TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ليماسول: يولد الليل من رعشة البحر

ليماسول: يولد الليل من رعشة البحر

نشر في: 23 نوفمبر, 2013: 09:01 م

في الجزرالمتوسطية  يولد الليل من  رعشة  البحر ويتفتح النهار من زهور الجهنميات  وينتحر العشاق  عند الغروب ، يبدأ  الزمن  من الصفر المطلق ،كما  تبدأ الحياة من مخاض أليم  وصرخة وليد  لتنتهي  كحلم مبتور ،يبلغ  الزمن على المتوسط  سن الرشد قبيل اشتداد المدّ  ثم يتعثر بين موجة وأخرى ويخادعنا ليخطف أحلامنا.
   نجمة وحيدة  تشع في ليل الجزيرة  تمشط أحزاني بحنانها وتلعق  رماد  الحروب عن شفتي ّ  وعند سور مرتفع بأسلاك  شائكة تحط  بي  إحدى مراحل التيه   ويستوي رنين  الحزن مع هدير البحر و أغاني ديميس روسوس  وزعيق  النوارس ، موجة  نزقة  ترش ملح المتوسط  على وجهي  وتمحو علامة الموت العراقي الموسومة على جبيني ، أغدو  بئرا تفور بالدموع  من أجل  مالا يأتي ، أما ما ضاع مني فلم يعد يخصني ، الأشياء ليست ذواتنا و الممتلكات  أغلال الخطى ، الروح  تحلق  بأجنحة  خفاف  نحو مجاهل تغوينا  ولا تهبنا ميثاق أمان .
 أستطلع لدى عرافة المعبد  ما  تبوح به  أصداء "زيوس"  في نهار الجزيرة الأزرق ، عشاق   من رفاق الرحلة يصوغون المتع  على قدر ما تتسع لحظتهم العابرة غير آبهين بسوى حاضرهم  الفاني والتلفزيون  اليوناني وال CNN يعرضان كارثة  غرق سفينة تهرّب  الحالمين بالحرية، ،استغاثات الغرقى العراقيين  الهاربين من جحيم الدم إلى جحيم الماء  تتصادى في قاعة الفندق والعشاق اللاهون  عن الزمن   يواصلون التشبث  بحاضرهم   المبتسر ويرعبهم مرور الزمن وتكدرهم احتمالات النهاية ، بينما ينتهي مستقبل الغرقى في أجواف الحيتان .
الوحشة ترفرف  في جسدى  كالألم  المكهرب ،  ويحاصرني مذاق الدموع  وطعم الخديعة : الساسة  ومدونو التاريخ صناع الخدَع  الكبرى و إزاء  التيه  أستعيد  قصصا من تاريخ البشر وخرافاتهم  لعلني أميز اتجاه  خطوتي في المتاهة والزمن الملتبس، أطرق   باب التاريخ  فلا يرتد  صدى ،التاريخ أمة من الموتى ورماد الأساطير ، أطرق على الليل فلا تنهمر النجوم ،أطرق على الحاضر فلا أجدني فيه ، أطرق بوابة البحر القادم من أثينا وأنادي الموج الراكض إلى  جزيرة كريت  فلا أسمع  غير صدى لوعتي وأنين بغداد ، أطرق على أحزان بغداد فلا يرتد صدى ً ويرتجف الشاي في قدحي  كما ترتجف مدينة في أول الغزو .
أرى سفن الآشوريين تحتشد عند  ميناء كتيون وتسرق النحاس  وجرار النبيذ  واللقالق ،آشوري غائم الحدقتين  يسوق الغمام بسوط  له مقبض ذهب و يسأل  العابرين عن حانة  تقدم خمر النسيان  والأسيرات المجلوبات من بلاد  تراقيا  ومن شعره المجدول يفوح عطر سميراميس وسط ذكورة  المعركة  والقتلى وشهوة السلطة ، سفن المهاجرين  الهاربين  من المحرقة  تغرق أمامه  بين  الجزيرة  والوصول المستحيل ،سفن  يقودها أموريون من دمشق وفينيقيون من صيدا وأتراك من  مرسين  تلقي بركابها المنحوسين في البحر، استغاثات الضحايا   تطوف  حول قبرص وكريت  ولا  تبلغ بوابات  السماء ،و تاريخ الغزاة يهمل تدوين رعب  الغرقى وأسمائهم ،فأسفار التاريخ  ومجلداته  محجوزة  لأسماء القتلة والطغاة  واللصوص والغزاة ، الحراس اليونانيون الثملون يعتقلون الأربعة الناجين من السفينة  في الميناء الذي بلغوه سباحة ، ثم يقيم الحراس  وليمة مرتجلة على شرف أرسطو و ثوار كومونة  باريس  بينما تلتهم  أسماك القرش أصابع الصبايا  العراقيات ونهودهن ويسوَد ماء المتوسط في الظهيرة  القبرصية، أجالس أحزاني ومذاق الدموع  في المقهى الذي ترتطم النوارس والأمواج بنوافذه  وأطلب من النادلة  قهوة تركية لأهدّئ روعي   فتهمس  بصوتها المهذب العاتب  : تعنين سيدتي قهوتنا  اليونانية؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

المنافذ تحقق أكثر من 2.2 تريليون دينار إيرادات جمركية في 2025

التشكيلة الرسمية لمنتخبنا الأولمبي لمواجهة عُمان ببطولة كأس الخليج

الأمم المتحدة: 316 مليون متعاطٍ للمخدرات عالمياً

القضائية تستبعد نجم الجبوري من مقاعد نينوى الانتخابية

ثلاثة منتخبات تحجز مقاعدها مبكراً في ربع نهائي كأس العرب 2025

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

 علي حسين أبحث في الأخبار ومجادلات الساسة عن موضوع لعدد اليوم ، وربما عن فكرة أقنع بها القارئ المحاصر بقطع الطرق والأرزاق، وبالعيش في مدن مثل حقول الألغام، شعارها التمييز، ومنهجها الإقصاء، ودليلها...
علي حسين

قناديل: حين استيقظ العراقي ولم يجد العالم

 لطفية الدليمي لعلّ بعض القرّاء مازالوا يذكرون أحد فصول كتاب اللغة الإنكليزية للصف السادس الإعدادي. تناول الفصل إيجازاً لقصّة كتبها (إج. جي. ويلز) في سبعينات القرن الماضي، عنوانها (النائم يستيقظ The Sleeper Awakes)....
لطفية الدليمي

قناطر: أنقذوا الثقافة من الأدعياء

طالب عبد العزيز منذ قرابة عقد من الزمن وأتحاد الادباء في البصرة يعاني من أزمة في اختيار مجلس إدارته، وهو بعلة لا يبدو التعافي منها قريباً، بسبب الاقتتال على المقاعد الخمسة الأولى التي تمثله....
طالب عبد العزيز

الانتخابات العراقية عام 2025: التحديات الداخلية في ظل ضغوط دولية متزايدة ..

كارول ماسالسكي ترجمة : عدوية الهلالي في يوم الثلاثاء، 11 تشرين الثاني 2025، أجرى العراق سادس انتخابات برلمانية ديمقراطية منذ سقوط صدام حسين عام 2003. وقد حققت القائمة الشيعية «ائتلاف الإعمار والتنمية»، بقيادة رئيس...
كارول ماسالسكي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram