TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > واحسيناه

واحسيناه

نشر في: 6 نوفمبر, 2013: 09:01 م

  (إني لم اخرج أشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة‏ جدي رسول اللّه )  قالها الإمام الحسين عليه السلام قبل استشهاده  في واقعة الطف ، ومن أقواله ايضا ( شرّ خصال الملوك،  الجبن من الأعداء، والقسوة على الضعفاء، والبخل عند الإعطاء)  في أيام  عاشوراء  يتجدد استذكار أبي الأحرار بوصفه شهيدا وثائرا ، وصوت المظلومين والباحثين عن الحرية في كل الأزمنة ،  وتشرف الشعر العربي ، والتشكيل والمسرح في تناول  قضية الحسين عبر مئات الأعمال  برؤية معاصرة لكشف معاني الثورة ، بعيدا عن التناول الشعبي السائد بالتركيز على البكاء كمحاكاة لواقع يعيشه  الملايين في ظل أنظمة متورطة  بارتكاب جرائم بحق شعوبها ،  علامتها الفارقة  إشاعة الجهل والتخلف  لضمان البقاء في السلطة الى يوم يبعثون .
 الحسين ثائرا وشهيدا في  مسرحيتي الشاعر المصري عبد الرحمن الشرقاوي ، وعلى النهج   ذاته هناك من استحضر الحسين في  مختلف الحقول الإبداعية ليشير الى حقيقة الخروج  لتحقيق الإصلاح في زمن مضطرب ، منذ وبعد ان حشد القوم لقتل ابن  بنت نبيهم ،  وحملوا راسه يطوفون به الأمصار إرضاء لنزوات  صاحب السلطة  مقابل حصول القتلة  على ثمن ارتكاب  ابشع جريمة عرفتها الإنسانية .
 القول كل يوم عاشوراء وكل ارض كربلاء بما تحمل من بلاء ، يردده العراقيون وغيرهم منذ القدم وهناك من يفسره بانه تعبير عن محنة أزلية ومأساة مفتوحة  الفصول لم تصل بعد الى المشهد الأخير ،  وينطوي القول  على  احتمال حصول المزيد من الكوارث والنكبات ، ومقابل هذا الشعور الممتد الى مئات السنين ، والحاضر في الزمن الراهن ،  فرض البكاء  هيمنته في التعاطي والتعامل مع واقعة الطف ، فتراجع فهم المعنى الحقيقي للثورة  الحسينية ،  وليس هناك من  يرفع صوته "واحسيناه "  لتحقيق الإصلاح  وفرض الإرادة الشعبية ضد الطغاة السابقين  واللاحقين .
عندما تناول الفنان التشكيلي  الراحل كاظم حيدر استشهاد الإمام الحسين بملحمة الشهيد  ،  أثار التساؤلات في الوسط الثقافي ،  لمغامرته في كشف معنى الثورة في زمن  بروز الحساسية المفرطة من ارتفاع اي صوت  يعبر عن رفض واحتجاج ،  ورسالة الفنان الراحل مازالت حاضرة  لكنها تبحث عمن يجيد قراءتها .
 تزامنا مع حلول أيام عاشوراء  سيتضاعف نشاط معظم القوى العاملة في الساحة العراقية في الأشراف او تنظيم الشعائر ، ولها كل الحق في ذلك  استنادا لما ورد في الدستور ، وليس من حق احد الاعتراض باي شكل من الأشكال على ممارسة هذا الحق ، الذي قد يصل أحيانا ان يتولى زعيم تنظيم سياسي  قيادة موكب"  اللطامة" من قواعده الشعبية ، للتعبير عن  أواصر التلاحم مع الجماهير والتفاعل مع تطلعاتها ، ويتجاهل الزعيم السياسي  معنى الثورة الحسينية واطلاق صرخة "واحسيناه"  لقناعته بانها لا تخدم مصالح حزبه في زمن البلاء .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. علي العراقي

    عزيزي علاء السيد نائب رئيس الجمهوريةخضير الخزاعي شارك بموكبه على طائرة الهليكوبتر في العام الماضي وشارك الزوار في عزائهم وحسينا وا حسينا...!!!

  2. ابو فاطمة الكعبي

    المنشور عين الصواب .. لكن ليس المطلوب التشكيك بالمراسيم الحسينية او عصمة القائمين بها عن الخطأ وحب الدنيا والذات . ( فمن يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شر يره ) والله الموفق

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram