لو ادرك الإنسان خيره على الأرض لحول كوكبه الى مصحة نفسية كبيرة ليشفى سكانه فتتراجع الأنانية ويسعد البشر، ولن نجد عندها من يطمع بارض غير أرضه او يحلم بما يمتعه ويحرم الآخرين من نعمة الرخاء او الاكتفاء فما على الأرض يكفي الناس جميعا ويفيض عن حاجتهم لكنهم يفتقدون الى الإيثار وحب الغير..وهكذا، صرنا نجد جياعاً ومحتاجين وكوارث إنسانية وصار العالم ينقسم الى قسمين، قسم محروم وآخر متخم ومهووس رغم ذلك بإشباع رغبة التملك لديه..
احد هؤلاء الناس هو ذلك المحافظ الذي اصدر أمراً قبل سنوات يقضي بتجريف أراض زراعية أنتجت أطناناً من الخضروات المغطاة كالطماطم والخيار كانت قد أنقذت السوق العراقي في سنوات الحصار وحققت سياسة الاكتفاء الزراعي التي يطمح اليها أي بلد فماذا لو كان بلداً زراعياً موفور الخير كبلدنا..كانت المزارع في محافظة كربلاء وصدر الأمر في أواخر عام 2007 ونفذه المحافظ السابق عقيل الخزعلي بكل حرص لتتحول تلك الأراضي المليئة بالخير وقبل ان يكتمل جني محاصيلها الناضجة الى أراضٍ سكنية بهدف توزيعها على شهداء الانتفاضة الشعبانية لكن الحقيقة ان توزيعها شمل أعضاء حزب الدعوة الذي كان المحافظ عضوا فيه..وكان احد المتضررين موظف سابق وشيخ عشيرة معروفة في كربلاء اختار ان يوظف طاقته وماله وأبناءه لاستصلاح تلك الأرض التي تسلمها صحراء جرداء من الدولة في عام 1994بناء على عقد يقضي بتمليكها لمن يستصلحها حسب قانون الإصلاح الزراعي رقم 30 لعام 1958...
حين جرى إعدام 35 مزرعة أمام أعين أصحابها فضلاً عن طمر آبارها التي بذل المزارعون جهداً كبيراً ومالاً وفيراً لحفرها واستخراج الماء منها كما تم هدم منازل حراسها،شعر الرجل يومها ان كرامة عائلته أريقت تحت سرف الجرافات..وقال بين دموعه ان ذلك اليوم سجل تاريخ وفاته الحقيقية فلا حياة حقة في بلد لا كرامة فيه لمواطنيه...
كان الإجراء مخالفاً للقانون كونه يعدم آلاف الهكتارات الزراعية بمزروعاتها من دون سبب مقنع عدا ان السلطة المحلية أبلغت المزارعين بأن الأراضي المجرفة ستوزع كقطع سكنية لعناصر الأحزاب السياسية المتنفذة تحت بند " ضحايا النظام السابق " الذي يستخدم لإضفاء الشرعية على مكاسب أعضاء الحزب، فيما الضحايا الحقيقيون مازالوا "ضحايا " حتى هذا اليوم لأنهم لم يحصلوا على أي تعويض مادي او معنوي عن أراضيهم رغم ان المزارعين خاطبوا رئاسة الجمهورية وقتها فتعاطفت معهم وطالبت المحافظ بوقف التجريف دون جدوى..
مضت سنوات على هذا الحدث الذي ينم عن استغلال السلطة ببشاعة لتحقيق مصالح شخصية ضحاياها المواطنون..وأعود لاتذكر اليوم لأني شهدته كابنة لتلك المحافظة وتابعته كصحفية، ولأن وزارة الزراعة أعلنت مؤخراً عن منع استيراد محصول الطماطم نتيجة لوفرة الإنتاج المحلي من الطماطم المغطاة في اطار دعم الوزارة للمزارعين وحماية المنتوج المحلي..
أقول للمخلصين في الوزارة..هنيئا لنا اكتفاؤنا في بلدنا الزراعي وهنيئا للمزارعين حصيلة عرقهم وتعبهم، أما ضحايا ذلك المحافظ وأراضيهم المذبوحة فأقول لهم (هارد لاك) وعسى ان يجربوا حظوظهم في مجال آخر لاتطالهم فيه أطماع السلطة..
الأنانية إذن هي مضاد حيوي قوي المفعول ضد السعادة ونحن لم نعد نطمع بكل تلك السعادة في زمن (الديمقراطية) بل بشيء يسير من الاكتفاء بعيدا عن أعين المهووسين بالتملك رغم (التخمة)..
محروم.. ومتخوم
[post-views]
نشر في: 11 نوفمبر, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو سجاد
ست عدوية لماذا تاسفين على اعدام تلك الاراضي الزراعية الخقيقة هي معدمة من قبل كان النظام السابق الفاسد قد اعدمها وجاؤا هؤلاء اعدموا ماتبقى منها فالعراق يستورد كل المنتوجات الزراعية بما فيها باقة البصل لكونه بلد نفطي غني فلايحتاج للزراعة ويستورد من الاصدقاء