خليل شوقي اثناء زيارتي للسويد، كنت اسعى مباشرة لزيارة الصديقة والفنانة زينب، رأسي مشحون بخيالات المرض وما تركه عليها من اثار حتى انني احسست انها وبعد صراع امتد لفترة طويلة في حالة لاتقدر معها على الحركة او ان المرض ترك اثاره القاسية عليها فهدها، واذا بها تستقبلني بفيض من الصداقة، وابتسامتها وضحكتها المشرقة وكان الزمن لم يشق اخدود الغربة بكل بشاعتها،
نسيت ساعتها المرض المتمكن منها بل كانت هي بحيويتها ومعنوياتها العالية كان مشرط الاطباء لم يعمل في جسدها انستني الزمن المحروق بيننا وبين ايام المسرح والسينما والتلفزيون، ايام السعادة والتوجس من المجهول، وداعتك ابو مي ولا شادة رأس للمرض، اعرف ايتها العزيزة ام تأميم انك الاقوى، اقوى من كل المصاعب التي اخذت من الاخرين ما اخذت، وبقيت كالشجرة التي تأبى الا ان تموت واقفة، تعسا للزمن الذي يأخذ ولايعطي، ولكن الناس لم تنس ولن تنسى الفنانة الكبيرة زينب، الانسانة المناضلة من اجل الكلمة الخيرة. منذ عام 1958 عشنا حياة متداخلة، الفن والصداقة متزامنة مع معاناتنا اليومية المشتركة المنصبة في هموم مسرحنا والخروج به من مدياته الضيقة نحو آفاق ترسم للمسرح العراقي هوية اصيلة، لم نكن ننفرد بهذا الهم انما كان هم الفنانين المبدعين اجمع لم تكن اللقمة والعوز هم زينب، انما همها كدر عابر يختفي بفرحة الوقوف على خشبة المسرح او امام كاميرا السينما او التلفزيون. ان البحث في حياة الفنانة زينب وتدقيقها يستوجبان اكثر من هذه الوقفة والسطور، انها حياة متفاعلة اجتماعيا وسياسيا وفكريا، عرفتها صلبة، تقف امام كل مايواجهها من صعاب شامخة وفي حالات غضبها او انفعالها سرعان ماتعود الى صفائها فتشرق ابتسامتها بمحبة. اقتسمنا اللقمة في فيلم (الحارس) وتناغمنا في النخلة والجيران، وسليمة الخبازة ومصطفى الدلال،، وكذلك الشخصيات الاخرى لم تكن غريبة عنا، كنا حتى في فترات استراحتنا في العمل لا ننفك نناقش هموم نماذج مجتمعنا الذي نمثله على المسرح ومسبباتها اعجبت بها كفنانة كبيرة، وقلب كبير، وكإنسانة وقفت امام الصعاب بكل شموخ ربما لم يطرحها المرض وحده، انما الغربة.
احب الاشجار التي تموت واقفة
نشر في: 11 نوفمبر, 2009: 03:25 م