TOP

جريدة المدى > عام > في الذكرى الثامنة عشرة لرحيله:عزيز علي رائد فن المونولوج.. أغنياته تصلح لكل زمن

في الذكرى الثامنة عشرة لرحيله:عزيز علي رائد فن المونولوج.. أغنياته تصلح لكل زمن

نشر في: 30 نوفمبر, 2013: 09:01 م

في السادس والعشرين من تشرين الأول عام 1995 غادرنا الرائد الموسيقي وناظم الشعر والمونولوجست (عزيز علي ) عن عمر ناهز الـ 84 عاما بعد معاناة مع  المرض لمدة ثلاث سنوات . عزيز علي فنان عراقي كبير أسهم في خلق لون غنائي فريد من نوعه في العراق هو ( المو

في السادس والعشرين من تشرين الأول عام 1995 غادرنا الرائد الموسيقي وناظم الشعر والمونولوجست (عزيز علي ) عن عمر ناهز الـ 84 عاما بعد معاناة مع  المرض لمدة ثلاث سنوات .
عزيز علي فنان عراقي كبير أسهم في خلق لون غنائي فريد من نوعه في العراق هو ( المونولوج ) ,الذي عرف في مصر  وسوريا قبل العراق. ويمثل غناء حكواتيا معبرا يخلط ما بين السياسة والفن وقضايا المجتمع .
وقد جمع عزيز في شخصه ثلاث مواهب ،إذ يكتب كلمات مونولوجاته ويقوم بتلحينها ثم يؤديها بصوته  المعبر والمؤثر .
كانت بداياته الأولى مع إذاعة  بغداد منذ أيامها التجريبية الأولى في سنة تأسيسها عام 1936, حين كانت تابعة لدائرة البريد والبرق العامة ,وأنشد فيها أناشيد سيد درويش (بلادي بلادي ) و( الملائكة لا يسجنون ) وغيرها .وتقاضى أربعة دنانير عن عدة أناشيد. وفي عام 1937 بدأ يقدم ( أقواله )
على حد تعبيره وكان أولها عال العال ثم انطلق يغني أقواله  المنغمة حتى بلغ عددها اكثر من 400 مقال . من أبرز آراء عزيز علي ماذكره  في برنامج ( رحاب الفن ) الذي بثت أولى حلقاته في 3 شباط عام 1966 بعد ان غاب عن التلفزيون لعدة سنوات. وقد أثار هذا البرنامج ضجة كبيرة على صفحات الجرائد وفي الإذاعة والتلفزيون من قبل الذين تأثرت مصالحهم من آرائه,  وفي ذات الوقت لاقى ترحيباً من المثقفين والمتعلمين ممن يمتلكون نظرة علمية للأمور، ومن أبرز آرائه في البرنامج حول الأغنية العراقية :-
إن كلمات أغانينا ينظمها حفنة من الأميين, وتحريم اختلاط الجنسين في مجتمعنا أشاع التحلل بتعابير مفضوحة في أغانينا  بطريقة مخجلة .
إشاعة روح التخاذل  والتخلف في الأغاني بتأثير من الاستعمار والرجعية ,دخول الكلمات الأعجمية في المقام العراقي ،مما أبعده عن الأصول التي عرفها المقام أيام العباسيين مما يدعو إلى تحريره من ذلك والعودة به إلى أصوله . وقد أثار الجدل ضد طروحات عزيز بطريقة وصلت آثارها إلى الدوائر المسؤولة, مما أدى إلى إلغاء البرنامج. وكانت أبرز الآراء المعادية والمؤيدة لطروحات عزيز آراء محمد القبانجي الذي أيد طروحاته بشأن أمية بعض الناظمين, لكنه عارضه بخصوص عائدية المقام ،حيث اكد القبانجي ان مقامنا الحالي هو نفس المقام عند العباسيين لكنه لم يسند كلامه إلى رأي علمي أو تاريخي بل  قال عن ذلك ( إن العراق حكمه البويهيون والسلاجقة فكيف يكون حال الأديب ياترى ؟)
والطريف في الأمر ان القبانجي  نفسه قاد حملة كبيرة لتعريب الألفاظ الأعجمية والدخيلة في المقام العراقي بعد عدة سنوات من ذلك الموقف, وهذا يعني ان ما قاله الراحل عزيز علي كان صحيحاً جداً .كذلك أيد ( جعفر الخليلي ) دعوة علي ،في حين عارضه (أحمد الصراف ) وهاجمه ( فيصل حسون ) نقيب الصحفيين آنذاك, ورد عليه (عبد الحميد العلوجي ). ثم أجرت إحدى الصحف استفتاء لقراء المواليد والمقام ورواد المقاهي ،ومنهم ( شعوبي وعفيفة إسكندر ) وغيرهما  . ردوا فيه على عزيز علي بألفاظ جارحة. وقد تزعمهم الناقد عبد  الوهاب بلال فردت عليهم جريدة ( كل شيء ) بمقال ( لعبد المنعم الجادر ) ،ثم أجرت استفتاء مضادا شارك فيه د0 علي الوردي والخليلي والعلوجي وخالص عزمي وعبد الرزاق  الهلالي والقبانجي وهاشم الرجب .
 ومن أبرز إنجازات عزيز علي تأسيس مدرسة الموسيقى للأطفال في عام 1970 .وقد أوفدته الحكومة إلى موسكو للاطلاع والتعاقد مع مدرسين لتكوين نواة لهذه المدرسة. وفعلا بعد عودته أسسها وصارت منبرا مهما لتخريج الأطفال وتعليمهم العلوم الموسيقية  بطريقة علمية صرفة. بقي ان أشير إلى بعض مزاجية الفنان الرائد عزيز علي حسبما لمستها منه شخصياً من خلال اللقاءات  المتواصلة التي دامت ما يقارب الشهر في منزله المتواضع  في منطقة الداودي , وهو عبارة عن غرفة داخل غرفة مما  تبقى من منزله الذي باعه كي يستطيع توفير معيشته مع ابنته, بعد استشهاد نجله في الحرب مع إيران. فعرفت ان عزيز علي يتميز بنظرة ثاقبة وعميقة ولا يحيد عنها مهما كانت النتائج بدليل تحمله الجوع والسجن والحرمان بسبب آرائه المعلنة .. كما لمست فيه عناداً لامثيل له .. إذا قال شيئاً لا يتراجع عنه حتى إن كان ذلك الشيء يخص أمرا تافها. ويحسب لي إنني أول الذين التقوا به بعد فترة طويلة في الصحافة والإعلام ،وأقصد اللقاء به من خلال ملف موسع وليس حديثا عابرا قال فيه أشياء وأسرارا كثيرة .وكان يقول لي دائما لا أعرف كيف أقنعتني بالبوح بكل ذلك حتى الحلقة التي تناول فيها  قضية المقام تحدث لي عنها ثم اتصل بي تلفونيا كي يمنع نشرها لما فيه من آراء تثير الكثير من المشاكل لكنني خالفته في ذلك, وأصررت  على نشرها وزعل علي لكنه حينما لمس تقبل الناس والنقاد لها  بعكس ماحدث في الستينات, اتصل بي ثانية وهنأني على إصراري وأمانتي الصحفية .. لكنني من جانب آخر لم أستطع إقناعه بتسجيل سيرة حياته تلفزيونياً لشركة البحر حين كنت أعمل مديراً للإعلام فيها ،وأذكر إنني ذهبت مع مديرها المفوض الفنان الراحل ( خالد ناجي ) لإقناعه ونجحنا في ذلك ،لكن المقابل المادي الذي طلبه حال دون تسجيل   تلك الحلقات التلفزيونية التي كانت ستظل  الأرشيف الوحيد له .فهو طلب عشرة آلاف دينار في حين عرض الفنان ناجي خمسة آلاف هي كل ما يملكه في حينه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

في مديح الكُتب المملة

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

كوجيتو مساءلة الطغاة

مقالات ذات صلة

علم القصة: الذكاء السردي
عام

علم القصة: الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الاولالقصّة Storyالقصّة وسيلةٌ لمناقلة الافكار وليس لإنتاجها. نعم بالتأكيد، للقصّة إستطاعةٌ على إختراع البُرهات الفنتازية (الغرائبية)، غير أنّ هذه الاستطاعة لا تمنحها القدرة على تخليق ذكاء حقيقي. الذكاء الحقيقي موسومٌ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram