه من قضم اراضي العراق لغرض ضمها الى كردستان .. لذلك فقد كلفتم بمهمة اسقاط شخص المالكي وليس عمله ... الا تبت ايادي

  3. ابو سجاد

    اقسم بكل المقدسات هذا السؤال سالته الى كل من التقيته من مؤيدي ابو حمودي فلا احد اعطاني منجز واحد لكن العذر الوحيد اليتيم الذي دائما يردده اتباعه هو (موبيده) ولكن هذه الايام القليلة التي غادرنا بها الى الشيطان الاكبر اميركا كما وصفها السيد الخميني اعظم م

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram