بالأمس خرجت وزيرة البيئة الفرنسية لتعلن أمام الفضائيات أنها: " ستترك مجال السياسة تماما، لأنه يضم الكثير من الفاسدين الذين تجري إعادة انتخابهم وتتفشى المحسوبية في البلاد." وأضافت الوزيرة: " أرفض أن تستند حملتي على الوعود بالسكن والوظائف الحكومية الكبرى للجميع، مثلما يفعل بعض منافسيَّ منذ أشهر، أرفض أن أعد أي رئيس جمعية محلية بزيادة الإعانات السنوية من أجل الحصول على دعمه في الانتخابات المقبلة".
وفي الأشهر الماضية خرج الآلاف من البرازيليين للمطالبة بإعادة رئيسهم السابق "لولا دا سيلفا" للسلطة، لأنهم شعروا بأنهم مع هذا الرجل استطاعوا أن يقدموا للعالم صورة مغايرة للزعامات..ففي الوقت الذي كان فيه بعض المسؤولين يلقون الخطب الرنانة لشعوبهم، عرفت البرازيل مع رئيسها السابق ازدهاراً لم تعرفه من قبل.. أعطى الفقراء وعداً وقطع لهم عهداً.. لم يكذب عليهم ولم يركب على أكتافهم..، وفي سنغافورة خرج البسطاء قبل الأغنياء ليقدموا تحية الحب لباني بلادهم الحديثة "لي كوان يو" الذي احتفل بعامه التاسع والثمانين، حيث تذكر أهالي هذه الجزيرة التي لم تكن فيها سوى المستنقعات والفقر، كيف بنى لهم هذا الرجل المصانع والمؤسسات واستطاع أن يجعل من بلادهم واحداً من أكبر مراكز المال في العالم، يقول لي كوان لمحرر صحيفة الديلي تلغراف:" إن القيادة، أو الزعامة، موهبة.. الإدارة تكتسب، لا تشترى " ويضرب مثلا بالزعيم الصيني دينغ كسياو بنغ، الذي غيَّر حياة الصين من الفقر والجدب إلى المراكز الأولى في العالم.
هذه هي الأخبار التي أمامكم، أما أخبارنا فحدّث ولا حرج: معارك الساسة ضد الناس، وعنف الناس فيما بينهم، وصلافة البعض ممن يعتقدون أن بناء النظام يتم بطريقة خطف الكراسي والتسلل إلى مؤسسات الدولة بشعارات كاذبة،. والآن هل كثير علينا نحن أبناء هذا الوطن المنكوب، أن يخرج علينا رئيس مجلس الوزراء ويُجيب عن تساؤل مهم: لماذا يرفض محاورة الآخرين؟ وهل من حقنا أن نعرف هل قرر المالكي البقاء في السلطة وأنه يبحث الآن عن الوسائل التي تقوده إلى هدفه؟! هذا السؤال الذي يتردد اليوم بقوة خصوصاً بعد أن خرج علينا أعضاء في دولة القانون ليقولوا بوضوح، لا بديل عن المالكي إلا المالكي نفسه، أو كما اخبرنا النائب عن التحالف الوطني كاظم الصيادي ان منصب رئيس الوزراء للشيعة حصرا، ولا ننسى البشرى التي زفها لنا بهاء الأعرجي من ان لا اعتراض على تولي المالكي لولاية ثالثة، وأريد من أصحاب الرؤى الفكرية الخطيرة هذه أن يخبرونا هل قرروا أن يجعلوا من الانتخابات مجرد صورة لديمقراطية زائفة؟
وأتمنى ونحن نتابع معا صولات السيد المالكي ومقربيه أن نتمعن جيدا في قوة المجالس النيابية في العالم التي تقف سدا منيعا في وجه القرارات الفردية للحكام.. لماذا؟ لأن هذه الشعوب، زعيمها الحقيقي ليس الرجل الجالس على الكرسي، وإنما القانون الذي يعلم الجميع ساسة ومسؤولين ومواطنين ما هي واجباتهم، وأين تنتهي حقوقهم!
بينما العنوان في صحفنا الرسمية وشبه الرسمية هو واحد لا يتغير " نجاح الخطة الأمنية " فلتحيا الحكومة إذاً.. رئيس مجلس الوزراء يذرف الدموع على الحال المزرية التي يعيشها سكان العشوائيات ويصرخ: ألا من معين ألا من مناصر لهؤلاء المساكين! أتمنى ان تنتبهوا للتاريخ الذي اطلق فيه المالكي صرخته المدوية، 27/11/2013، حيث الباقي من زمن سباق الانتخابات البرلمانية خمسة أشهر فقط.
ما أسهل أن تدغدغ مشاعر البسطاء من الناس بالأحلام الخادعة، وما أسهل أن يصدقك السذج.. لكن ما أصعب أن تنجو من ثمن عدم صدقك.. يجيب لي كوان على سؤال الصحفي البريطاني عن الحب الذي يكنه الشعب له، قائلا: إن الناس أحبتني ليس عشقا بالشعارات التي رفعتها، بل لأن خطاب التغيير الذي صدعت به رؤوسهم تحوّل في سنوات معدودة إلى واقع ملموس..
عندما تحقق له النجاح أصبح لي كوان متأكدا أن الفقراء الذين جعلهم في المرتبة الأولى من شعوب العالم سيخرجون بالآلاف ليضعوا الورود على عتبة بيته.
الآن.. الناس في سنغافورة سهرت الليل لتلقي التحية لباني بلادها، فيما نحن نعيش في ظل ساسة لا يريدون أن يتعلموا من تجارب الشعوب، ويصرون على أن نقرأ في الصحف مانشيتاً واحداً لاغير: " صوتوا للمالكي لدورة ثالثة فهو وحده القادر على الوقوف بوجه أهالي الأنبار ودحر أبناء البصرة ومحاصرة كردستان وتجويع أهالي مدينة الصدر"!.
لماذا تذكّرهم المالكي الآن؟!
[post-views]
نشر في: 27 نوفمبر, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 5
حنا السكران
تحاجج المالكي بلي كوان سيقول لك انتظر لاحكم مثله 38 سنة وسترى .
klilalfares
لماذا هذا الحقد على المالكي ؟ هل لانه وقّع على اعدام الطاغية بعد ان خرست الالسن وجبن الذين يدعون بالبطولات والجهاد . ام لانه ضرب المليشيات التي كانت تتصرف على هواها من قتل وسرقة الاموال ام لانه مصر على وحدة العراق وضد التقسيم ام لانه وقف ضد سرقة النفط ال
سومري للنخاع
أحيي قلمك الذي سطر هذه ِ الكلمات الجميلة والوافية التي لامست واقعاً رغم مرارته فهو حقيقي وليس هلامي. كل شعوب العالم لديهم زعامات يفتخرون بها الا نحن في العراق لدنيا زعامات بسبب نتانة فسادهم وصلافة اخلاقهم وتصرفات المحيطين بهم احياناً نضطر ونخشى ذكر نحنُ م
ابو سجاد
ولما لايوافق بهاء الاعرجي وغيره من الائتلاف اللاوطني على ولاية ثالثة للمالكي اليس هذا الرجل ولي نعمتهم والساهر على ملايينهم هو الذي اثراهم والان يتنعمون بالمال والامتيازات هل الرجل حاسب احدا منهم وهل قدم ملفا واحدا ضد احدا منهم لا والله الرجل هو الذي يرعى
0027372700
تكمن المشكلة ببساطة بأن هناك مقتول بغض النضر عن انة شهيد ام حقيد ولقاتل هوة المذكور اعلاة موقعا على اعدامة لعل السبب هوة بحسب نضري القريب البعيد لطالما كانت العمليات لارهابية هي ردا على قتل لمقبور لاننسى ان هذا المقبور كما يقولون اهلنا في العراق (بيضوا وج