في رسالة على الخاص وصلتني على صفحتي في فيسبوك، علق قارئ على عمودي "جابر يجابر"، بعد ان قدم نفسه على انه عراقي سني ولا أدري لماذا قدمها كذلك. قال بأنه ومنذ نعومة أظفاره يعشق الردّات الحسينية واللطميات. ولما كبر، حسب قوله، صار يحتفظ بتسجيلات كثيرة منها، مع قصاصات كتب عليها ما كان يظنه أجمل الردّات التي كان يطلقها السائرون في المواكب. وصفها بأنها كانت تشعره بسعادة من نوع خاص رغم أحزانها لأنها تثير في نفسه أملا لا يعرف كي يصفه او يعبر عنه. وبعد ان قال بأن أوقع ما فيها، من وجهة نظره، تلك الأسئلة التي يثيرها الرواديد او اللطامة، ختم رسالته بالقول "صدقني يا دكتور لو ان اللطميات والردّات كانت مثل التي نسمعها اليوم لما منعها صدام، وانا معك لأنها ما عادت تخيف طاغية ولا تحرج فاسدا او مقصّرا ولا تنبه الناس لما هم فيه من خوف وظلم وجوع"!
تشخيصه لواقع الأسئلة الحسينية ذكرني بماض كنت فيه اقتنص تلك الأسئلة وأتأملها كثيرا. قصيدة "جينة ننشد كربله مضيعينها"، مثلا، تحوي أسئلة تمس شغاف الروح بطريقة يندر ان يجيدها الا شاعر مبدع مثل الحاج زاير الذي كتبها. وان كانت كل أسئلته في تلك القصيدة ترسم الواقعة بنفس عراقي مرهف الى ان سؤالا فيها كان يحيرني في كيف انه اهتدى اليه:
أرد أنشدج هم صدك بالشام عيد؟ وحطّوا بطشت الذهب راس الشهيد؟
ومن نشد زينب بديوانـه يـزيـد جـاعـده .. يـو واجفـه مخلينها؟
هل مهم حقا ان يعرف الشاعر ان كانت زينب واقفة ام جالسة حين سألها يزيد؟ قد يبدو السؤال غير مهم لغير العراقي لكنه عند العراقي كبير. لقد نجح العراقيون في جعل زينب أختا عراقية. لا بل وصارت رمزا ومثالا للأخت المضحية والصبورة. وما بين الجلوس والوقوف في ديون الطاغية يتبين الذل من العز. فهل يعرف "دولة" جارنا لماذا بكت الطفلة روان، وأبكتنا معها، يوم قالت انه من الصعب ان نبني و "زنوبة تبيع كلينكس بالشارع"؟ فهل نسيت سألناها هل كانت زنوبة واقفة ام جالسة حين كانت تبيع بضاعتها يا روان؟ قطعا يعرف القارئ اللبيب ان العراقيين يسمون زينب زنوبة للتحبيب.
وهناك سؤال في الردّات ذكرني به قارئ كريم في تعليق له على العمود ذاته قال فيه: "إبان الحكم العارفي خرج موكب أيام عاشوراء وأتذكر جزءا من احد الأبيات - جيش الجنوب بقوته يضرب شماله .. وين العدالة؟". انها صيحة إنسانية صافية واحتجاجية ضد قتل العراقي لأخيه العراقي الكردي. ليس هذا، حسب، بل وانه نقد للذات بكل جرأة. حقيقة يصعب علي وصف إحساسي يوم كنت اسمعه وحتى هذه اللحظة. سؤال بحجم وطن لا بل وبحجم أمة. لكنه يحتاج الى أمة حية كي تعرف كيف تطرحه وكيف تجيب عنه.
سؤال: أين غابت تلك الأسئلة والشعب ليس له من يحميه والوطن لا مكان آمن فيه سوى بقعة تدعى الخضراء عقلها بحجم حمّصة؟
أسئلـة حسينيـة
[post-views]
نشر في: 11 نوفمبر, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 3
نسرين محمد
الدكتور هاشم العقابي المحترم تمنيت ان تكون كلمات مقالتك موجه الى الشعب الذي يحب اللطم والتطبير ماذنب الحكومه وهي عميله وخادمه للدول المجاوره توزع ثروات البلد هنا وهناك والشعب لايريد الا اللطم ولم تساعده كل هذه التكنلوجيا في فهم واقعهم المرير ولم نتعلم من
زين العابدين
والان جيش الجنوب يضرب العراقيين في بغداد والموصل والانبار وديالى وصلاح الدين وكركوك وبابل وفي كثير من بقاع العراق ويجد العون والمدد والتاييد ممن لعبت الطائفية بعقولهم وغررت بهم احزاب السلطة وعصاباتها وهم مع الاسف كثر....هل سنسمع يوما موكبا حسينيا يرفض ضرب
ربيع العراقي
هذا المقال هو في عام 2013 والان نحن في 2014 !! الحمد لله اثبت الان ان جيش الجنوب الذي تسمونه هكذا والحشود المؤمنة من كل المحافظات الشمالية والوسط والجنوب هم من يدافعون عن ارض الوطن الغالي ويبذلووون ارواحهم في سبيله ، ناهيك عن الحس الوطني الذي لديهم على مخ