اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > عقلانيــة الخطــاب.. ولا عقـلانيــة الـرد

عقلانيــة الخطــاب.. ولا عقـلانيــة الـرد

نشر في: 11 نوفمبر, 2009: 04:46 م

عبد الرزاق رشيد الناصري اذا كانت الصحافة لسان حال المجتمع، لسان حال الناس كافة- وهي كذلك- فقد أصبح للناس لسان واحد أو ألسنة حال متعددة تتنافس في التعبير عنهم، وإذا كانت الصحافة لسان حال، فهي أسلوب التعبير عن وجهة النظر في الرفض والشجب وفي القبول والقناعة والرضا، الصحافة هي التعبير عن الرأي لأن الصحافة بالأساس هي منبر للرأي العام عن الحكم العام عن وجهة النظر العامة.
والصحافة ليست مجرد لسان حال، ليست مجرد منبر للرأي العام، بل هي كذلك منبر للسلطة العامة، الصحافة سلطة. هي سلطة رابعة بالتعريف التقليدي للسلطات. ان وجود الصحافة في حقيقة الأمر تعبير عن الاحتفال والعناية والاحتفاء بإدارة الملايين من البشر والحرص على كسب هذه الإدارة هي قبل كل شيء ملك للشعب وهي وسيلة الشعب في التعبير عن رأيه، وهي بهذا أرقى مستوى من القدرة والممارسة النقدية ما يجعلها وسيلة إنسانية حضارية بالغة الرفعة لتأكيد إنسانية الإنسان وتحقيق إرادته الجماعية في التقدم والحرية. وهي دليل عمل ومرشد أمين الى الحقيقة، ولأنها هكذا فاليوم يمارس الناس حقهم في الجهر بمطالبهم المشروعة والأساسية وحقوقهم المهضومة التي افتقدوها بشكل شرس على أيدي من هم ممثلو الشعب كما ينبغي ان يقال. ان ممثلي الشعب لا يعلمون شيئاً عما يعانيه الناس لأنهم معنيون بشأنهم فقط بمصالحهم الذاتية وبما يتمتعون به من المال العام بشكل رواتب لا يدرون ان ما جاء بمقالة الصحفي في جريدة المدى هو بعض مما يتداوله الناس ويرددونه ليل نهار في كل مكان. في الفضائيات والصحف وفي الشارع والمكتب والبيت، وممثلو الشعب في شغل شاغل عن كل ذلك، لأن ما يكتب وينشر وما يتحدث به الناس وما يطرحونه من استغاثات وشكاوى لا يعنيهم من قريب أو بعيد وبالتالي فهو لا يدفعهم الى فهم حقيقة بسيطة ومهمة جداً هي ان ما يجتمعون عليه اليوم من محاولة مقاضاة جريدة المدى هو بالأحرى دعوة مخلصة لهم لاستدراك ما فاتهم ويفوتهم من تقصير واستهانة واستخفاف بالناس وبالقوانين والأنظمة والأعراف، لأن ما جاء بمقالة الصحفي هي حقائق دامغة ووقائع شاخصة لا تحتاج الى دليل، فكان الأجدر بهم الإفادة منها والتنبه لما أشارت اليه ووضحته بشيء من السخرية في التناول والتعبير، وذلك واحد من أساليب الصحافة في كل مكان وقبل هذا هو الآن أسلوب الناس في التعبير عن احتجاجهم ورفضهم لما يجري وشجبهم الممارسات الكيدية التي ينتهجها ممثلو الشعب (مجازاً)، إذ كان ينبغي عليهم في الرد على ما جاء في المقالة هو ذكر الاعمال المطلوبة والانجازات المتحققة التي قدموها للشعب.. ليس لديهم سوى الإيغال المتعمد في إهمال قضايا الناس ومشا كلهم التي باتت خارجة على التحديد لكثرة ما توالد منها بفعل التراكم والانشطار. ان ما يلفت النظر في موقف النواب هذا يدعو للعجب العجاب، هو القدرة الخارقة لديهم في الدفاع عن مغانمهم المادية وامتيازاتهم الأسطورية. من أين يبتدئ من يريد التصدي لهم في أخطائهم المقصودة والمتعددة، والى أين ينتهي؟.. انها سلسلة من الأخطاء والممارسات الباهظة في الاستخفاف بحقوق الناس ومطالبهم. قليلاً من التروي والحكمة أيها السادة لتعودوا الى أنفسكم وتراجعوا مواقفكم على ضوء ما تطرحه الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى وما يردده الناس بألم وحرقة وبأسف ولوعة على الضياع والتضييع اللذين هم فيهما. وهكذا تجتمعون بسرعة على رفض ما يمسكم ويفضح ما أنتم فيه من قطيعة مع الشعب وعزلة وضعتم أنفسكم فيها، كل ذلك من أجل مرتبات أسطورية وسفرات وايفادات وإجازات صارت أضحوكة للناس وكوميديا سوداء تعرض أمامهم من دون توقف أو استراحة. نحن في عصر النقد الشامل أي الحكم على الحياة والمجتمع، فاليوم تجتمع إرادة الناس على الجهر من أجل المشاركة الفعالة في النقد، وذلك عبر وسائل الإعلام وعلى رأسها الصحافة. والصحافة ليست لعبة ألفاظ أو رطانة لا تفهم، هي ملك الناس، أداة الشعب في التعبير عن رأيه. هناك علاقة دقيقة وحساسة بين ان تحكم على الشيء وان تتحكم بالشيء، ان تحكم على الشيء معناه ان تبدي رأياً ومعنى ان تتحكم بالشيء أي تسيطر عليه وتستغله وهذا ما تفعلونه بالناس، تتحكمون بمصائرهم وأقدارهم وترفضون ان يحكموا عليكم برأي أو بمقالة في جريدة وأشياء أخرى مماثلة. الحكم عندكم تحكم وسيطرة وهذا ما يفتح هوة بينكم وبين الشعب، وهذا ما تعمل الصحافة على ردم وإلغاء تلك الهوة التي ما انفكت تمتد وتتسع.. في الصحافة تتم أرفع صور النقد الاجتماعي والحضاري وبذلك تتوفر النظرة الكلية والشاملة الى العصر والمجتمع، وتتلاقى الخبرات والتجارب المتنوعة وتنضج وتتبلور في خبرة عامة مشتركة، وبذلك تتحقق وحدة الإرادات الاجتماعية لأطياف المجتمع، وهذا ما ينبغي ان يكون عليه الصراع بين السلبي والايجابي.. بين الذي يبني والذي يخرب، وهو مهما يكن من شيء هو صراع من أجل تحرير الصحافة من الوصاية والرقابة المتعسفة والتسخير، وتحرير الصحافة هنا هو تحرير المجتمع من الخوف والتبعية والمذلة والخنوع، وذلك من أجل ان تتمكن القوى والطاقات الاجتماعية المتقدمة من الحكم والتحكم في مجتمعاتها.. الصحافة وبالأساس نقد شأنها شأن أي مسلك إنساني واجتماعي أخر سواء كان ذلك فكرياً أو اجتماعياً أو وجدانياً.. الصحافة مشاركة فعالة في تعميق الوعي بالحقائق وبلورة الوجدان المشترك للناس في التعبير عن ه

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram