علي القيسي في تقليد طريف وغير مسبوق، رسم البسمة على شفاه الناس، اقدم عروسان الاسبوع الماضي، على كسر الرتابة والتقليدية في مثل هذه الطقوس ، حيث اقدما وسط دهشة الاهالي وكركراتهم المتواصلة،
على اقامة حفل زفافهما في"شفل" كبير طاف بهما شوارع المدينة مع موكب المحتفلين بهما من الاهل والاقارب المسحورين بهذه الحالة النادرة من طقوس الزفاف. الحكاية جرت بمدينة الناصرية !!. وهذا امر ملفت للنظر لما للمدينة ، ذات الطابع القبلي التقليدي، من اعراف محافظة ومتشددة. فقد نقل موقع اخبار الناصرية صورا للعروسين وهما بكامل زينتهما داخل" كيلة الشفل".فأثار هذا الحدث المحلي بامتياز وسائل الاعلام العربية والعالمية التي اغدقت عليه الوصف بعبارات مجاملة تتناسب والحالة، اما الفضائيات "المعروفة" فقد مرت على الحدث سريعا على غير عادتها، رغم انها في كل حدث موت او انفجار تستقدم "المحليين" و"الحكّائين" الذين طالما اوجعوا رؤوسنا بهذيانهم المتدفق وسيل تحليلاتهم المملة. تمتع العروسان بحالة من الزهو والبهجة تحيط بهما ضحكات ناعمة للمارة من الاهالي الذين تأرجحت مشاعرهم بين مستغرب غير مصدق، ومندهش مسرور. هذه الصورة في حقيقتها تدلل على ان المجتمع بدأ يبدل جلده وينزع عنه سنين الخوف والرعب والاحزان التي وصمت بها العقود الماضية، حيث اذاقت الناس صنوفا شتى من الحرمان والعذاب. من يمعن النظر جيدا في الصورة ويسلط الضوء على جوانبها المعتمة سيلمس فرحا غامرا كان دفينا في الصدور، وآن له ان يخرج متدفقا ليغمر حياة الناس من جديد. لا اريد ان احمّل الامور اكثر من طاقتها، لكن الحقيقة ان للخبر تداعيات اخرى بما يمثله من مشاعر انسانية عميقة وودودة يمكن لها ان تترسخ في قابل الايام، لتحفز الناس على التعبير عن مشاعرهم بحرية وابتكار وبما يدخل الفرح والسرور الى النفوس عامة. لا شك ان هذا الحدث على بساطته وتواضعه هو عنوان لمرحلة جديدة تنطوي على امل وضّاء يمكن له ان يغير من رتابة حياتنا وقسوتها بعدما دفع المجتمع عامة ثمناً باهظاً في السنوات السابقة، حيث كان الدم والموت هما العنوان الرئيس حتى كانت ايامنا فرجة مجانية لهواة الفرجة على الموت والدمار في هذا العالم الصامت كالاموات.
زفاف غير عادي
نشر في: 10 نوفمبر, 2009: 07:39 م