TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ساتياجيت راي

ساتياجيت راي

نشر في: 20 نوفمبر, 2013: 09:01 م

المخرج الذي أدهش عشاق السينما في كل مكان، ونال إعجابا استثنائيا من احد أساطير السينما الياباني اكيركيرا ساوا، حظي على مدى اكثر من نصف قرن من الزمن بنصيب وافر من الأبحاث والدراسات التي تناولت عوالمه السينمائية، واثره الواضح لا في السينما الهندية حسب بل في السينما العالمية،  يصنفه بعض مؤرخي ونقاد السينما من الصفوة المختارة التي أسهمت في تطور صناعة السينما في قرنها الأول.
ومع كثرة الدراسات والمقالات بحق هذا السينمائي الثوري، فإننا مع كتاب (سينما ساتياجيت راي) تكون دراسة وتحليلا معمقا يكتسب صدقيته واهميته من اسم مؤلفه (تشيداناندا داس جوبت) المخرج والناقد والمؤرخ السينمائي (1921 -2011) الذي تربطه معرفة لصيقة براي ومنجزه السينمائي.. وعلى علاقة طويلة براي حيث اسهما معا في تأسيس جمعية كلكتا للافلام عام 1947 واصدر معه دورية الفيلم الهندي عام 1957.
ومن هنا يكتسب هذا الكتاب اهميته بوصفه يمثل دراسة معمقة ودقيقة لأعمال المخرج الهندي، فضلا عن كونه دراسة شاملة لأفلامه وتفاصيل عن صناعتها.. بدءاً من فيلمه الشهير (أغنية الطريق) وانتهاء بفيلمه الاخير "اجانتوك" بتناول نقدي معمق.
ولعل اهم ما في الكتاب انه يسلط الضوء على ساتياجيت راي مؤرخا جماليا لتاريخ الهند المعاصر فمن النادر ان تؤرخ اعمال مخرج سينمائي لعملية التغيير الاجتماعي في بلد ما على مدى فترة طويلة من الزمن مثل ما فعلته اعمال ساتياجيت راي فقد "سجلت مواضيع افلامه إحداث التغيير الاجتماعي في الهند لاكثر من مئة وخمسين عاماً".
هنا يقف المؤلف عند احداث فيلم (ديفي Devi) او الإلهة في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، في حين تدور أحداث فيلم (لاعبا الشطرنج) في خمسينيات القرن نفسه.. وهكذا مع افلامه الاخرى وصولاً إلى ثلاثية (آبو) عن السنوات الأولى من القرن العشرين.
الكتاب مع الاسهاب في التناول النقدي لجل اعمال راي، فانه يؤرخ لسيرة هذا المخرج الكبير من خلال أعمال، ففي فصل "ما قبل أغنية الطريق" نتعرف على السيرة الشخصية لراي قبل انجاز فيلمه الذي يعد احد كلاسيكيات السينما الهندية والعالمية.. فقد كان اهتمام راي قبل ولوجه السينما من بوابة (اغنية على الطريق) قد اسس مع آخرين بمن فيهم مؤلف الكتاب نفسه "جمعية كلكتا للسينما" وكتب مقالات عن مشاكل السينما الهندية وما ينبغي ان تكون عليه وقضى ايامه في دراسة افلام هوليوود، حيث يكاد يكون هذا النوع الوحيد من الافلام الذي كان بامكانه ان يشاهده قبل الاستقلال.. وقال فيما بعد انه "تعلم صناعة الأفلام من خلال مشاهدته الافلام الأميركية" فاسلوب السرد المنطقي والواقعي (ظاهريا على الاقل) الخاص بهوليوود ترك انطباعا عميقا لديه.
ويقف مؤلف الكتاب عن ملحمة راي الخالدة (ثلاثية آبو) التي يرى فيها.. الاكثر انتماء للهند متدفقة بحرية في شكلها، واقل اعدادا واكثر عفوية.. لكنه –اي المؤلف- يرى ان هذا ليس مصدره راي مباشرة ولكن كاتب العمل (بيبهوتي بانديو بادياي) من خلال نوعية مثاليته وتأمله الروحي اللذين يهمشان الشر ويجلبان الخير.
عدا عن ذلك فان المؤلف يعمد الى بيان اثر تطور وعي ساتياجيت راي على مجمل منجزه السينمائي الذي بات واضحا في كل المراحل التي مرت بها حياته حتى نهايتها عام 1992.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: أحلام المشهداني

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

قناديل: بغدادُنا في القلب

عنوانان للدولة العميقة: "الإيجابية.. و"السلبية"

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

 علي حسين ما معنى أن تتفرغ وزارة الداخلية لملاحقة النوادي الاجتماعية بقرارات " قرقوشية " ، وترسل قواتها المدججة لمطاردة من تسول له نفسه الاقتراب من محلات بيع الخمور، في الوقت نفسه لا...
علي حسين

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
د. فالح الحمراني

السرد وأفق الإدراك التاريخي

إسماعيل نوري الربيعي جاك لوغوف في كتابه "التاريخ والذاكرة" يكرس الكثير من الجهد سعيا نحول تفحص العلاقة المعقدة، القائمة بين الوعي التاريخي والذاكرة الجماعية. وقد مثل هذا المنجز الفكري، مساهمة مهمة في الكتابة التاريخية،...
إسماعيل نوري الربيعي

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

توماس ليبلتييه ترجمة: عدوية الهلالي بالنسبة للبعض، تعتبر الرغبة في استعمار الفضاء مشروعًا مجنونًا ويجب أن يكون مجرد خيال علمي. وبالنسبة للآخرين، فإنه على العكس من ذلك التزام أخلاقي بإنقاذ البشرية من نهاية لا...
توماس ليبلتييه
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram