TOP

جريدة المدى > عام > هذا الوطن.. ذاك الرصيف

هذا الوطن.. ذاك الرصيف

نشر في: 10 نوفمبر, 2013: 09:01 م

في آخرِ الطابورِ أقفكما ينبغي لمُشرّد مُحترفٍ أن يفعلتماماً في آخر الطابورأمام لجنة توزيع الأوطانعلى الفائضين عن حاجةِ الزمانوالمكانِوالخرائطِو سجلاتِ النفوسو المقابرِفي آخر الطابور أقفمثل دمعةٍ معلقة في مأتمأجمع ما تساقط من سنينيوخرافاتيو أحلامي الب

في آخرِ الطابورِ أقف
كما ينبغي لمُشرّد مُحترفٍ أن يفعل
تماماً في آخر الطابور
أمام لجنة توزيع الأوطان
على الفائضين عن حاجةِ الزمان
والمكانِ
والخرائطِ
و سجلاتِ النفوس
و المقابرِ
في آخر الطابور أقف
مثل دمعةٍ معلقة في مأتم
أجمع ما تساقط من سنيني
وخرافاتي
و أحلامي البائدة
في صرّة طفولتي التي أضاعَتْ دميتَها
وحصّتي المؤجّلَةَ من حَنان أمي
لي نكهةٌ لم تستأصِلْها القابلةُ مع حَبلِ السرّة
لي في القلبِ نشيدٌ عن بط
يسبحُ في شَط
وأغانٍ عن دمعِ الحلوةِ يسيلُ مع الكُحل
و أصابعي مازالت ترتجف
من هولِ الدّرس
و حفيفِ مِسطرةِ المعلّم
و لي في حَصّالةِ حياتي
كتبٌ في الجوعِ وحربِ الطبَقات
أحرقَها الفاشست
و أطفأوا دموعَ الحبّ الممنوع
ولي في حَصّالة حَياتي
تَمْراتٌ ادخرتُها من تَوقِ النخلةِ للأرض
وبعضُ غبارِ الطلعِ مازالَ يُسافرُ في رئتي
ليس في جبيني علاماتُ النبوّة
ولا هالاتُ القدّيسين
ولكنّهُ سيعرفُني
وطني الجالسُ هناك
في لجنةِ توزيع الأوطان
و أنا في الطابور
لن أزاحمَ رفاقي المُشرّدين
في اوطانِهم
و لن أقبلَ بذاك الوطنِ اللامعِ الذي على اليمين
و لا بذاك المترفِ الذي على اليَسار
فقط ذاك
ذاك الذي رأسُه نخل
و ذراعاه نهران
******
ــ أنتَ أيها السيّد
يامَن كنتَ في آخر الطابور
لم يتعرّف عليكَ وطنٌ من الأوطانِ المجتمعةِ في اللجنة
لقد أطفَأَت المنافي نكهتَك
و ذبُلتْ أغانيك
و بالرغم من منسوبِ العشقِ العالي فيك
و لكن ما مِنْ وطنٍ في الأرض
يفهمُ لغتَك
ــ حتّى ذاك
ــ حتّى ذاك
و إشفاقا منّا
قرّرنا منحَكَ رَصيفاً
رَصيفاً لن ينتهي أبدا
تَهدرُ فيه
ما تبقى لكَ في حَصّالة حياتِك
من دموع
و أحلامٍ تتسكّعُ خارجَ سياجِ الحياة
و سنَواتٍ تتطايرُ كأوراقٍ مُهملةٍ
مِن نافذةِ التاريخ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

بروتريه: فيصل السامر.. قامة شامخة علماً ووطنيةً

الكاتب يقاوم الغوغائية والشعبوية والرقابة

(سنكون عاصفة) و(على مائدة الذئاب): روايتان مؤثرتان عن فشل الحلم الأمريكي

موسيقى الاحد: قرن ونصف على تأسيس أكاديمية

من منسيات النقد الأدبي في العراق

مقالات ذات صلة

مسرحية
عام

مسرحية "المحطّة"، نقد متأخّر

أحمد القاسمي في مقابلة صحفية أُجرِيَت معه بعد سقوط نظام البعث سُئل الملحّن العراقي كوكب حمزة في عن رأيه بالموسيقى العراقية في عقد الثمانينات، فأجاب أن أغنية "زعلان الأسمر" لعارف محسن هي رمز لأغاني...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram