مطلع الأسبوع الحالي عثر عمال تنظيف على جثة شاب بدت عليها آثار ثلاث طلقات في الراس في مكب للنفايات يقع شمالي بغداد ، وتبين في ما بعد ان الشاب من أهالي قرية اليوسفية، جاء الى منزل خطيبته ابنة خاله الواقع في منطقة الشعلة ، وأثناء عودته تعرض للاختطاف، ثم سجل ضمن أعداد ضحايا القتل على الهوية .
المغدور كان يعمل حمالاً في علوة شعبية وبواسطة دراجته النارية اعتاد على حمل ما يحصل عليه من خضراوات وفواكه الى أهله وأقاربه ، وقبل "المطرة الأخيرة " قاده حظه العاثر، او ربما الاشتياق لرؤية الخطيبة، للتوجه الى منزلها ، ولم يكن يعلم بان الموت سيكون بانتظاره لينهي مأساة روميو وجوليت بمشهد عراقي اخر بعنوان "سنيو وشيعويت" فالشاب سُنّي وخطيبته شيعية ، وكانا قد حددا موعد زواجهما بعد انتهاء شهر محرم وبالتحديد في "فرحة الزهرة ".
المأساة العراقية بشكلها البشع المتمثل بالقتل على الهوية ، وعلى الرغم من اعلان الجهات الأمنية الرسمية نفيها تسجيل حوادث تندرج ضمن هذا النوع من القتل ، حصلت في مناطق متفرقة من العاصمة فسجلت في حي العامل والبياع والدورة ، وتكفي لافتات التعزية للإشارة الى مقتل المرحوم بحادث غدر جبان ، وكذلك ما يردده الأهالي حول عودة الظاهرة ، وتقديم نصائح يومية للأبناء لاتقاء شر القتلة ، بالعودة الى المنازل مع زملائهم ، والتأكد من عمل هواتفهم لتامين الاتصال والرد على استفسار الأمهات والآباء .
السُنّي مستهدف وكذلك الشيعي من جماعات تجد في فتح صفحة جديدة من الاحتقان الطائفي البيئة المناسبة لنشاطها ، وما يثيره من رعب بين الأهالي يعادل رعب الخوف من الزلازل والكوارث الطبيعية الاخرى ، ومشهد الأم عندما تفشل في الحصول على رد ابنها على اتصالها الهاتفي قد ينقلها الى غرفة العناية المركزة في اقرب مستشفى، ان لم تتعرض الى جلطة مفاجئة بسبب خلو البطارية من الشحن. في كل دول العالم هل يوجد هذا النوع من الخوف ؟ وهل عرفت نساء الكرة الأرضية أحزان وآلام ومصايب العراقيات؟ وأم الشاب المغدور الذي عثر على جثته في مكب النفايات فقدت النطق اثر اطلاق صرخة سمعها أهالي المحمودية عندما تلقت نبا مقتل ابنها بحادث غدر جبان.
خلال تشييع المرحوم وفي ذروة موجة الغضب ابدى أبناء عمومته استعدادهم لحمل السلاح وملاحقة القتلة. وبعد مرور ساعات استسلم الجميع لقدر مشاهدة تفاصيل أخرى من المأساة العراقية وهي تكشف بالدليل الملموس اتساع نشاط القتلة منفذي حوادث الغدر الجبانة ، بحسب لافتات التأبين السود ، وسط عجز واضح عن ملاحقتهم سواء من قبل الأجهزة الأمنية او بتنفيذ وثائق الشرف المذيلة بتوقيع كبار الساسة والمسؤولين ممن يتجاهلون مخاطر استمرار عرض مسرحية" سنيو وشيعويت"، بمعنى اخر السُنّي يقتل الشيعي وبالعكس على خشبة مكب النفايات بمصاحبة اطلاق صرخة "اويلاخ" .
أويلاااااااخ
[post-views]
نشر في: 26 نوفمبر, 2013: 09:01 م