اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ناس وعدالة > المتضرّر والضحية في عدم تطبيق مفهوم الأبعاد الأمنية للتنمية البشرية المستدامة

المتضرّر والضحية في عدم تطبيق مفهوم الأبعاد الأمنية للتنمية البشرية المستدامة

نشر في: 24 نوفمبر, 2013: 09:01 م

يعد صدور الإعلان العربي للتنمية المستدامة الذي قدمه وزراء التنمية والتخطيط والبيئة العرب لمؤتمر القمة العالمي المنعقد في جنوب إفريقيا عام 2002 نقطة الانطلاق لاعتماد الفكر الستراتيجي على مستوى الحكومات والمنظمات الخاصة والأهلية وللنخب والقيادات السياس

يعد صدور الإعلان العربي للتنمية المستدامة الذي قدمه وزراء التنمية والتخطيط والبيئة العرب لمؤتمر القمة العالمي المنعقد في جنوب إفريقيا عام 2002 نقطة الانطلاق لاعتماد الفكر الستراتيجي على مستوى الحكومات والمنظمات الخاصة والأهلية وللنخب والقيادات السياسية والإدارية والأكاديمية ليسهم كل منهم بالتعاون والمشاركة مع الآخرين في تأطير العمل الجماعي وتعبئة الخبرات والقدرات على المستوى المحلي والوطني والقومي، للتصدي للقضايا الكبيرة وللتحديات المستقبلية التي تم تشخيصها. والمتابع لتقارير التنمية البشرية العربية السنوية التي صدرت خلال السنوات العشرة الأخيرة التي أعقبت صدور هذا الإعلان، لا يسعه إلا أن يتفاءل بالجهود التي بذلت في إعدادها على الرغم من تباين وجهات النظر حول بعض المعايير والمؤشرات التي اعتمدت، أو حول دقة الإحصاءات والأرقام التي استخدمت في تشخيص الواقع وتقييم الأداء المتحقق سنوياً على مستوى الوطن العربي. وإن مواصلة إصدار هذه التقارير يعد بذاته مؤشراً على جدية وقناعة القائمين والمعنيين بالتنمية البشرية العربية ووضع رؤيتهم إزاء التنمية المستدامة، وضرورة تفعيل عجلتها وتنشيط مسيرتها رغم الصعوبات والانتقادات التي وجهت لهم من هنا وهناك، ومع ذلك فإن عليهم أن يواصلوا تطوير أساليبهم وتوسيع دائرة اهتماماتهم وعميق الوعي لدى المتعاونين معهم والمستفيدين من إنجازاتهم والاستماع إلى ما يقدم لهم من مقترحات ونصائح وتوصيات، كالتي تخرج من اللقاءات والملتقيات العربية الدورية التي تعقد بين الحين والآخر . ومن هذا المنطلق الداعي إلى تطوير النموذج العربي للتنمية البشرية من منظور التنمية المستدامة نطرح هنا أهمية مراعاة البعد الأمني الذي ظلت الإشارة له خجولة سواء في الستراتيجية الدولية أو في الستراتيجية العربية المنبثقة عنها، فقد اقتصرت الإشارة في النموذج الذي طرح في مؤتمر القمة العالمي على اعتبار الاستقرار عنصراً فرعياً ضمن البعد الاقتصادي أما الستراتيجية العربية فقد وضعت عدم الاستقرار في الأراضي المحتلة العقبة الأولى التي تواجه جهود التنمية المستدامة العربية. وأغلب الظن أن غياب البعد الأمني وعدم إبرازه كمتغير أساسي إلى جانب الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في معالجة التنمية البشرية، يرجع إلى تلك النظرة التقليدية التي كانت تقيم الحواجز بين المؤسسات المدنية على اختلاف قطاعاتها وبين الأجهزة الأمنية على اختلاف تخصصاتها ونشاطاتها، وكأن الأولى معنية بالتنمية والثانية معنية بحفظ الأمن.

وهذا الفصل بين الأجهزة والأنشطة المدنية والأمنية لم يعد يعبر عن الواقع القائم الذي تشهده أقطار العالم كافة ،ومنها أقطارنا العربية والعراق خصوصا ، وخاصة بعد الأحداث الإرهابية التي شهدها طيلة السنوات الماضية والتي نبهت إلى مخاطر هذا الفصل وجعلت شعار الأمن مسؤولية الجميع حقيقة يعيشها الأفراد العاديون، وواجباً تتحمله المنظمات والهيئات الحكومية والخاصة، المدنية منها والأمنية، إضافة لمنظمات المجتمع المدني بدءاً من الأسرة والمدرسة والمسجد والنادي الرياضي وانتهاءً بالجمعيات والاتحادات المهنية والخيرية والإعلامية.
كما أن مفهوم الأمن ذاته لم يعد اليوم يعني ما كان يعنيه قبل عقدين أو حتى عقد واحد مضى، وأن مضامينه وأبعاده أصبحت أكثر شمولية وتعقيداً بعد أن تفرعت مجالاته وتنوعت تخصصات وتداخلت الكثير من مسؤولياته مع تلك التي تنهض بها المؤسسات التعليمية والصحية والبحثية والرياضية والاجتماعية والاقتصادية والإدارية والقانونية وغيرها. فنحن اليوم أمام مصطلحات أمنية عديدة لم تكن مألوفة لرجال الأمن السابقين الذين عملوا في الأجهزة الأمنية نفسها، ومن المتوقع ألا يألفها البعض من العاملين أو القائمين على الأجهزة المدنية. ونذكر هنا بعض الأمثلة لأنواع الأمن وفروعه مع الإشارة لدور بعض الأجهزة المدنية ذات العلاقة بأبعاده وقضاياه وتبعاته ومنها :
- الأمن الفكري: ودور الجامعات والمعاهد والمدارس والجمعيات والمساجد في تحقيقه.
- الأمن الاقتصادي: ودور البنوك والمصارف والغرف التجارية ورجال الأعمال والشركات في الحفاظ عليه.
- الأمن الغذائي: ودور المؤسسات الزراعية والتسويقية وشركات الاستيراد والنقل والخزن في حمايته.
- الأمن المائي: ودور الأفراد والجماعات والأسرة وأجهزة السدود والآبار وشبكات التحلية والتصفية والتوزيع في ترشيد إنفاقه.
- الأمن البيئي: ودور شركات الملاحة والنقل والمصانع والمحميات الزراعية ومؤسسات الإنتاج والاستخراج وأصحاب المركبات في الحد من ملوثات الماء والهواء والتربية.
- الأمن السياحي: ودور مكاتب السياحة والقائمين على المواقع السياحية في تقليص أخطاره والحد من سلبياته ومضاعفاته.
- الأمن الرياضي: ودور النوادي الرياضية والفرق والمدربين والمشجعين وجمهور المتفرجين في الحفاظ على إقامة السباقات وتقبل نتائجها.
- الأمن المعلوماتي: ودور المختصين في تشغيل الحواسيب وإدخال المعلومات وتصميم البرامج وحمايتها وصيانتها من الاختراق وعمليات التخريب.
- الأمن الوظيفي: ودور القيادات الإدارية في ضمانه وتوفيره للعاملين معهم والحد من مخاطر التسريح الجماعي أو الفصل التعسفي أو الإنهاء الفجائي.
- الأمن الصحي: ودور المستشفيات والعيادات والمراكز الصحية في ضمان العلاج المجاني وكذا دور الصيدليات وشركات إنتاج الدواء في ضمان حسن استخدام الأدوية والتأكد من صلاحيتها وعدم العبث بها . لا شك أن لكل هذه الأبعاد النوعية للأمن أجهزتها الأمنية المتخصصة في مجالها، غير أن المسؤولية الكاملة عن كل الأخطاء أو الانحرافات أو الاختراقات أو تصاعد معدلات الجرائم التي تقع في نطاقها لا يمكن أن يتحمله جهاز أمني بذاته. ذلك لأن الإنسان الفرد الذي تعده وتخرجه هذه المؤسسات المدنية يكون دوماً الأداة المخططة والمنفذة والمسهلة لما يقع من جرائم. كما أن الإنسان الفرد المسؤول عن المتابعة والمراقبة والقبض على الجناة والمجرمين هو أيضاً من مخرجات هذه المؤسسات المدنية. بل إن المتضرر والضحية التي تقع عليه آثار الجرائم أو الاعتداءات هو إنسان من نفس البيئة المجتمعية في غالب الأحوال .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

القبض على عشرات المتسولين والمخالفين لشروط الإقامة في بغداد

لهذا السبب.. بايدن غاضب من صديقه اوباما 

في أي مركز سيلعب مبابي في ريال مدريد؟ أنشيلوتي يجيب

وزارة التربية: غداً إعلان نتائج السادس الإعدادي

التعليم تعلن فتح استمارة نقل الطلبة الوافدين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

كانت ليلة من ليالي رمضان، تناول الزوج (س) فطوره على عجل وارتدى ملابسه وودّع زوجته، كان الأمر عادياً، لكن لسبب تجهّله، دمعت عينا الزوجة. ابتسم في وجهها وهَمَّ بالخروج الى عمله بمحطة الوقود الخاصة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram