يرى محللون أنه سيكون من الصعب الالتزام بموعد 22 كانون الثاني/يناير الذي حددته الأمم المتحدة لعقد مؤتمر جنيف-2 حول السلام في سوريا، حيث تشتد الحرب وتخلف تداعيات على كل المنطقة. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الاثنين الماضي عند إعلانه موعد
يرى محللون أنه سيكون من الصعب الالتزام بموعد 22 كانون الثاني/يناير الذي حددته الأمم المتحدة لعقد مؤتمر جنيف-2 حول السلام في سوريا، حيث تشتد الحرب وتخلف تداعيات على كل المنطقة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الاثنين الماضي عند إعلانه موعد المؤتمر "اخيراً، وللمرة الاولى، ستلتقي الحكومة السورية والمعارضة على طاولة المفاوضات وليس في ميدان المعركة".
لكن قلة من المحللين تعتقد باحتمال وقف سريع للنزاع المستمر منذ سنتين ونصف السنة، والذي اوقع اكثر من مئة الف قتيل وشرد اكثر من ثلاثة ملايين شخص.
وبالواقع، فإن لائحة المشاركة في المؤتمر لم تحدد بعد، لأن القوى الكبرى تبقى مقسومة وعاجزة عن وقف المعارك، فيما يستمر العداء على أشده بين نظام الرئيس السوري بشار الأسد والمعارضة المنقسمة.
ولم تعد الأمم المتحدة تجازف بإعطاء حصيلة محددة لهذا النزاع، فيما حذر ممثل الأمم المتحدة الخاص في العراق نيكولاي ملادينوف الاثنين مجلس الأمن الدولي من مخاطر تسلل مجموعات متطرفة تنشط في سوريا الى العراق.
ورأى سلمان شيخ مدير مركز بروكينغز للأبحاث في الدوحة أن مجرد إعلان الأمم المتحدة عن موعد يعتبر إشارة إيجابية. لكنه قيّم فرص نجاح مؤتمر جنيف بـ"50 الى 50"، مؤكدًا أن ذلك "رهينة الوضع الميداني".
من جهته، قال ريتشارد غوان من جامعة نيويورك إن موعد "22 كانون الثاني/يناير لا يزال بعيدًا"، مضيفًا أن "الجيش السوري سجل انتصارات جديدة على مسلحي المعارضة، ويمكن أن يضاعف جهوده لتعزيز موقعه العسكري قبل بدء المفاوضات".
وسيلتقي المبعوث الأممي الى سوريا الأخضر الإبراهيمي مرة جديدة في 20 كانون الاول/ديسمبر مسؤولين من روسيا وأميركا في محاولة للتحضير للمؤتمر وخصوصًا لاختيار المشاركين. لكن الأسئلة تبقى عديدة: من سيمثل المعارضة السورية؟ وهل ستكون لدى الوفد الحكومي السوري سلطة اتخاذ قرارات حاسمة؟ وايران التي تدعم دمشق أو السعودية التي تدعم المعارضة فهل ستشاركان؟.
ويعلق دبلوماسي في الأمم المتحدة متابع لهذا الملف عن كثب بالقول إن "الأجوبة على هذه الأسئلة ستكون أمرا أساسيا".
واعتبر سلمان شيخ أن المعارضة ستشارك في المؤتمر لأنها "ضعيفة وبحاجة الى شرعية دولية (...) وهي لا تريد أن تظهر كالطرف الذي يفشل المحادثات عبر رفضها المشاركة" في المؤتمر.
لكنّ مسلحي المعارضة "يقومون بمجازفة كبرى" عبر التوجه الى جنيف لأنه "اذا لم تسفر المحادثات عن أي تقدم فعلي واذا تفاقم الوضع على الأرض" فإن موفدي المعارضة "سيواجهون انتقادات شديدة".
وفي المقابل، فإن مشاركة ايران تثير جدلاً لأن طهران لم توقع رسميًا على الإعلان الذي اعتمد في جنيف في حزيران/يونيو 2012 من قبل القوى الكبرى. وهذا الإعلان ينص على إقامة حكومة انتقالية في سوريا، فيما تعتبر الأمم المتحدة والغرب أنه يجب أن يشكل قاعدة المباحثات في مؤتمر 22 كانون الثاني/يناير.
ويؤكد ريتشارد غوان أنه الآن وبعد تحديد موعد للمؤتمر- وحتى وإن أرجئ في السابق عدة مرات- فإن الولايات المتحدة وروسيا تريدان الالتزام به. ويقول "لكن لا يزال هناك خطر كبير وهو أن تنسف المحادثات فور بدئها أو أن تكون النتيجة تسوية ضعيفة جدا اذا لم يبدِ المفاوضون جدية".
وعند إعلانه موعد المؤتمر يوم الاثنين الماضي، قال بان كي مون إن "النزاع مستمر منذ فترة طويلة. وسيكون أمرا لا يغتفر عدم اقتناص هذه الفرصة لوقف المعاناة والدمار اللذين سببهما".
واعتبر أن مؤتمر جنيف "هو الوسيلة للتوصل الى انتقال سلمي يستجيب للتطلعات المشروعة لكل الشعب السوري الى السلام والكرامة ويضمن الأمن والحماية لكافة الأطياف في سوريا".
فيما جددت الولايات المتحدة تأكيدها على ضرورة رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، قالت دمشق إنها لا تتوقع ضغوطًا من المجتمع الدولي لتنحيته.
مع الإعلان عن موعد مؤتمر جنيف 2، قال المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش آرنست، إن مؤتمر "جنيف 2" المرتقب في يناير/ كانون الثاني لابد أن يفضي إلى رحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة.
وقال مبعوث الأمم المتحدة، الأخضر الإبراهيمي، إن قائمة المشاركين لم تكتمل، ودعا الأطراف السورية إلى اختيار وفودها قبل نهاية العام، وحض الحكومة والمعارضة المسلحة على اتخاذ تدابير بناء الثقة بينهما، وتخفيف حدة أعمال العنف.
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري وصف مؤتمر السلام في جنيف لحل النزاع في سوريا بأنه "أفضل فرصة" لتشكيل حكومة انتقالية لإنهاء الصراع.
وجاءت تصريحات كيري في وقت لاحق من إعلان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، عقد مؤتمر " جنيف 2" في 22 يناير / كانون الثاني لإنهاء الصراع الدموي الذي أودى بحياة أكثر من 100 الف شخص.
وقال كيري في بيان "نعي جيدًا أن هناك عوائق كثيرة على الطريق لحل سياسي وسندخل مؤتمر جنيف بشأن سوريا وعيوننا مفتوحة على اتساعها".
وأكد كيري أن بلاده ستواصل " العمل مع الأمم المتحدة وشركائها في ما يتعلق بالقضايا المتبقية بما في ذلك الدول التي ستوجه لها الدعوة للحضور وجدول الأعمال".
لا نتوقع ضغوطات
وإلى ذلك، فإن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أكد أن " دمشق واثقة من مستقبل الأسد قبيل محادثات جنيف 2". وقال المقداد إن "سوريا لا تتوقع قيام المجتمع الدولي بفرض ضغوط لتنحية الرئيس السوري بشار الأسد خلال مؤتمر جنيف 2".
وأضاف المقداد في حديث لصحيفة الفايننشيال تايمز اللندنية: " لدينا ثقة كاملة بأن الشعوب في الدول الأوروبية وأميركا أصبحت مدركة بأننا في سوريا نواجه الإرهاب نيابة عن العالم أجمع".
وأوضح المقداد أنه "منذ ثلاثة أشهر تقريباً، كانت دمشق تترقب ضربة عسكرية أميركية، وأعلن البيت الأبيض هذا القرار رداً على استخدام النظام الأسلحة الكيميائية لقتل المئات من مواطنيه في الغوطة".
وأشار المقداد إلى أن "مبادرة روسيا لتدمير الأسلحة النووية السورية لم تعمل على إنقاذ البلاد من الضربة العسكرية الأميركية بل على حماية الحكومة السورية ومركزها على الساحة الدولية".
وختم نائب وزير الخارجية السوري بالقول إن "الاتفاق النووي الإيراني كان نتيجة تغيير في سياسة الغرب في المنطقة"، موضحاً أن "التوصل إلى إبرام اتفاق حول مسألة شديدة التعقيد، يعني بالتأكيد بأن جميع الأطراف التي لها صلة بالموضوع تسعى لإيجاد حلول سياسية لها".