الرئيسية > أعمدة واراء > في الثناء على سمر قحطان

في الثناء على سمر قحطان

نشر في: 27 نوفمبر, 2013: 09:01 م

بالعنوان نفسه كنت قد تناولت في هذا المكان التجربة الادائية للفنان بشير الماجد من خلال بطولته باكورة اعمال المخرج المثابر محمد الدراجي "احلام".. عندما قدم دورا تجاوز فيه نفسه وخبرته في هذا المجال وكنت قد امني النفس فيما كتبت ان يبقى الماجد مخلصا لهذا الجنس الابداعي المهم في الصنعة الفيلمية، وهو ما لم يفعله، الماجد للأسف عندما انصرف الى الاخراج مرة والانتاج اخرى مستفيدا من بريق نجاحه كممثل ولم يستطع ان يقدم بعد ذلك ما يوازي ما قدمه في "احلام" وان كان تحت ادارة المخرج نفسه.
اقول ذلك وانا بصدد الثناء على اداء الممثل سمر قحطان بمتابعة وان لم تكن شاملة في المسرح والسينما.
اذا ما سلمنا للفرضية التاريخية التي تقول ان الممثل هو الذي صنع المخرج، فاننا مع تجربة "سمر قحطان" امام حالة اخرى، تتعلق في كون هذا الممثل في تجربته السينمائية قد عمل تحت ادارة اثنين من المخرجين، يشار الى انهما يتمتعان بامتياز الخطوة الاولى للفيلم العراقي بعد عام 2003، وهما عدي رشيد ومحمد الدراجي.
فهو مع الاول وفي فيلم "غير صالح للعرض" امتلك تجربة جريئة للتعاطي مع جو السينما، ومع الثاني مكرسا هذه التجربة كممثل سيكون له شأن في السينما على وجه التحديد.
اقول للسينما ذلك انها ساحة اخرى تمنح الممثل اداؤه الخاص، واذا كانت لقحطان تجربة مميزة في المسرح، فقد برهن على انه ممثل لا يستهان به بشروط الصنعة السينمائية ايضا.
في فيلم محمد الدراجي "تحت رمال بابل" –الذي ستكون لنا وقفة خاصة معه- تجلت بشكل واضح المهارة الادائية لقحطان في التعاطي مع كاميرا مخرج سينمائي، والذي ساعد في ذلك طبيعة الشخصية التي اداها ورسمها المخرج بدوره بإتقان واضح. فهو هنا مبدع بكامل صفات المبدع التي حددها "كليفورت" فهو يؤدي بهذا الفيلم شخصية ملتبس موقفها ازاء الحدث، فهو جندي منسحب بعد اندحار كتيبته في الحرب، وفي الطريق يلقى القبض عليه باعتباره مشاركا في الانتفاضة التي عمت البلد في التوقيت نفسه، ويتعرض لصنوف الاهانة والتعذيب.
اللافت في هذه الشخصية ان سوء الفهم في القاء القبض عليها والتعذيب الذي مورس ضدها لم يثنها عن الصراخ بصوت عال ان لا علاقة لها من قريب او بعيد بهذه الانتفاضة، حتى وهي تعيش الجور والقسوة التي عومل بها رفاقها بالسجن، فهي تحتفظ بشعور كونها ضحية سوء فهم ليس الا.
سمر قحطان هنا عاش هذا التناقض المدمر بشخصية البطل، انطلاقا من الحساسية المفرطة للممثل المبدع –وليس اي ممثل- في ادراك مكامن الخلل في الشخصية، الضعف، القوة، التنقض الحاد في السلوك الشخصي.. والتي تتيح له –اي هذه الحساسية- استبطان دواخل الشخصية المجسدة وانسجامها مع الحدث، وهنا فقط تضيء الشخصية وينضج الاحساس بها سواء للمثل نفسه ام للمتلقي.
طبيعة هذه الشخصية كما اسلفت منحت سمر قحطان مساحة واسعة لاستعراض مهاراته الادارية، وكان للمخرج لا شك دور واضح في ذلك، فعبء الحدث الاساس كان واقعا على كاهل هذه الشخصية، وهي مغامرة خاطر بها الدراجي وكان سمر قحطان رهانها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

كلاكيت: "ندم" وعودة الفيلم الجماهيري

الحاكم بمنظور إمام سلطة الحق

العمود الثامن: اربيل تقرأ

مرور نصف عقد على رحيل رفعة الجادرجي 10 نيسان 2020

قناطر: أغنيةُ أبي

العمود الثامن: جماعة الفشل

 علي حسين ثمة متعة خاصة في قراءة كتب المفكر الفرنسي جاك أتالي، وخصوصاً كتابه عن كارل ماركس والذي أكد فيه على مقولة ماركس الشهيرة "ظلّت الفلسفة تفسّر العالم بطرق مختلفة. ولكن المهم تغييره"....
علي حسين

قناطر: المُوحِشُ المُسْتفرَد بين السعفِ والقبّرات

طالب عبد العزيز من السعف الذي لم تأته الريح من الشمال، ومن الجذوع، أنبأتها الشمسُ بموعد النهار، ومن القصب، لم تثقّبهُ نداءاتُ الراحلين، فظلَّ قصباً الى الحين والابد، أنشأتُ كوخاً، آوي اليه أحياناً، أسجِّي...
طالب عبد العزيز

( 50 ) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياةً بين قذيفتين

زهير الجزائري   ( 3) من نافذة الصف تمتد أمامي نازلة بساتين الحمضيات. أحاول أن أهدئ نفسي بخضرتها المتعافية و بزرقة البحر الممتد إلى اللانهاية. أسمع جرس الاستراحة وأقول لنفسي: مستحيل! لا البحر ولا...
زهير الجزائري

في خط الشروع للمشروع الوطني التنموي

ثامر الهيمص لكي تنهض اي امة او شعب، لابد ان يكون لديهما مشروع سياسي واقتصادي واضح المعالم ، لذا ينبغي تجديد كتابة الماضي وفق مسلتزمات الواقع المتجدد ، بما يؤهل المشروع للمقبولية الاجتماعية والتاريخية...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram