في خطاب تدشين المحطة الكهربائية "الانتخابية" استنكر السيد المالكي "التقوّلات" حول الصراع السني الشيعي، واعتبر أن ما يجري في البلاد "ليس صراعاً بين السنة والشيعة"، مضيفاً أن "هذا غير موجود عبر التاريخ، وإنما هي فتنة صُنعت في الخارج من اجل تعطيل المنطق
في خطاب تدشين المحطة الكهربائية "الانتخابية" استنكر السيد المالكي "التقوّلات" حول الصراع السني الشيعي، واعتبر أن ما يجري في البلاد "ليس صراعاً بين السنة والشيعة"، مضيفاً أن "هذا غير موجود عبر التاريخ، وإنما هي فتنة صُنعت في الخارج من اجل تعطيل المنطقة"!..
اذاً هي فتنة صنعت في الخارج، والمقصود كما يبدو من عبارة "أن الخارج يقوم بتعطيل المنطقة"، أنها مستوردة من وراء المحيط، أو في البلاد الانكلوسكسونية، ولا يمكن أن تكون من صناعة دول البلقان مثلا. فالفتنة معنية باستهداف المنطقة، بشطريها العربي والإقليمي. وهذا الاعتراف إن لم يكن "شقشقة" او زلة لسان، فأن من شأنه أن يرفع المسؤولية او يلغي الاتهامات التي لم تنقطع، عن اي دولة عربية قصدها المالكي وفريقه طوال ولايتيه، يوم حمّلها المسؤولية السياسية والأخلاقية عما يجري في العراق من شقاق وتوتر وتطاحن بين الفرقاء السياسيين، السنة والشيعة. وكلماته في ذات الوقت، تظهر تدني الخطاب السياسي "الديماغوجي" التحريضي، الذي أجج الصراع، ومزّق النسيج الاجتماعي الوطني، ووضع البلاد على شفى الانهيار.
وأهمية هذا الإقرار تكمن في الحاجة الى مراجعة سياسية جذرية، تتناول السياستين الداخلية والعربية - الإقليمية، لأنها مجتمعة ومنفردة، مستهدفة بالفتنة، وما يترتب عليها من نتائج وخيمة على كياناتها وشعوبها، والعلاقات البينية التي تشكل عامل تطور لها أو انتكاس وتراجع، ارتباطاً بفهمه للفتنة و"صنّاعها" والهدف من ورائها، وما تتطلب من تدابير لوأدها، قبل ان ينبعث الدخان من تحت الرماد.
وليس بالامكان القيام بذلك، دون تداولٍ وحوارٍ وتنسيق. ويتعذر ذلك، اذا لم يستطع العراق إقامة علاقات جوار وصداقة وسلام على المستويين العربي والإقليمي، على ان يتوخى الحذر من صنّاع الفتنة ومصدّريها، ان كان يعرفهم بالاسم والتفاصيل اللوجستية.
واشك ان ما ورد في الخطاب من انتباهة لهذه القضية المحورية، أمر مُخطط له، درس السيد رئيس مجلس الوزراء ما ينطوي عليه من معنى، وما يتطلبه من مخارج وتدابير، الا اذا كان الامر مرتبطا بالتحرك الاخير باتجاه حلحلة الأزمة مع الجارة تركيا، والإعلان عن الاستعداد للتحرك خطوة ابعد من ذلك، لتفكيك الأزمة المستدامة مع الدولة العربية الشقيقة، المملكة العربية السعودية، وغيرها من بلدان الخليج العربي.
ولأن الرئيس الأوحد لدولتنا الفاشلة، ومصمم سياساتها ومنفذها، لا يعني ما يقول، وان خطاباته وتصريحاته، هي مجرد تهويمات، و"كلام على عواهنه"، فإنه يعود في نفس الخطاب ليفند ما اقر به من نفي الطابع السني - الشيعي للصراع في العراق، والتأكيد على الطابع العابر للمنطقة لصناعة الفتنة الطائفية. فهو يعود ليصبَّ جام غضبه على بعض الشركاء في حكومته، ممن يروجون للإرهابيين، فيسمونهم بـ"المجاهدين"، ويحرضون على حكومة العراق في لقاءاتهم مع الغير، قاصداً بذلك، دون شك، قيادات عربية وإقليمية، تجمعها بالشركاء علاقات مصاهرة سياسية ومصالح فئوية تتعارض مع انتمائهم الوطني العراقي.
وهو يستخدم هذه المرة ايضاً، ما عرف عنه من "تساهل" في اتهام الخصوم والمختلفين معه، بالخيانة. فيطلق بالونات كلامية، بصيغة يقينية، حول أشباحٍ يتحركون في الظلام، يحوكون التآمر، ويتهامسون بالسوء، ويستطيع هو بقدرة قادر ان يترصدهم، ويلتقط همسهم، اسوة بمعلّقته التي بان بطلانها، وفقدت صلاحيتها، حول ملفات الفساد التي كان يلوّح بها طوال سنوات، ثم تبيّن انها "ناقصة" كما اعترف مؤخرا، وسبب نقصانها ان المسؤولين الكبار، والحواريين من حوله، من رجال الاعمال ومدراء الشركات الوسيطة، يخافون الإدلاء بما لديهم من معلومات ووقائع دامغة حول الفاسدين وسرّاق المال العام!
واذا التقطنا خلاصة ما أنتجه من حقائق وتوجهات في خطاب "الطاقة" الانتخابي، سنخرج بالحيثيات التالية التي تعود بنا إلى المربع الخاوي البليد:
- ما يجري في العراق ليس صراعاً شيعياً- سنياً، وإنما فتنة، صُنعت في الخارج..
- الفتنة تستهدف المنطقة كلها، وهذا يعني الدول الإقليمية والعربية، وبتحديدٍ ادق، فإن بين الدول المستهدفة، تركيا الأطلسية والسعودية.
- اذاً الشيعة والسنة في العراق هم ضحايا الفتنة، ووقودها، وساستهم معنيون بها، وموضوعٌ للفتنة، وسهامها..
- لكن هؤلاء الساسة، من مكوّنٍ بعينه، متهمون بالتحريض على العراق لدى حكومات دولٍ في المنطقة، وليس خارجها، ومتواطئون على تشجيع الارهاب والارهابيين، باطلاق صفة "المجاهدين" عليهم، وفعلتهم هذه "خيانة" جزاؤها المحاكمة..
- ان العراق اصبح اقوى، بعد ان تعززت إمكانيات الجيش العراقي بالتسليح والإعداد، ولكن لا خوف من جيشنا الجرار، لأنه لن يعاود الكرّة فيتوجه تارة الى الكويت، واخرى إلى ايران، "فنحن لن نتدخل في شؤون الغير، ولن نسمح بالتدخل في شؤوننا"!
اذا لم يكن هذا الخطاب، مجرد تهويماتٍ، فما هو على وجه التحديد..؟
ان من صفات السياسة الديماغوجية، انها لا تُعنى بمدى مصداقية الوعود والأهداف والشعارات، وان ما يطرح في المناسبات، والحملات الانتخابية، لا يخرج عن كونه مجرد "كلام" أو "حبر على ورق".
والفريق الحاكم بأمره، ان كان ثمة فريق وليس عائلة بعد بروز "نجم جديد" في عالم صنع القرار في مكتب رئيس مجلس الوزراء، استساغ إمرار لغة "الانا - الايغو" في خطابات الزعيم الفرد، لكن الأمرَّ من ذلك، ان الديماغوجية هذه تفتقر الى معرفة بمتطلباتها الأولية، لتحمل قدراً مطلوباً من التمويه على الجمهور، لـ"تعبر" عليه ولو مؤقتاً، خصوصاً حين يكون الخطاب مقصوداً به تدشين حملة انتخابية مبكرة..
في الخطاب دلالة سياسية ملفتة، أهميتها ترتبط بانه يأتي بعد عودة المالكي من زيارة يقولون إنها ناجحة الى الولايات المتحدة الأميركية، فهل قصد بقوله إن "الفتنة صُنعت في الخارج"، البيت الأبيض والبنتاغون او السي آي أي..؟
جميع التعليقات 2
دز معارج
انها مجرد هرطقة اعتدنا على سماعها باستمرار . ان مثل هذه التصريحات تفتقر الى المعرفة اولا وللمسؤلية ثانيا وينسى صاحبها دائما انه رئيس مجلس وزراء العراق فلا عتب عليهم لانهم لم يعتادوا سوى جلساتهم بين الجدران ولم يتعلموا من الواقع المحيط بهم حتى وان عاشو
المدقق
يالسذاجتكم وانتم تخشون المالكي حتى حين يذهب لافتتاح محطة كهربائية تنفع العراقيين .. ان خوفكم المستديم وعقدتكم المرضية تصور لكم المالكي غولا سوف يفترسكم وياليته يفعل لكي يخلص الناس من اوهامكم وامراضكم ..