موسم "الفضائح والكبوات والسقطات" منذ اتهام السيد المالكي للدكتور الشهرستاني بـ"الغباء والكذب"، (حاشاه)، جرى التعامل معه في فريق "ما ننطيها" بسيل من "الاشاعات المشوشة". لقد ظل الرأي العام طوال شهور يبكي بسخرية على حال بلاد "حمودي، والعطية" وزيارة المالكي لواشنطن والتي وصفها المعلقون الاميركان بأنها اول جرح عميق لـ"مختار العصر" على يد اميركا، منذ زمن طويل. ولم يكن بمقدور فريق المالكي مواجهة نتائج ذلك كله، رغم محاولاته تكذيب الأخبار وتأويل السقطات والكبوات، فالشيخ خالد العطية اصدر بيانا يوضح فيه ان عمليته الجراحية كانت في منطقة العنق محاولا وقف حملة التندر الوطني، لكنه سارع الى سحب البيان ذي المفعول العكسي. كما ان سامي العسكري حاول ان ينصح المالكي (عبر المدى) بأن لا يقلد صدام حسين وأولاده في ملف احمد، لكن الامر اوجد شرخا داخل دولة القانون، الى حد ان هيئة عليا مقربة من السلطان، راحت تعاقب البغدادية على بثها لمقابلة العسكري. وحين فشل علاج النكسات المتتالية، انهمك فريق "ما ننطيها" بتصميم سيل من الاخبار التي تخلط الوقائع بالمبالغات، وتحاول اثارة الانقسام في الجبهة العريضة التي ظلت تنتقد اداء السلطان وتحذر من تداعيات غياب الحكمة.
الشائعات بدأت بكردستان، وراح أنصار المالكي يقولون بتبسيط سطحي "لقد منحنا اربيل النفط وأخذنا منها ولاية ثالثة" وكأن كردستان تريد النفط لميزانيتها الخاصة، او كأنها طالبت بأكثر مما يتطلبه النظام اللامركزي في الإدارة، هربا من إدارة مركزية غارقة في مياه الامطار.
الشائعات التي يصممها فريق السلطان طاولت المعارضين الشيعة للمالكي ايضا، مفترضة ان الجار الشرقي يمارس نفوذه لاخضاع الحكيم والصدر لسلطان ابي احمد، وكأن ايران نجحت في تغيير نتائج انتخابات نيسان ورسائلها في حكومتي البصرة وبغداد. اما المرحلة الثالثة من سيل الشائعات فهي تتولى تبسيط الخلاف الى درجة مهينة، فتفرض ان المالكي "منح" منصب رئيس الجمهورية لأسامة النجيفي، وحصل منه على ولاية ثالثة! وكأن منصب الرئيس "ارث" خالص للسيد خضير الخزاعي وحزبه، او كأن النجيفي يمكن ان يستقر آمنا على الكرسي اذا خسر تفاهماته الداخلية وانفرد به المالكي لاحقا وراح يطارده هو او معاونيه، بعشرات التهم الجاهزة والساخنة؟
عيون فريق السلطان لم تعد تقوى على رؤية ما يجري، فتحاول ان تنسج الوهم تلو الوهم مثل من ينفصل عن الواقع وينغمس في العجز ويتحول الى عزلة يائسة، وحين تتحول السياسة الى "خيال عادة سرية" يصبح كل وهم مباحا. ان الوهم الاكبر الذي استدرج المالكي نحو كل التكتيك المكلف والمؤلم والمفضي الى الانتكاس، قام على فرضية ان الشعب وممثليه مجرد جماعات رخيصة يمكن شراؤها بالمال والسلطة والخوف.
صحيح ان الانقسام العميق ونقص الخبرات السياسية والتفاوضية، اشتغلت عام ٢٠١٠ لصالح هذا الوهم الكبير وجعلته يبدو كحقيقة، الا ان التحولات الاعمق منذ انسحاب فيالق اوباما، اعادت تعريف جملة حقائق اهمها ان العراق حصيلة مراكز قوى متعددة، ولا يمكن إلغاء هذا التعدد وتلك القوى، حتى لو اشترى المالكي امثال عالية نصيف وأشباه وزير الصناعة ومن على شاكلتهم.
ان فريق المالكي يريد ان يتعامى عن حقيقة ان السلطان اصبح طرفا غير صالح لأي مستوى من الثقة، وأن مطامحه تهدد الجميع وتنذر بتمزيق البلاد دمويا. والحقيقة التي تصيب امة "ما ننطيها" بالهلع (وبالمناسبة فهي امة لا شيعية ولا سنية ينخرط فيها حسن السنيد بقدر انخراط سعدون الدليمي)، تتمثل في نتائج الاقتراع المقبل، التي ستعلن ان ممثلي محور معارض يمتد من اربيل الى البصرة، لن يكونوا بحاجة الى اي قطعة لحم يرمي بها المالكي، فحجمه لم يعد يؤهله لتوزيع الهبات والهدايا والخِلَع، وانكشافه هذا سيلعب الدور الحاسم في تخلي المزيد من انصاره عنه، لا عند صناديق الاقتراع فحسب، بل داخل كتلته نفسها، مهما حاول ان يقول خلاف ذلك.
في تلك اللحظة سيظل العاجز محض معزول في خيالات "عادة سرية" ينعشها الوهم، ويصيبها الهلع من كل الحقائق المرة، وعلى رأسها ملل الشعب ورغبته العارمة بالتغيير.
اشاعات مختار العصر وأوهامه
[post-views]
نشر في: 11 نوفمبر, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 4
فائق
نعم التعليل لكن اعتقد انهم سيجدون ما يوصلهم حتى على المبدأ الميكافيلي وسيسعون حتى الى ابشع الطرق للبقاء على هذا الكرسي اللذيذ المدر للذهب من الان بدأ المالكي يتباكى على المتجاوزين ويدغدغ مشاعرهم ويبقي على العسكر الفاشل الله يكون بعوننا ولندعو بكل قوة ونفض
موسى
انا لست من مؤييدي المالكي ولكن ان مثل هذا الكاتب يجعل الناس يلتفون حول المالكي لانه لا ينم كتاباته الا على الكره والحقد الشخصي لانني لم اقرا في كتاباته غير انه طرف ويهاجم الاخر وكان الطرف الذي يدافع عنه من صنف الملائكة اضافة الى الفساد الذي ينخر المؤؤسسات
كريم الجبوري
ان الوهم الذي يعيشه سلطان العصر كما تذكر بدأ يتشتت وبدأ يعيش واقع مرير ان الشعب والغرب ليس معه وانه بقي مدعوم من ايران التي لم يعد العراقيين يرغبون بتدخلها البليد.
ابو سجاد
استاذ سرمد هل تتوقع ان صناديق الاقتراع اقوى من الارادة الخارجية ان السلطان لم يكن في هذا المكان لولا الضغوطات الامريكية والايرانية وهل تتوقع في الانتخابات المقبلة لم يتكرر المشهد نفسه ولنفرض جدلا ان هذا الائتلاف سيتكرر من نفس الاحزاب هل يستطسع احد من هؤلا