TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المالكي في برنامج " البرنامج "

المالكي في برنامج " البرنامج "

نشر في: 24 نوفمبر, 2013: 09:01 م

" ضروري بين فترة وأخرى أن نقوم بزيارة أو حركة حتى نوفر مادة للسياسيين والإعلاميين والفضائيات يلوكون بها.. الآن إلى ان ينتهوا من زيارة أمريكا " راح نسويلهم " زيارة ثانية حتى ينشغلوا بها " وحين يسأله المحاور إلى أين سيذهب يقول بكل ما أوتي
من فنون الإضحاك: " نشوف "
المسافة هنا بين " الهزل " و " الجد "، قصيرة إلى حد لا تعرف هل هذا الحديث " سخرية " أم " حوار تلفزيوني " يصف به نوري المالكي قصة زيارته إلى أميركا، الزيارة التي تتحول كل يوم مع ألغازها المدهشة، إلى واحدة من الحكايات الخرافية.
تخيلت بعد سماعي حديث المالكي، أنه مسودة حلقة من حلقات برنامج "البرنامج" للإعلامي المصري باسم يوسف، أو مكتوب ليكون مادة خام لسخريات يحاول بها البعض من السياسيين مواجهة فشل متواصل في أداء وظيفته الحكومية.
العبارة قالها رئيس مجلس الوزراء بجدية دون أن يبتسم، لكنه في الوقت نفسه يريد إثارة الضحك عند العراقيين والسخرية من تساؤلاتهم حول ما جرى في كواليس زيارته إلى واشنطن.
ما قاله المالكي، جعلني أعترف بأن في هذه البلاد ما يضحك، وبأننا شعب نجيد فن النكتة، على عكس ما يشاع عنا، وأن بإمكاننا أن ننفجر، في ضحكة عالية، سرعان ما تتحول شيئا فشيئا إلى قهقهات، ثم إلى زئير. وإذا ما سُئلنا بعد سنوات عن سبب ضحكنا، سنجيب بكل بساطة: آسفون إننا لم نفهم النكتة جيداً!
ولهذا أعتقد أن السيد رئيس مجلس الوزراء يستحق بجدارة لقب الشخصية العربية الأكثر فكاهة، وهذا من باب التفسير "ليست تهمة"، ونجوميته يمكن أن تتفوق على نجومية باسم يوسف الذي عجز خلال حلقات برنامجه "البرنامج" أن يطلق نكتة بمثل خفة ورشاقة ودعابة ما قاله المالكي في حواره مع قناة الحرة.
السخرية فن تنشيط الذاكرة كما يخبرنا صاحب كتاب الضحك هنري برجسون، ولهذا يريد منا المالكي وهو يسخر من السياسيين والإعلاميين أن ينبهنا إلى أن ما يجري على الأرض لاعلاقة له بدولة المؤسسات.. ولو وضعنا هذه العبارة بجوار ما تصرح به مجموعة المقربين من رئيس مجلس الوزراء سندرك أننا بصدد لعبة خطيرة تقوم على تفسير الوقائع والأحداث بما يتلاءم مع الظرف الذي يمر به رئيس مجلس الوزراء.
يبدو أن البعض لا يريد لصورة القائد الضرورة أن تغادر الذاكرة العراقية، فبدأ من الآن يضع نهاية للمسلسل السياسي العراقي، نهاية يظهر فيها القائد الأوحد وهو يبتسم ويطمئن شعبه أن كل شيء يسير بالاتجاه الصحيح، وان مؤامرات الإمبريالية وأعوانها ستقبر إلى الأبد، وينتهي المشهد بتصفيق حاد من المشاهدين المساكين الذين تنطلي عليهم اللعبة، والذين لا يعرفون حتى لحظة الحوار التلفزيوني، كيف يتخذ القرار في العراق؟ ونعني هنا القرارات التي تمس حياتهم وأمنهم ومستقبلهم، ومن المؤكد أن أعضاء في مجلس النواب هم مثلنا نحن المساكين تفرجوا على ما قاله المالكي، وأنهم مثلنا أيضاً يفاجأون بمعظم الخطوات التي يتخذها رئيس مجلس الوزراء،فان الذين يعرفون ببواطن الأمور وبما سيصدر من قرارات هم فقط مجموعة صغيرة من الدائرة الضيقة المحيطة به، بعد ذلك سيجد أي قرار مهما كان مصيرياً طريقه للاعتماد عبر تصريحات من المقربين يهللون ويطبلون ويعتبرون ما حدث إنجازاً سيضاف إلى الإنجازات الكثيرة التي أرهقت المواطنين خلال السنوات الماضية.
هل يستحق المواطن كل هذه السخرية؟ ألا يكفيه الإهمال والذل والقهر وغياب الأمن والخضوع إلى الأبد، والحكم عليه بألا يناقش في شيء؟! فمتى وجدنا مواطناً يناقش؟ متى وجدنا من يعترض على عصمة رئيس مجلس الوزراء وقداسة منصبه؟ يعتصم عشرات الآلاف في الساحات، فيكون الرد جاهزاً:إنها مسألة "فقاعات" وستنتهي.. كأنما المسألة مشهد في برنامج كوميدي.. لا مصير بلد ومستقبل مواطنين!
والآن هل وصلنا إلى مشهد النهاية.. وأن الدولة خطفت بالفعل.. وأن حياة الناس ومستقبلهم تقررها عبارات سخرية؟!
هذا هو ترتيب الحكاية الكوميدية التي تحدث في الكواليس لتملأ الفراغ السياسي، أَعِدها أنت عزيزي القارئ ورَتِّبْها كما شئت.. وحاول أن تراجع برنامج "البرنامج" الذي قدمه المالكي مؤخراً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. داخل السومري

    يا استاذ علي لقد تجاوزت كثيرا على القائد الفلته أن تتهمه بالضحك، فالضحك عنده وعند حزبه وعند الفيلسوف الروزخوني أبراهيم الجعفري ، يعتبر من المحرمات التي تدخل صاحبها جهنم وبئس المصير. كم سئمت هذه الحياة لما سمعت تصريح الفيلسوف الروزخوني الذي يقول بأن ال

  2. كلكامش

    الا يمتلك هذا الكاتب موضوعا اخر غير شتم المالكي ؟ ام ان هذا ما يدفع له للكاتب عنه ؟ وماذا عن القائد الضرورة في اقليم كردستان ؟ وزوج ابنته الذي صار رئيسا لوزراء الاقليم وابنائه قادة للاجهزة الامنية ؟ انا لست ضد الانتقاد ولكن للنتقد بموضوعية ونبتعد عن التسق

  3. ابو سجاد

    فعلا حول المالكي ودولته الفافونية اصوات الجماهير الى فقاعات ماذا حصل بعد كل هذه الانتفاضات التي قام بها الشعب ضد المالكي وحومته العفنة بعد فشله في كل المجالات واخرها الفيضانات ولولاها لما علم الشعب ان البلد بدون مجاري لتصريف المياه ان بفعله هذا بيض وجه رئ

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

باليت المدى: أسد عراقي في متحف

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram