عوني كرومينادرا مايرتبط اسم الفنان وعمله بموقفه السياسي والاجتماعي مثلما ارتبط بالفنانة زينب حيث بدأت اعمالها الفنية تأخذ تحليلاتها وتفسيراتها استنادا الى موقفها الفكري واصبح الموقف الفكري يفسر اي شخصية من الشخصيات التي تمثلها مما جعلها تقف في محطة صعبة ومعقدة عندما تمثل شخصية سلبية او شخصية في موقف متذبذب وهذا ما جعلها ترفض العديد من الشخصيات المسرحية التي لاتتناسب مع شخصيتها
وقوتها وفعاليتها الاجتماعية وكثيرا ما كانت ورطتها كبيرة عندما يفسر المشاهدون ادوارها ويقولونها كما يرغبون هم بذلك فيعيدون ترتيب القصة والمعنى حسب مايريدون ان يروه في زينب ونموذج زينب الاجتماعي لان زينب هي الاخرى اهتمت بالنموذج الشعبي الذي تقدمه وتسلط من خلاله موقفها عن الواقع، وكثيرا ماكنت تجد صعوبة عندما تحاول ان تخرج عن النمط وتدخل في تلاعيب الدور وظروفه، وهذا بالذات يحدث عندما تمثل شخصية سلبية بالرغم من تطور الوعي الفني عند الجمهور، كان البعض يخرج ومعه غموض ومحاولة تفسير وتأويل تصل حتى درجة التناقض بين العرض ومفهومه وفي بعض الاحيان كانت هذه الحالة ايجابية تحسب للعرض لانها تثير الجدل والنقاش والحوار، وقد يستمر هذا طويلا حتى تخرج الصحف في الايام اللاحقة بعد العرض لكي يحسم النقاد بعضا من هذا الجدل عندما يسلطون الضوء على خلفيات الاحداث الشخصية ويعملون على توضيح بعض مرافقها مما كان يضطرها في بعض الاحيان الى ان تعد مقابلة تشرح فيها ماسوف تمثله لكي يتهيأ الجمهور لذلك او تحسم هذا الجدل في ندوة او مقالة صحفية لكي تسلط الضوء على ماتريد ان تعبر به من خلال شخصيتها. ان قراءة الفنانة زينب لبعض ادوارها ومحبتها لتمثيل ادوارها كما تهوى او كما يجب ان يكون بسبب تأثير المخرج كانت تقع في تقاطعات مع جمهورها ورغبتها بان تكون فنانة ممثلة تعمل من خلال دورها السلبي او الايجابي في الفيلم او المسرحية واعتقد ان اكثر هذه النقاشات الشعبية كانت تدور حول دورها في عقدة حمار وفيلم الحارس اما في مسرحية بيت برنارده البا، فقد كان البعض يتعاطف معها وليس ضدها وكانت القسوة التي حلت على الفتيات وكأنها قوة من ارادة خارجة عن ارادة الشخصية، كانت الجماهير تتعاطف مع النماذج الشعبية التي قدمتها مثل انا امك ياشاكر او حتى في مسرحية النخلة والجيران حيث تألقت فكرا وموقفا وشخصية مع الشخصية المستلبة المغلوبة على امرها، والتي تكافح لكي تعيش وتعمل وتنتصر، كانت هذه الادوار اكثر قربا الى قلبها وادائها، حيث البساطة والعفوية والتجربة الحياتية تصب في معين الدور والعرض، كانت تعتقد انها مستلبة ومغلوبة على امرها وحياتها لكن هذه الحياة يجب ان تعاش وتعاش بكرامة وكبرياء لهذا تحملت الكثير وصبرت على الكثير الكثير وبقيت راعية الى دورها في الحياة واهميته في تحقيق توازن. لقد ماتت كبطلة تراجيدية من الطراز الاول، مجاهدة في المسرح وفي الحياة لم تهزها النكبات والكبوات بل كانت ترى فيها سببا ومبررا للوجود والكفاح والاستمرار. لقد ارادوا لها الموت وها هو قد تحقق ولكنه لايعلمون كم كان هذا الموت البطولي لكي تعيش اجيال واجيال من المثقفين تذكرها بكل اعتزاز وفخر، لقد قالت لي يوما وامام جمهور المشاهدين عندما عرضنا مسرحيتنا ترنيمة الكرسي الهزاز، ان ماتقدمونه هو حياتي، هذا انا، ان الجسد يموت ولكن الابداع لايموت والخلاص كل الخلاص هو ان نجود باجسادنا واصواتنا وافكارنا ترانيم للحياة ان موتها كان الترنيمة الاخيرة. هذه الكلمة القيت في اربعينية الراحلة عام 1998
شخصية تراجيدية في المسرح والحياة
نشر في: 11 نوفمبر, 2009: 03:33 م