اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > ساحة الطيران.. فائق حسن يواسي كنيسة الأرمن

ساحة الطيران.. فائق حسن يواسي كنيسة الأرمن

نشر في: 11 نوفمبر, 2013: 09:01 م

عربات خشبية واخرى حديدية،بسطيات،امتزجت في بضائعها صور العوز مع رائحة الفواكه والخضار، تعاونت على احتضانها أرصفة وشوارع،عيون من قلق عمال البناء اتخذت من الجانب الآخر مأوى لها،وعلى الرغم من محاولات الارهاب بابعادهم عن تلك الأمكنة لكنهم تحدوا شظايا المو

عربات خشبية واخرى حديدية،بسطيات،امتزجت في بضائعها صور العوز مع رائحة الفواكه والخضار، تعاونت على احتضانها أرصفة وشوارع،عيون من قلق عمال البناء اتخذت من الجانب الآخر مأوى لها،وعلى الرغم من محاولات الارهاب بابعادهم عن تلك الأمكنة لكنهم تحدوا شظايا الموت من اجل ادامة عجلة الحياة، الرحلة بين ساحتي التحرير و الطيران على الرغم من قصر المسافة التي لا تتجاوز عشرات الامتار، لكنها آلاف الكيلومترات من سعة الذاكرة وارشيفها في تاريخ العراق،على اليمين تكتظ محال التصوير وعلى اليسار حديقة غازي – حديقة الأمة حاليا - التي تمتد من جدارية نصب التحرير وتسير بمروجها الخضر بخطى الربيع معانقة الطيران ولوحة ثورة تموز للفنان فائق حسن، من بعيد يلوح خزان المياه تجاوره الكنيسة البيضاء، كنيسة القديس كريكور لوسافوريج وتعد الكنيسة الرئيسية لطائفة الأرمن الأرثوذكس في بغداد.
جدل بشأن التسمية
تعددت الآراء وتباينت بشأن اسباب تسمية ساحة الطيران بهذا الاسم عند المواطنين الذين يسكنون بالمناطق التي تحيطها،بعضهم كان قريبا من التسمية في اجابته ولكن الاغلب جانب حقيقة التسمية،من حيث طرحه حوادث طريفة وغير واقعية ومع ذلك لصقها بالروايات الموروثة من الأهل.
محمد مجيد من منطقة الفناهرة القريبة من الساحة أكد لـ(لمدى) ان سبب التسمية يعود لكون الساحة شهدت على ارضها اعدام الطيارين الاربعة الذين شاركوا في حركة رشيد علي الكيلاني،وفي حقبة حكم حزب البعث تم نصب اربعة تماثيل من البرونز للطيارين الاربعة كما يقول مجيد،لكن جمبع تلك النصب تمت سرقتها بعد عام 2003وتم صهرها من قبل عصابات الحواسم بحسب وصفه.
للعلم ان العقداء الاربعة الذي يقصدهم هم قادة  فرق  وليسوا طيارين كما يقول مجيد وانهم اعدموا مع خامسهم يونس السبعاوي في سجن بغداد المركزي وتم دفنهم في جامع ام الطبول.
الزعيم وساحة الطيران
داود سلمان صاحب عربة لبيع الفواكه وهو من "عكد الأكراد" القريب من الساحة أختلف رأيه عن ماذهب اليه مجيد فقد بين لـ (لمدى) ،ان الساحة كانت عبارة عن مرآب للسيارات التي كانت توصل منتسبي طيران الجيش الى مطار طيران الجيش في معسكر الرشيد،لذلك جاءت تسمية ساحة الطيران،فيما اكد مواطن آخر ان هناك نصباً لطائرة موجود في الساحة منذ خمسينات القرن الماضي  لذلك سميت بساحة الطيران بحسب قوله.
رأي طريف يرويه المواطن عامر رضا يقول  نقلا عن والده ، ان الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم كان ينزل طائرته الهليكوبتر وسط الساحة ،ويصطحب معه عدداً من المواطنين ويقوم بجولة في الطائرة على مناطق بغداد،ثم يعود بهم الى الساحة ليصطحب غيرهم ، وحين ذكر لي رضا ذلك لم اتمالك نفسي امام ذلك الحديث المضحك فقلت له(شنو جان الزعيم سايق طيارة تكسي).

أصل التسمية الحقيقي للساحة
نقلا عن تقرير بثته اذاعة (المدى) يقول:تأسست جمعية الطيران العراقية في حزيران عام 1933من قبل وزارة الدفاع لغرض تطوير الطيران والتوعية ،بعد وصول الدفعة الاولى  من الطيران العراقيين من بريطانيا،وفي البداية كان مقر الجمعية في وزارة الدفاع بمنطقة الباب المعظم،إلا أن الجمعية تمكنت بفضل نشاطها من جمع مبلغ مكنها من انشاء بناية خاصة بها وذلك في الثامن عشر من نيسان عام 1934في منطقة الباب الشرقي وسميت الساحة التي شيد عليها صرح الجمعية بساحة الطيران،لذا قرر مجلس امانة العاصمة بجلسته المنعقدة في الثامن عشر من تشرين الثاني عام 1940 تسمية الساحة المطلة عليها بناية المركز العام بجمعية الطيران،وتعد ساحة الطيران بداية شارع الملك غازي (الكفاح حاليا) من جهة الباب الشرقي.
رموز وشواخص الساحة
تتميز ساحة الطيران  بوجود العديد من المعالم التي لايمكن تخطيها او تجاوزها،منها جدارية فائق حسن،وكنيسة الارمن،وقاعة الفن الحديث ،وهناك معالم مهمة كانت قريبة منها قبل ان يفصلها عنها الحراك العمراني على مدى سنين طوال مرت منذ بداية تاسيس الساحة الى يومنا هذا،فكانت تعد من معالم الساحة مثل سينما غرناطة التي كانت تسمى بياقوتة صالات الفن السابع،وقد تأسست في بداية أربعينات القرن الماضي وكان اسمها في بداية التأسيس سينما دار السلام تيمّنا بعاصمتنا بغداد كما يقول الحاج فوزي محمود وهو من سكنة باب الشيخ ،ويضيف محمود ان اسمها تغير في ستينيات القرن الماضي لتصبح "سينما ريو"، لكن مالكها الجديد  وفي بداية سبعينات القرن الماضي اسماها بسينما غرناطة ،وكذلك من الشواخص القريبة من الساحة كان نصب الحصان او مايسمى بموقع النافورة،الذي تم نقله فيما بعد الى متنزه الزوراء،اضافة الى ذلك هناك مطعم "كبة فتاح" الذي يقول عنه الحفيد الوارث للمطعم سعدي عبد الكريم فتاح ان المطعم افتتح عام 1930ومايزال يعمل الى يومنا هذا ،ولم يتغير كباقي الشواخص القريبة من الساحة بحسب قول فتاح.
جدارية الثورة لفائق حسن
ذكرنا في البداية أن اهم شاخص فني في الساحة هو نصب الثورة للفنان الراحل فائق حسن وكانت تسمى ( جدارية الثورة ) أي ثورة 14 تموز. نفذت هذه الجدارية بالموزائيك لكي تقاوم حر الصيف والعوامل الطبيعية الأخرى، نفذها الفنان بالأسلوب التكعيبي المعاصر، أما الموضوع الذي تحمله الجدارية فيتناول الوحدة الوطنية بعد الثورة والمساوا والعدل والسلام والتآخي ، ابتعد الفنان فائق حسن عن تمجيد السلطات، وترى الجدارية وكأنها وجدت لجعل حديقة الامة بين عملين فنيين كبيرين هما نصب الحرية للفنان جواد سليم الذي يقع في غرب حديقة الامة ،وبين جدارية الثورة للراحل فائق حسن  التي تقع شرق الحديقة لتراها محصورة من اليمين واليسار بعملين فنيين كبيرين،وتجد في لوحة فائق حسن جميع مكونات الشعب  تسمو الى النهوض بواقعها من خلال الحمائم التي غادرت القفص بحثاً عن الحرية وبناء مستقبل جديد بعد ثورة الرابع عشر من تموز.
كنيسة القديس كريكور
الكنيسة البيضاء او كنيسة الأرمن من اهم الشواخص الموجودة في ساحة الطيران ،وكانت في السابق لا تفصلها عنها اية بناية تذكر مثلما نجدها اليوم ،كمرأب السيارات ومحال تصليح الاجهزة الالكترونية وبيعها،يقول السيد هوسيب ابو ليفون عن الكنيسة ان الطائفة الارمنية برئاستها قررت عام 1952 انشاء الكنيسة كبديل عن كنيسة اخرى فوضع الحجر الاساس لها وتم الانجاز عام 1957 وسميت كنيسة القديس كريكور المنور،وهي اليوم مقر اللجنة الادارية للارمن ويديرها المطران آفاك آسادوريان ويساعده في عمله ثلاثة رجال دين بحسب قول ابو ليفون ،وفضلا عن كونها كنيسة لكن تتبعها مقبرة كبيرة لرموز وأعلام الأرمن ولجميع المسيحيين في العراق ،ويوجد فيها قبر المس بيل التي توفيت في العراق عام 1926.
سوق الفقراء
خزان  المياه مايزال مطلاً على الساحة  وكأنه جندي ارتدى خوذته وواقف بوضع الاستعداد منذ خمسينات القرن الماضي،وهو ايضا من ملامح وجه ساحة الطيران ،وكذلك قاعة الفن الحديث التي تنتظر رحمة قادة التغيير الجدد لتعاود نشاطها الفني خاصة وانها تمتلك إرثاً مهماً من الحركة التشكيلية في تاريخ الفن في العراق،ولكنها وللاسف مغلقة الابواب وترزح تحت طائلة بنود الغياب،والكثير من الصور والرموز الأثرية يعج في هذه الساحة المهمة في ذاكرة العراقيين،والساحة بطبيعة مكانها الكائن في منطقة الباب الشرقي تعد من المناطق التجارية واشهر من نار على علم كسوق شعبية للبالات المستعملة ،ومحال الاصباغ وبيع التحف القديمة، حيث كان السوق يعتبر النافذة الرئيسية للمتسوقين من الفقراء وذوي الدخل المحدود في بغداد وما حولها من سكان المدن والقرى، قبل عقود من السنوات والى يومنا هذا ، والناظر الى ماحول الساحة  يشاهد عدد العربات التي تبيع الخضار والفواكه ،وكذلك قريناتها من التي تبيع الملابس المستخمة وكذلك محال البالات للملابس والاجهزة الكهربائية ، بل هناك بسطيات تخصصت ببيع الاحذية المستعملة ،وبالتأكيد روادها من اصحاب الدخل المحدود.
ملهى زهور حسين
شاكر لطيف -70- عاما من سكنة المنطقة اكد لـ (لمدى) ان الساحة كانت قبل التغيير تحتوي على تماثيل قادة انقلاب مايس عام 1941،ولكن بعد التغيير تمت سرقتها من قبل عصابات متخصصة بسرقة النصب التي تحتوي على البرونز،موضحاً ان الساحة كانت الطرف الاخر من حديقة غازي (حديقة الأمة حاليا)والطرف الاخر هو نصب الحرية،مضيفا ان الساحة كانت تحوي "ملهى زهور حسين" وكان سياجه من بواري القصب  وكذلك "ملهى الجواهري"  وفنادق بسيطة يأوي اليها القادمون من المحافظات لغرض العمل او الدراسة،وكذلك "مقهى باقر" وهو الوحيد في ساحة الطيران ،و مركز تجمع عمال البناء في ذلك الوقت،ولكن الان ذهب المقهى وبقي العمال كما يوضح لطيف،مبينا لـ (لمدى) ان الساحة كانت مركزا للاعبي الاندية العراقية كالطيران والشرطة والمصلحة،وكانت المنطقة عام 1955 مفتوحة،وتتمركز بالقرب منها عربات النقل التي تجرها الخيول(الربل)،ثم جاءت بعدها سيارات الخشب،ثم تلتها حافلات مصلحة نقل الركاب،ويضيف لطيف انه لم تكن هذه المحال موجودة باستثناء محل الحاج مهاوش الذي يقع في زقاق فرعي من الساحة بحسب قول ابي زينب,تركنا شاكر لطيف اللطيف باستقباله ومعلوماته وعدنا من الماضي الى الحاضر لنرى مالايسر ويجبرنا ان نقترض آلاف الحسرات والدموع لنزفرها ونذرفها على  ماض ألذ وأطيب من العافية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram