TOP

جريدة المدى > عام > هل من مهرجان للموسيقى والأغنية في عاصمة الثقافة العربية؟

هل من مهرجان للموسيقى والأغنية في عاصمة الثقافة العربية؟

نشر في: 25 نوفمبر, 2013: 09:01 م

ما زال مفهوم الثقافة - عندنا - مقتصرا على اقتناء الكتب وحضور الندوات ومشاهدة بعض المسرحيات - في أحسن الأحوال - ولأن الثقافة بمفهومها العام هي، قبل كل شيء ، عقلية متنورة متحررة منفتحة وسلوك مدني حضاري ديمقراطي .. لذا تأتي نشاطاتها بمستوى ذلك  الت

حميدة العربي

ما زال مفهوم الثقافة - عندنا - مقتصرا على اقتناء الكتب وحضور الندوات ومشاهدة بعض المسرحيات - في أحسن الأحوال - ولأن الثقافة بمفهومها العام هي، قبل كل شيء ، عقلية متنورة متحررة منفتحة وسلوك مدني حضاري ديمقراطي .. لذا تأتي نشاطاتها بمستوى ذلك  التنوير والانفتاح والتحضر. وتتنوع نشاطات العقلية المثقفة وتتعدد ( اجتماعية ، أدبية ، فنية ، علمية ، إعلامية ، فولكلورية ، سياحية . ترفيهية .. الخ )، وكل واحدة  من هذه النشاطات لها تفرعات وتوابع وتفاصيل .
أما مفهوم المهرجان - عندنا - فهو ضيق جدا لا يتعدى عدة ندوات وشعر شعبي - مكثف - وبضعة معارض للرسم و الكتاب وفرصة - مختصرة - للمسرح .. فقط ! .. أما فعاليات أية عاصمة للثقافة، فالمفروض أن تشمل أكثر وأبعد من الندوات والشعر الشعبي والرسم ، فهي تشمل إضافة إلى ذلك ، عروضا مسرحية متنوعة - لفرق أهلية ورسمية وشبابية ( للطلبة والهواة ) - وكذلك أياما سينمائية على مدار السنة وحلقات دراسية ونقدية وورش عمل فنية ومسابقات ومعارض لكل الفنون الحديثة والفولكلورية وأخرى للكتب وعروضا للرقص والأزياء وكرنفالات احتفالية في الشوارع والساحات، للكبار والصغار ، ترافقها الموسيقى - الشعبية عادة - ويصاحبها الغناء ، بل إقامة مهرجان خاص للغناء والموسيقى يستمر لعدة أيام يشارك فيه مطربات ومطربون من البلد المضيف وبلدان عربية وأجنبية ( كما يحصل في مهرجان المسرح ) ويكون مناسبة للتعريف بفنون البلد الموسيقية والغنائية وأيضا لتقديم مطربي ومطربات البلد للعالم وفرصة مهمة لكسب المشاهدين والمتابعين من مختلف البلدان المشاركة ( والذين سيتابعون مطربيهم ) فحتى في كأس العالم وغيره من الرياضات، يتم تضييف احد المطربين أو المطربات، المعروفين، وتقدم الموسيقى كعنصر أساسي في حفلي الافتتاح والختام لما للموسيقى والغناء من تأثير على الناس وجذبهم  للمتابعة - حتى أولئك الذين لا يهتمون بكرة القدم أو الرياضة -  في حين لا يتم تقديم الفرقة السمفونية ، مثلا، في أي افتتاح لأي مهرجان - في العراق - ربما لأن الموسيقى ليست جزءا من ثقافتنا الاجتماعية، لذلك لا تخطر على البال في مثل هكذا مناسبات. أو لأننا لا نعرف أو لانعترف بأهمية الموسيقى وتأثيرها على الجمهور .
إضافة إلى الحفلات الموسيقية والغنائية وما تقدم، ممكن أن  يقام ماراثون شعبي عام للركض في شوارع عاصمة الثقافة كدعاية وإعلان وتعريف بالمدينة ومعالمها وآثارها وتنشيط السياحة والاقتصاد ( لأن تلك النشاطات تتطلب توفير وتشغيل مسارح ودور سينما وفنادق ومطاعم ومكتبات ومحال أو أكشاك - عصرية - لبيع التحفيات والتذكارات والخرائط والصور وكتيبات تعريفية وأبرز الصناعات الشعبية وأشهر المأكولات في تلك المدينة وذلك  البلد مما ينشط حركة السوق والاقتصاد عامة ) .وهنا تبرز أهمية التعاون بين الوزارة المعنية بالثقافة مع وزارة السياحة وبلدية العاصمة وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة ، لتقديم أفضل الخدمات للسياح والمشاركين ولإنجاح مثل هكذا نشاطات, والأهم عرض صورة حضارية وجميلة ومتكاملة عن عاصمة الثقافة  وبلدها وشعبها .
والحقيقة، إن كل فن ممكن أن يتوقف إلا الغناء! .. فالمسرح والسينما والمعارض الفنية ممكن أن تتوقف أو تجبر على التوقف لأي سبب من الأسباب ( كالحروب أو التخلف الفكري والاجتماعي وغيرها ) ، إلا أن الغناء - وحده - يستمر ، فالراعي يغني في مرعاه ليبعد الضجر والوحشة ،والفلاح يغني  في حقله ليستحث همته ،والأم تغني لطفلها ليهدأ وينام ،والصبية تغني لفارس أحلامها  ليشعر بها ويحس , بل إن الطبيعة كلها مليئة بالنغمات .  فالغناء، مع الموسيقى ، تعبير عن مشاعر إنسانية مرهفة وراقية ووسيلة للتنفيس والتخفيف من ضغوطات الحياة  وهمومها الثقيلة وفرصة لتهذيب الروح وتنقية النفس من العقد والشوائب التي قد تعلق بها من خشونة الواقع واضطراباته. والغناء ليس بالضرورة أن يكون فرحا ، فقد يغني المرء حزنا أو ندما أو شوقا أو تشجيعا أو تحريضا أو إعلانا لشيء  أو نشرا لفكرة  ما .. الخ. ولذلك قيل قديما ( لا تسأل من يصنع للناس خبزهم بل اسأل من يصنع لهم أغنياتهم ) .
وبما أن بغداد عاصمة للثقافة العربية - عامة - وليست عاصمة للثقافة المحلية فقط .. والبلدان العربية - كلها - تهتم بالغناء والموسيقى وتقيم المهرجانات الدورية والحفلات، بمناسبة وبدونها ، فمتى نسمع عن مهرجان للموسيقى والأغنية العربية في بغداد عاصمة الثقافة العربية ؟ هل سنفاجأ في نهاية العام بمثل هكذا مهرجان، يضم فنانينا  الرواد والشباب مع الفنانين العرب أم ننتظر أن يوضع الغناء والموسيقى ، رسميا، على قائمة الممنوعات والمحرمات؟
.  أخيرا .. بدون الموسيقى والغناء تظل الثقافة ناقصة .. وبدون مهرجان للموسيقى والاغنية تظل فعاليات عاصمة الثقافة ناقصة ايضا، وبشدة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. حميدة العربي

    أرجو وضع اسمي على مقالتي هذه.. مع جزيل الشكر والتقدير

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

في مديح الكُتب المملة

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

كوجيتو مساءلة الطغاة

مقالات ذات صلة

علم القصة: الذكاء السردي
عام

علم القصة: الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الاولالقصّة Storyالقصّة وسيلةٌ لمناقلة الافكار وليس لإنتاجها. نعم بالتأكيد، للقصّة إستطاعةٌ على إختراع البُرهات الفنتازية (الغرائبية)، غير أنّ هذه الاستطاعة لا تمنحها القدرة على تخليق ذكاء حقيقي. الذكاء الحقيقي موسومٌ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram