اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > فنّ الانتباه المكرّس

فنّ الانتباه المكرّس

نشر في: 22 نوفمبر, 2013: 09:01 م

تعدّ تجربة الفنان حسن عبد علوان, من التجارب المهمة في تاريخ الرسم العراقي المعاصر, لأنها تمثل امتدادا منطقيا لأساليب الرسم التي اشتغل عليها فنانو جماعة بغداد للفن الحديث التي أسسها جواد سليم, سنة 1952 , فما هي صيغة هذا الامتداد؟ لقد كانت بيانات جماعة

تعدّ تجربة الفنان حسن عبد علوان, من التجارب المهمة في تاريخ الرسم العراقي المعاصر, لأنها تمثل امتدادا منطقيا لأساليب الرسم التي اشتغل عليها فنانو جماعة بغداد للفن الحديث التي أسسها جواد سليم, سنة 1952 , فما هي صيغة هذا الامتداد؟ لقد كانت بيانات جماعة بغداد للفن الحديث, تدعو لترصين الفن العراقي من خلال تواشجه مع الموروث الوطني, والمحاولة لاكتساب الهوية, وتأكيد الأصالة , وهكذا اشتغل جواد سليم وشاكر حسن ونزيهة سليم ومحمد غني, وسواهم, من فنانينا المؤسسين الأوائل.
إننا هنا , أمام أسئلة الفن الحائرة, الخاصة برسومات الفنان حسن عبد علوان الذي رحل عنا وغادرنا بسرعة وبلا سابق إنذار, فالفنان حسن عبد علوان فنان مميز ومثير للإعجاب, لأنه استطاع ابتكار ذاته الإبداعية بين الفنانين العراقيين, على مدى مسيرة ظافرة, كرسها لمزاولة الرسم طيلة فترة تنوف على الخمسة عقود , فقد حقق الفنان إنجاز المئات من اللوحات التي تناولت الجوانب المثيولوجية في حياة المجتمع العراقي, متناولا بعضا من العادات والتقاليد الشعبية بأسلوب يمكن تجنيسه واحتسابه على المدرسة الواقعية السحرية, فكيف نبرهن ذلك؟
إن حسن عبد علوان , ينتبه لقيم المفردات والوحدات الصورية الداخلة في بنية اللوحة, ويحسب لقيمها الفنية والجمالية, ألف حساب, مراعيا خصائص التصميم النموذجي, المشيد على الأسس السليمة في بناء أو صناعة الأنموذج الذي تقبله بصيرة المتلقي من الوهلة الأولى, كما انه استطاع توظيف المواد الخام الداخلة في بناء اللوحة, وتحريكها على نحو من شأنه إضفاء طابع خاص متجمل بالمهارات الأدائية المثيرة للإعجاب حقا, ووضعها في صيغة شكلية متوائمة مع السبل التي تكفل قيم الألوان والخطوط وبعض التراكيب التي يجسدها خدمة لقيم المواضيع التي يتناولها . وبذا يصوغ وحدة انسجام كلية, تجمع بين ممكنات استثمار المواد الخام بوصفها وسائط لنقل الشعور أو الأفكار أو الأحاسيس , وبين احتمالات صناعة الأشكال , أو تقويضها باعتبار ان الأشكال ما هي إلا حواضن لتجميع المقتنيات التصورية أو الحسية أو الحدسية معا, ومن ثم إجمالها وتأسيس وحدة موضوعية تؤمن حقا في الإعلان عن ولادة عمل فني جديد, مشيد على قواعد الضبط التقني والحرفي معا , فما هي الكيفيات التي يرومها الفنان وهو يزاول عمله؟
أعتقد, أن نقطة انطلاق الفنان تكمن في تحديد اتجاه اللوحة , وغالبا ما يكون الاتجاه طوليا , ومن النادر ان نعثر على لوحة عرضانية للفنان حسن عبد علوان وضمن هذا الاتجاه سيضع الفنان احتملات الرؤية المشيدة على موقف مسبق وأفكار مسبقة أيضا. ونحن نعرف بأن للفنان قاموسا صوريا خاصا به, بيد انه مستل مما يحفل به الموروث الشعبي من وحدات صورية أو رمزية أو إشارية في بعض الأحيان , وضمن سياقاته المعتادة فانه يرسم أناسا , يطلّون من النوافذ أو من مقتطعات الشناشيل الكائنة على احد أركان اللوحة , أو تلك, وهؤلاء الناس يتسمون بالتعبيرات البسيطة المعبرة عن الطيبة والمحبة , ولكن آلية الرسم ,تؤكد على الولاء للفنون الشعبية أو الفطرية المتناغمة مع فنون المنمنمات من فترة ما بعد يحيى بن محمود الواسطي, والسؤال المهم يقبع في طرائقه الفذة في المعالجات الفنية والتقنية للألوان وسبل معالجتها وتوظيفها المنطقي لصالح اللوحة , وليس غريبا على الفنان إن ولج في عالم التقنيات العصرية , المواكبة للتقنيات الجديدة في العالم , فالأبعاد الفنية هي الغاية المهمة , وهي التلميح المؤكد للطابع الشخصي المميز, وإلا فإن كل الوحدات الصورية وكل السبل التي تشجع على صناعة لوحة ناجحة بمعياريات توظيف المواد الخام الداخلة في البني وصناعة الشكل المشيد على الأسس التصميمية , كلها لا تكفل بلوغ المستوى المتقدم للفنان , إلا إذا أجاد في خلق وحدة الانسجام الكلية بين عناصر العمل الفني الواحد, وحسن عبد علوان استطاع فعلا تأمين هذه الوحدة السحرية وذلك من خلال وضع المرتسمات العديدة لعمله الفني الجديد ومن خلال الانتباه المكرس للحالات والظواهر الاجتماعية المتداخلة في حياة المجتمع العراقي وبصياغات تقبلها بصيرة التلقي في كل أرجاء العالم , وحين قلنا بأنه ينتمي لمدرسة الواقعية السحرية , فلأنه يجسد تأليفا صوريا لحالات بسيطة جدا ولكن الانتباه المكرس للفنان أضفى عليها سمات فنية أخرى وملكها قيما إضافية أخرى أيضا , من ناحيتين : الأولى من ناحية الظفر بالموضوع الفني , والثانية من حيث مساحات المشاركة التقنية للألوان والخطوط , والخلاصة النهائية تفضي بنا لوضع التقدير الفني على مجمل منتجاته الفنية , فنقول :
إن الفنان حسن عبد علوان استطاع ان يحفر عميقا في ذاكرة التلقي وفتح صفحة جديدة في سفر الفنون التشكيلية العراقية , إنه الفنان الفياض بالأبداع وإنه السخي الذي جاد بالكثير ولكنه لم ينل من الحياة حتى القليل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الرافدين يطلق رواتب المشمولين ضمن شبكة الحماية الاجتماعية

بالوثيقة.. التعليم توضح بشأن توسعة مقاعد الدراسات العليا

العدل تعمل على خطة تجعل من النزلاء يكملون دراستهم الجامعية

ارتفاع بمبيعات الحوالات الخارجية في مزاد المركزي العراقي

رسمياً.. أيمن حسين يوقع على كشوفات الخور القطري

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

باليت 42 بدايات عام جديد

السُّخرية السريالية ودلالة الأيقون في أعمال الفنان مؤيد محسن

المصرف الزراعي في السنك: بزوغ الحداثة المعمارية العراقية

عمارة تلد مسابقة!

دار هديب الحاج حمود.. السكن رمزاً للانتماء

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram