الرجل فارق الحياة قبل ان يشهد العراق "نظامه الديمقراطي " كان يعمل ميكانيكي مطابع ، وعرف بضخامة جسمه ، ووفر له عمله التعرف على مثقفين وصحفيين معظمهم من المنتمين لأحزاب معروفة ، فضل ان يكون مستقلا ، والابتعاد عن خوض المعترك السياسي ، لاعتقاده بان النشاط الحزبي يصادر جزءا من حريته الشخصية ، وعلى الرغم من تمسكه بموقفه هذا إلا انه تعرض للاعتقال في سنوات احتدام الصراع السياسي ، وظل محافظا على علاقاته بأصدقائه الحزبيين ولطالما اخبرهم " بانه ملطخ بدم المجاتيل" وبسبب ذلك تعرض للجرجرة والطبطبة من رجال امن السلطة ، ثم يخرج بعد إثبات عدم انضمامه لحزب يعارض الحكومة ويسعى للإطاحة بها للوصول الى السلطة .
المرحوم " طراك ثجيل" يبدو اسمه جملة مفيدة ، وسلوكه يتطابق في بعض الأحيان مع اسمه الشهير ، وأهالي منطقته القديمة من الجيل السابق تحتفظ ذاكرتهم بأحداث بطلها ابن ثجيل ، فهو على استعداد لتقديم خدماته لنصرة المظلومين باستخدام عضلاته المفتولة لرد كيد المعتدين ولتخصصه في ضرب "الراشدي المحمودي" بقوة ربع حصان على وجه الخصم أشاع في الحي ثقافة نبذ المشاجرات لخوف المتخاصمين من تعرضهم لعقوبة طراك .
أبناء المرحوم الثلاثة وبتشجيع أمهم في تحقيق أمنية زوجها في إقامة نظام ديمقراطي انضموا الى حزب سياسي ، كان الأب يتعاطف معه ، واحتفظ بعلاقات طيبة مع قيادييه الراحلين ، الأبناء يروادهم الشعور بانهم بحاجة ماسة الى خدمات "طراك ثجيل" ليلقن مخربي المشهد السياسي دروسا في احترام إرادة الشعب ، الابن الأكبر اخبر شقيقيه بانه سمع حديثا إذاعياً لعضو قائمة العراقية الحرة عالية نصيف ذكرت فيه استعداد تركيا لتشكيل قائمة انتخابية تضم شخصيات شيعية وسُنيّة من العراقية والتحالف الوطني لخوض العملية الانتخابية ، وانها ستقدم الدعم المالي واللوجستي لتحقيق أهدافها في حصول شخصية موالية لأنقرة على منصب رئيس الوزراء العراقي المقبل، وأثناء تداول الأبناء موضوع احتمالات التدخل الإقليمي في الشأن الانتخابي العراقي توصلوا الى حقيقة ان حلم الأب في إقامة نظام ديمقراطي لن يشهده الأحفاد ، محملين القوى السياسية الفاعلة في الساحة مسؤولية السماح لأطراف خارجية بان تكون عنصراً فاعلاً ومؤثراً في المشهد العراقي المرتبك والملتبس بفضل جهود الخيرين من "أبناء القائمة المغلقة " القابعين في المنطقة المحصنة.
حديث الأبناء سمعته الأم ، وداخل مطبخها لوحت بالجفجير وأبدت استعدادها لتنظيم تظاهرة تشارك فيها نساء الحي احتجاجا على التدخل الإقليمي في الشأن العراقي، وفضح من يتصل بتركيا وايران والسعودية وغيرها للحصول على دعمها في حملته الانتخابية تمهيدا للحصول على منصب ولقب دولة رئيس الوزراء. معظم العراقيين يتفقون مع رأي تلك المرأة وأبنائها الثلاثة في تحقيق حلم "طراك ثجيل" بإقامة نظام ديمقراطي بنسخة وطنية لا تركية ولا سعودية ولا إيرانية .
طراك ثجيل
[post-views]
نشر في: 18 نوفمبر, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 1
علاء
ويبقى الجفجير سيد المواقف على مر السنين، لطالما حسم امور معقده