الدراما الوثائقية هي المسرحيات المكتوبة عن مصادر وثائقية وتم استخدامها في المسرح والسينما والتلفزيون والراديو، وتتعامل تلك المسرحيات بشكل خاص مع القضايا المعاصرة استناداً إلى الوثائق وتشمل التقارير الحكومية ووقائع المحاكمات، والموضوعات الصحفية والأفلام الإخبارية، وينبع مفهوم (الوثائقية) من الإيمان بالحقائق والاعتماد عليها والذي بدأ بظهور الفلسفة الوضعية-الإيجابية، وأصبحت المعلومة نفسها جزءاً أساسياً في سيطرة الحكومات.
في الاتحاد السوفيتي السابق قام قسم التوعية والدعاية بتوظيف عدد من الفرق المسرحية سمّيت (ذوو القمصان الزرق) لتقوم بتقديم تسهيلات شملت (الجريدة الحية) التي تعرض فيها حقائق عن الثورة الاشتراكية، وانتشر هذا الموضوع من العروض المسرحية في أنحاء أوروبا خلال العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي.
في الولايات المتحدة الأمريكية كان لمشروع المسرح الفيدرالي وحدة تخصصت بتقديم (الجريدة الحية) يتولى إنتاجها وإخراجها عمال الصحافة والمسرح العاطلون عن العمل، ومن جملة أعمالها عروض تتعلق بالإنتاج الزراعي، مثل (ما تحت الأرض المحروثة) عام 1935 وعروض أخرى تتعلق بأزمة السكن كما في مسرحية (ثلث الأمة) عام 1938، وفي أوروبا قام عدد من المسرحيين المبتكرين بتطوير الدراما الوثائقية ،منهم الروسي (ميرهولد) والألماني (بيسكانور)، أما (بريخت) فلم يلجأ في مسرحياته إلى تقديم الوقائع الفعلية بشكل درامي ولكنه استخدم الفيلم والشرائح المنعكسة على الشاشة واللافتات كوسيلة من وسائل التوثيق.
بعد انتفاضة الطلبة عام 1968 بدأت مرحلة جديدة من الوعي السياسي الصاعد .وفي ألمانيا قدم (بيسكانور) سلسلة من المسرحيات الوثائقية الجديدة ، منها مسرحيات تعرضت للهولوكوست، ومسرحية "النائب" للكاتب "هوجت" وذلك عام 1963، ومسرحية بيتر فايسي "التحري" عام 1965، وفي بريطانيا قدمت "الورشة المسرحية مسرحية وثائقية بعنوان "يالها من حرب لطيفة!" ومهدت لاتجاه مسرحي جديد هو "مسرح الحقيقة" وتمثل في المسرحية المرتجلة لبيتر بروك "يو أس US" 1966 التي تعرضت لمآسي الحرب في فيتنام، والتنديد بها والمطالبة بإيقافها، وكانت انعكاساً لمسرحية ميغان تيري المشهورة "فيث روك" الأمريكية "علماً ان الراحل جعفر علي قدم تلك المسرحية" مع طلبة أكاديمية الفنون الجميلة" في السبعينات في بغداد وفي قصر "الأخيضر"، وقدمت "فرقة مسرح الشمس" الفرنسية بقيادة "ايربان مينوشكين" مسرحية "الملائكة القتالة" عن الحرب في الكونغو لما بعد الكولينيالية بحسب طروحات "بيتر فايس" تتصف الدراما الوثائقية بالمواصفات الآتية:
1. اعتماد التقارير الفعلية وليس المخترعة.
2. موضوعاتها سياسية واجتماعية.
3. تتبنى موقف المراقب للأحداث وتطرح الحقائق للتقويم.
4. لا شخصيات بيئية أو أجواء منزلية بل موضوعات تخص المجتمع بالكامل.
5. شخوصها كاريكاتيرية.
6. تستخدم الأغاني والكورال والتمثيل الصامت والأقنعة والتعليقات.
7. تحتوي على إدانة كل ما هو سلبي.
8. تعتمد الدراما الوثائقية للذهاب إلى المصانع والمزارع وتبتعد عن أماكن المسرح التقليدي.
9. لا يحقق الدراما الوثائقية إلا العمال أنفسهم ومنظماتهم المهنية والسياسية.
10. تقف الدراما الوثائقية بالضد من العبثية ومسرح اللامعقول.
من أمثلة الدراما الوثائقية مسرحية بيتر فايس "حديث من فيتنام" ومسرحية "مارا-صاد". وفي العراق كانت مسرحية "الحرامية" ليوسف العاني مثالاً للدراما الوثائقية وقدمتها فرقة المسرح الحديث عام 1968 وأخرجها سامي عبد الحميد وقاسم محمد وقدمت في قاعة الخلد، وفيها استعراض لنضالات الشعوب ضد القهر والاستعمار والاستبداد.
الدراما الوثائقية
[post-views]
نشر في: 18 نوفمبر, 2013: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...