تأخذ المواطن العربي الدهشة إلى أقصى مداها حين يستمع إلى خطاب السيد نوري المالكي وهو يؤكد فشل الإرهابيين في استهداف زوار عاشوراء ويهنئ قواته على نجاحها بحفظ أمنهم في حين تناقلت الأنباء سقوط حوالي الاربعين قتيلاً ومائة جريح نتيجة هجمات إرهابية استهدفت مواكب العزاء التي أكد المالكي فشل استهدافها، فقد قال المالكي ما يغاير الواقع إما لأنه لم يعرف بما جرى نتيجة انشغاله بمجلس العزاء الذي أقامه ولطم فيه وإما لأنه يظن أن العراقيين والعالم لا يعرفون غير ما يريد لهم أن يعرفوه فقد تحدث بثقة ليس معروفا ولا مفهوما من أين استمدها عن فشل مخططات الإرهابيين اليزيديين الجدد في استهداف زوار الحسين.
قدّم المالكي العزاء للعراقيين والعالم في ذكرى استشهاد الإمام نتيجة تخاذل مناصريه باللسان وانصرافهم عن شد أزره لكنه نسي او تناسى مواساة عائلات الضحايا الذين سقطوا نتيجة تخاذل قواته الامنية التي استحقت عنده الإشادة لتصديها ببسالة لمخططات الإرهاب دفاعا عن أرواح الزائرين وكأن شهداء الهجمات الارهابية ليسوا من الزائرين او لا يستحقون التعزية بهم، وبينما انشغل السيد المالكي باللطم في مجلس عزائه وانصرف للاشادة ببسالة قواته الامنية كان العالم يعزي العائلات الثكلى، ويدين الجريمة، فقد دان ممثل أمين عام الأمم المتحدة في العراق بشدة الهجمات وشدد على أن الرأفة والشرف والتضحية هي قيم عالمية " وهي في الواقع قيم ثورة الحسين " يتعين على الجميع التمسك بها كما دانت واشنطن التفجيرات، وقدمت السفارة الأميركية في بغداد تعازيها لعائلات الضحايا وتمنياتها بالشفاء للجرحى، وللقارئ أن يوازن بين هذه اللغة التي تلامس الواقع وبين لغة المالكي التي يحار الإنسان في وصفها.
تثبت التجربة العراقية أن كثيراً من الزاعمين بأنهم من أتباع أهل البيت إنما هم كذلك بالوراثة وليس بالاختيار المبني على فهم فلسفة الحسين حين خرج ثائراً وهو موقن أنه سيكون شهيداً، كان سبط المصطفى يضرب المثل لمن يتولى القيادة على مر العصور بأن ينصب اهتمامه أولا على الإنسان من حيث تمكينه من نيل حقوقه كافة، لكن حاكم العراق اليوم وباختياره ينحاز عن هذا الفهم إلى تبجيل الطقوس المختلف عليها، ولعل في هذا يكمن سر ما سمعناه يوم العاشر من محرم هذا العام من هتافات تعالت أصداؤها في ضريحي الحسين والعباس وهي تطالب بإطاحة كل السياسيين الذين يتمسحون بالمذهب لغايات انتخابية وبما يشكل إرهاصات ثورة شعبية شيعية ضدهم وكان الهتاف الأزلي للإمام الشهيد "هيهات منا الذلة" يعبر عن الرفض المطلق لاستغلال ذكرى لايمكن وصفها بغير العظيمة والمحزنة لتحقيق أهداف دنيوية ودونية في آن معاً.
الواضح أن ساكني الخضراء لم يأخذوا من المذهب غير ما يحقق مصالحهم الحزبية والشخصية، متجاهلين الرسالة العميقة والعظيمة لدم الحسين، الذي أريق لتعلو راية الكرامة الإنسانية على كل ما عداها، وإلا فكيف نفهم إشادة المالكي بأداء قواته الامنية في ذكرى عاشوراء، بينما أرواح أربعين عراقياً تصعد إلى بارئها، تشتكي ظلم العدو، وتجاهل من كان يُفترض أن يحميهم منه، أو على الأقل أن يتفجع لنهايتهم المؤلمة بدل اللطم الناعم الذي كان يمارسه مع مريديه المحميين في المنطقة الخضراء، دون أن يسمع الهتاف الأزلي " هيهات منا الذلة.
هيهات منّا الذلة
[post-views]
نشر في: 18 نوفمبر, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو سجاد
استااذ حازم السلام عليكم اولا الرجل كان صادقا بقوله لكون القتلى كل يوم اضعاف هذا لعدد والاربعين قتيلا واكثر منهم جرحى من حقه ان يجعله انتصارا كون هذا العدد لايساوي شيئا باالالاف التي سقطت من جراء سياسته الرعناء ولكن المصيبة الكبرى عندما يعلن ان القاعدة ا