إيميلات عديدة تأتيني، من أولئك الذين يحصلون على جائزة، اعتقاداً من أصحابها، أنهم يقومون بمنة عليك، لا ذكر لاسمك، ولا تحية. الإيميلات "الانتحارية" تنتهي إلى القمامة طبعاً. لكن يظل الإيميل التالي (اختصرته!)، أبو الإيملات، لماذا؟ اقرأوه معي لتحكموا: "في حفل رسميّ أشهرت السّفارة الفلانية في العاصمة الفلانية عن المجموعة القصصيّة المترجمة من العربيّة إلى اللغة الفلانية "فاركونات الظمأ"، وقد رافق الإشهار حفل توقيع للأديبة الـ.... د. فلانة الفلان، المجموعة ترجمها الأديب فلان. كما قدّم السّفير الـ...يّ للأديبة وثيقة شكر وتقدير على جهودها في تعميق التّواصل والتعاون بين الثقافتين اـلـ...ية والعربيّة. وقد أشاد فخامة السّفير "فلانوف" بدور الدكتور فلان بدعم العمل الذي صدر بالشّراكة معه، وعد العمل المترجم خطوة مهمة في التّواصل الإبداعيّ بين الثقافة الـ...ية والعربيّة لاسيما أنّ المجموعة ستقدّم للمتلقي الـ..يّ رؤية جديدة للمشهد العربي بتفاصيله كلّها (كذا!)، وهي لاشك ستلفت نظر القارئ الـ...ي وتدعوه للتّواصل مع الإبداع العربي بشكل أقوى.
وتحدّث الدكتور الداعم رئيس نادي خريجي الجامعات الـ...يّة عن سعادته بصدور العمل، وبفخره بهذه الشّراكة التي تدّعم عرى التّواصل الإنسانيّ والثقافي مع الدّولة الصّديقة أكس، مشيراً إلى إعجابه الشّديد بمجموعة "فاركونات الظمأ" التي حرص على وصولها للمتلقي الــ...ي لتكون صورة من صور إبداع المرأة العربية، وأنموذجاً لقلمها الحرّ الجريء.
وقد شكرت الأديبة السّفارة الـ...يّة والدكتور الداعم على رعايتهما ولاحتضانهما لها منذ أوّل لحظة، كما عبّرت عن اعتزازها بالشراكة مع الأديب فلان الذي ترجم القصص إلى الـ...يّة، وشكرت الدكتور الداعم، العرّاب الأوّل لهذه الترجمة، وقرأت كلمة المترجم الذي قال:" يسعدني ويشرفني أن أساهم في وضع لبنة أخرى في صرح العلاقات المشتركة والتقريب ما بين الحضارتين الغربية والشرقية ذات الوقت. تأتي هذه الترجمة وتقديم الأديبة المبدعة الدكتورة الفلان خطوة على هذا الطريق، لا شكّ بأنّ عالمها مليء بالدّرر، ومن المفيد أن نقدّم جزءًا من نتاج الأديبة للقارئ الـ..ي كي يتعرّف على طبيعة تفكير المثقّف العربي وبخاصة إذا كان هذا المثقّف امرأة جريئة ..الخ".
وذكرت الفلان أنّها متحمّسة لمعرفة ردّة فعل القارئ الــ..يّ تجاه المجموعة التي تعدّها مغامرة إبداعيّة في عوالم المرأة العربيّة في مجتمع يعجّ بالتابوات، وأنّها فخورة بهذا المنجز الذي تعدّه شرفة لها على المشهد الإبداعيّ العالميّ الذي تدخله مرة جديدة بعد أعمالها المترجمة الأخرى لكثير من اللغات، وهي مؤمنة بأنّ انطلاقها من خصوصيّة المجتمع المحلّي سيقودها نحو العالميّة (كذا!).
المجموعة تقع في 96 من القطع الصّغير وتتكوّن من 16 قصة قصيرة (عناوين رنانة!)، وهي تعرض بجرأة تنميطات وأشكال غريبة للحبّ الذي يتجلّى في ثنائيات جدليّة. صدرت طبعتها الأولى بالعربيّة في2006 بدعم من أمانة العاصمة أكس الكبرى.
ويضاف هذا العمل الإبداعي الجديد إلى رصيد الأديبة الشّابة د.الفلان الإبداعي الذي بلغ 46 منجزاً (شابة و46 عملاً!!) بين كتاب نقدي وثقافي ورواية ومجموعة قصصية وقصة أطفال ومسرحيّة أهّلتها للحصول على نحو 50 جائزة عالمية وعربية ومحليّة في شتى حقول الإبداع، وتمثيل وعضوية ورئاسة عشرات المؤسسات والجهات الثقافيّة والإبداعيّة والحقوقية، والمشاركة في مؤتمرات إبداعيّة وأكاديميّة وحقوقيّة في شتى أنحاء العالم، إضافة إلى تكريمها في عشرات المحافل الثقافية، واختيارها واحدة من 60 أنجح امرأة عربية، وأخيراً حصلت على المرتبة 19 في استفتاء أكثر 50 شخصيّة مؤثرة في بلادها.
أما الأديب المترجم فلان فهو ناشط في المشهد الثقافي العربي والـ.ـ.ي منذ حصوله على شهادته في التخصص الإلكتروني من جامعة أكس، وله كتابات في الرواية والمسرح والقصة والمقال والخاطرة، حاز العديد من الجوائز الوطنية والعالمية، وشارك في مهرجانات أدبية في مختلف العواصم الأوروبية. ومن أعماله الروائية (القائمة لن يكفيها عمود)، إضافة إلى المئات (نعم المئات!) من الأعمال المنشورة في المواقع الرقمية والصّحف اليومية والدّورية.
انتهى الخبر. لا أدري لماذا تذكرت وأنا أقرأ الخبر تسجيلات شرهان كاطع وسعدي الحلي. عادة ومع كل تسجيل، وبعد لازمة: "أيها السادة، تسجيلات شرهان كاطع الكائنة تحت فندق العروبة في البصرة، ساحة أم البروم"، وتاريخ تسجيلها، "سُجلت الحفلة في سنة ألف وتسعمئة وأربعة وسبعين"، يقول "وحضر الحفلة كل من الضيوف الكرام... وبطل العالم علي الكيار"، ولا يبوح بأي شيء بطل العالم، كأن اللقب يُمنح لمن يشاء. لكن حقيقة، مقارنة بين الزمن البريء ذلك، زمن شرهان كاطع الرائد في عالم التسجيلات، وبين الدكتورة الفلان، التي لم تترك جائزة عالمية ولم تحصل عليها، تجعلني أرفع قبعتي احتراماً لشرهان كاطع وسعدي الحلي، وحتى للذي "أشرف على التسجيلات، أموري"، أما للأديبة الشابة فأقول، بغض النظر عن سؤالها، عن معنى إرسال الإيميل هذا لرجل فقير مثلي، عليها هي وداعميها الذين يغنّون بالحمّام، مراجعة طبيب نفسي . . على الفور!
الذين يغنّون في الحمّام وتذكّر سعدي الحلي
[post-views]
نشر في: 26 نوفمبر, 2013: 09:01 م