كمال يلدو "اتخاذ الإجراءات اللازمة" هذا ما طلبه السيد خالد العطية بحق جريدة المدى وبحق الكاتب القاص وارد بدر السالم لنشره موضوعا في جريدة المدى بعنوان "برلمانيون تحت الصفر"، بعد ان اعترضت عضوة من البرلمان العراقي واعتبرت هذه المقالة اهانة للبرلمان وأعضائه وذلك أثناء جلسة يوم السبت 7/11/2009.
في حقيقة الامر، ان لكلمة " الإجراءات اللازمة" معاني كثيرة، حسب القادة الذين يطلقونها، وحسب قوانين البلد المعني، ولما كنا نتحدث في "العراق الجديد" فانها تحمل كل المعاني، وحتى لا اتعب القارئ معي، وهو الادرى بما يجري على السطح وتحت السطح. فالعراق يحتل المرتبة الأولى في العالم وبامتياز في قتل الصحفيين او مضايقتهم او تهديدهم، وهو الذي يتذكر الحادثة (الطريفة) التي جرت للكاتب العراقي المرموق "أحمد عبد الحسين" حينما نشر مقالة في جريدة الصباح استخف فيها ببعض الأحزاب السياسية وخاصة على أبواب الانتخابات لقيامها بتوزيع "البطانيات"، فما كان من عضو البرلمان، ورجل الدين المعروف جلال الدين الصغير الا ان طالب بمحاسبته في خطبة الجمعة من جامع براثا. وقام أثرها هذا الكاتب المسكين بالاختفاء عن الأنظار وترك عمله وعائلته ولا نعرف شيئا عنه حتى الساعة، هاتان الحقيقتان أوردهما، وأورد معهما مثالا من أيام النظام المباد، حينما كان يتعرض المواطن العراقي الى "قطع اللسان" اذا تعرض او تهكم على رأس النظام او النظام بذاته. سأترك الاستنتاج لفطنة القارئ الكريم، اما للنائبة المصون، فأقول لها، ليس بأموالها ولا بسمعتها، ولا بشهادتها تجلس على هذا الكرسي، بل بأصوات أناس متعبين ومساكين، ومحرومين، وهي تتنعم بالماء والكهرباء والحمايات والسيارات (رباعية الدفع – مهم جدا -) والراتب التقاعدي، وإجازات الحج والزيارات، وأخيراً الجواز الدبلوماسي، ناهيك عن المقابلات الصحفية والتلفزيونية والفضائية .وفي الوقت الضائع المتبقي من عمر هذا البرلمان يحز في النفس حقا ان لا تجري جلسة علنية يقيم بها البرلمان والبرلمانيون أداءهم أمام المواطنين الذين ربما سينتخبونهم من جديد بعدما أخفقوا على الأقل في تناول 140 قانونا او تشريعا مستحقاً لكنها رحلت للدورة القادمة! ويحز بالنفس أيضاً ان لا تتوافر أية آلية لمحاسبة الكتل السياسية ونوابها المقصرين وكثيري الغيابات او المتهمين بقضايا الإرهاب والرشوة والتزوير او الفساد الإداري. في العرف العام، ان من يتبوأ منصبا عاما او مسؤولية حكومية يكون عرضة للنقد ومن على المنابر الإعلامية، ولهذا سمي الإعلام بـ "السلطة الرابعة" أي انه يأتي مكملا للسلطات الثلاث. ومن صلب واجبات الصحفي الوقوف على الظواهر السلبية، وتعريتها وطرح البدائل لها، وليس مداهنة الحاكم او الارتزاق على موائده، ومن هنا نشأت فئة الصحفيين المناضلين وفئة المداحين او رواد الموائد الحكومية، شيء واحد محرّم على الإعلامي والصحفي في الأنظمة الديمقراطية هو المطالبة بالقتل او التحريض عليه او سياق تهمة بدون حجة، وعند ذاك يتعرض للمساءلة والتقديم للقضاء. اما في حالتنا العراقية، فإن القاص السيد وارد بدر السالم لم يقذف البرلمان ولا طالب بإعدامهم ولا مس أعراضهم، لكن كل الذي قاله هو ما يشكوه المواطنون، ومن مهنة الصحفي فعل ذلك، فلماذا تقوم القيامة ولا تقعد؟ هل شعر البرلمانيون حقا بالحرج أمام معاناة المواطنين، بينما هم يناقشون علاواتهم قبل نهاية دورتهم؟ وهل حقا يشعرون بالفخر والوطن مدمى ومحاصر من الإرهابيين والقتلة بينما هم يتنعمون بإجازتهم الصيفية ولا يقطعونها؟ وهل حقا عندنا برلمانيون، يعقدون 11 جلسة من اجل إقرار تعديل على قانون الانتخابات؟ ان ما قاله الكاتب كان قليلا بحق هذا البرلمان، وربما التزم الكياسة الأدبية وراعى حرية النشر، لكني أتمنى على الكثير من هؤلاء النواب ان ينزلوا للشارع (وبدون حمايات) ويسمعوا رأي المواطنين بهم، عند ذاك سيترحمون على مقالة الكاتب.
من يجــب أن يحاســـب من؟
نشر في: 11 نوفمبر, 2009: 04:42 م