أدهشني بترايوس أكثر مما أحزنني وهو يعلن ان كل ما حققه الأمريكان من انتصارات على القاعدة بالعراق قد ضيعه الذين تسلموا الملف الأمني بعد رحيلهم. فعندما يقول انه "مما يدعو للأسى ان العراق اليوم يبدو شبيها بعراق 2006" فهذا يعني ان من تصدى لمسؤولية حماية أرواح الناس قد خرّب كل ما بناه الذي قبله. وانه بدلاً من ان يعيد الحياة للعراقيين أعادها للقاعدة فرجعت منتعشة فاعلة بعدما كانت على وشك لفظ آخر أنفاسها في العام 2008.
الشيء الذي أدهشني بهذا الرجل الصريح فهمه بان الحل العسكري لوحده لا ينفع مع الإرهاب والإرهابيين. وانه مهما زادت القوات عدة وعددا فلا نفع في قراراتها ما لم ترافقها قرارات سياسية ونفسية واجتماعية سليمة. أختصرها بما كنا قد بحَّ صوتنا في تنبيه أهل الخضراء ورئيسهم عليه، وهو ان من لم يعش بين الناس لا يعرف كيف يحميهم.
العيش بين الناس في وضع مثل وضع العراق يحتاج شجاعة في بادئ الأمر. أذكركم بما قلته سابقا عن الشهيد عبد الستار أبو ريشة وكيف انه ظل يقارع القاعدة بين أهله ولم يقبع نفسه بخضراء ووجوه حسنة. الأهم من الشجاعة ان الشعب لا يعاشره إلا من يحبه. أي مؤرخ منصف لا يمكنه إغفال ما كان يفعله عبد الكريم قاسم الذي يقضي أغلب وقته بين أبناء الشعب خاصة الفقراء فعرف كيف يخدمهم. وبعد الشجاعة وحب الناس تأتي الحاجة اليهم.
الحكومة، وأخص رئيسها، لا تحتاج الناس بل تحتاج أصواتهم فقط. ان من لم يعش بينهم ويأكل ما يأكلون ويتحدث ما يتحدثون ويحزن حين يحزنون ويغني عندما يغنون ويلطم يوم يلطمون، ثم ينتخبه الملايين منهم، فهذا يعني انهم صوتوا له بدوافع طائفية بحتة. دوافع لا يرتجى منها بناء ولا إعمار ولا استقرار، بل خراب وموت ودمار.
الحاكم الذي يحيط نفسه بجماعة خاصة من دون عامة الناس في بقعة محصورة بسياج، حتى وان كان أخضر، فهو، وفقا لعلم النفس الاجتماعي، أما منبوذ أو انه يحتقر الناس. وهل يصلح احدهما لقيادة دولة وحماية أهلها؟
المضحك ان احد المستشارين، كما يبدو لي، التقط تصريح بترايوس فاقترح على دولته زيارة الرمادي ظانا انها وسيلة للعيش مع الناس. لا يا حضرات المستشارين. فعقد اجتماع لمجلس الوزراء في البصرة او الرمادي او كركوك او اربيل او زيارة خاطفة لهذه المحافظة او تلك لا يعني العيش مع الناس. ان العيش معهم لا يفهمه الا من يفهم المعنى العميق في شطر الدارمي القائل:
والياكل اشمدريه واليثرد اثبت.
العيش مع الناس وبينهم
[post-views]
نشر في: 10 نوفمبر, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 2
خالد إبراهيم
لا أحد يريد أن يعيش مع الناس
كاظم الأسدي
العزيز د هاشم المحترم .. مع كل الإحترام لما تفضلت به ولكني أجد أن من يحب شعبه ويخلص له !! يدرك حاجاته حتى وهو بعيد عنه آلاف الكيلومترات وها هو هاشم العقابي يسطر من غربته معاناتنا وهمومنا اليومية وكأنه بيننا !! 2ـ لايمكن إجراء أية مقارنة أو مقاربه بين الش