حاول الموسيقيون تصوير الأحداث والمشاعر في أعمالهم منذ القدم، حتى قبل ظهور ما يسمى الموسيقى البرنامجية أو موسيقى البرنامج في الموسيقى الرومانتيكية، وبعدها الموسيقى الانطباعية في نهاية القرن التاسع عشر. وتفاوت نجاحهم في هذه المحاولات تبعاً لعبقريتهم وا
حاول الموسيقيون تصوير الأحداث والمشاعر في أعمالهم منذ القدم، حتى قبل ظهور ما يسمى الموسيقى البرنامجية أو موسيقى البرنامج في الموسيقى الرومانتيكية، وبعدها الموسيقى الانطباعية في نهاية القرن التاسع عشر. وتفاوت نجاحهم في هذه المحاولات تبعاً لعبقريتهم واستعمالهم الوسائل الموسيقية المتاحة لديهم لتصوير الحدث أو الشعور المطلوب.
لتوضيح هذا الأمر اخترت أغنية من أوبرا كتبها الموسيقار الإنكليزي العظيم هنري برسل بعنوان الملك آرثر(١٦٩١)، استنادا لنص الشاعر الكبير جون درايدن بالتعاون معه. هذه الأغنية تحمل عنوان أغنية البرد، استعمل فيها برسل تقنية موسيقية - شعرية لتصوير الشعور بالبرد ونجح في ذلك أيما نجاح. فهي تجبر المستمع على الشعور بقشعريرة البرد ولربما يرتجف ويرتعد عند سماعها. عنوان الأغنية "أية قوة أنت" تغنيها جنية البرد في سلم دو الصغير بإيقاع ثنائي (٢ على٤). والتقنية المستعملة بسيطة جداً لكنها مؤثرة، إذ قام برسل باستغلال الإيقاع الثنائي لتقطيع النص الشعري ليبدو شبيهاً بالرعشة بمصاحبة الأوركسترا وهي تؤدي نغمات متكررة ومزخرفة بترعيشة قصيرة (موردنت) وبتقطيع مشابه على شكل مصاحب للأغنية التي تقول:
أية سلطة أنت يا من جعلتني أنهض بالضد من رغبتي وببطء من أسر الثلج الدائم،
ألا ترى كم أنا عجوز ومتصلبة أطرافي؟
لست قادرة على تحمل البرد القارس،
لا أقوى على الحركة أو التنفس،
دعني دعني أتجمد من جديد،
دعني دعني أتجمد من جديد حتى الموت...