TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "زمزم"... تطوير للإخوان أم انشقاق

"زمزم"... تطوير للإخوان أم انشقاق

نشر في: 30 نوفمبر, 2013: 09:01 م

تؤشر توجهات هرم قيادة الإخوان المسلمين في الأردن، لمحاكمة مطلقي المبادرة الأردنية للبناء "زمزم"، إلى عقلية تعيش وهم التفرد بامتلاك الحقيقة، حتى داخل أطر التنظيم، لكن بعض هذا الهرم، يُخفف من فكرة التوجه إلى المحكمة الحزبية، فيدعو إلى عدم التسرع في اتخاذ إجراءات تنظيمية بحق مؤسسي المبادرة، مع دعوة أعضاء "زمزم" لمراجعة مبادرتهم، والتحقق من الإضافة التي قدمتها للجهد الشعبي المطالب بالإصلاح، في مسعى لاستيعاب "زمزم" من خلال الحوار، وعلى خلفية ضرورة النظر بدقة إلى أي إطار جديد سياسي، بسبب توظيف الأجهزة الأمنية لكل ما هو جديد، من خلال خلط الحقائق، رغم الاعتراف بأن المبادرة لم تنطلق بتوجيه رسمي، وأن هناك حاجة للمراجعة السياسية العامة لدى الإخوان.
خارج إطار التنظيم يتشفى المؤيدون للمبادرة بالإخوان، الذين تسعى قيادتهم للانتقام من الخارجين على إرادتها، ذلك يضع "زمزم" في بيئة غير صحية، داخل دائرة مغلقة على التشفي والانتقام، إضافة إلى أن مطلقيها المختلفين مع النهج السياسي والتنظيمي لقيادتهم، اغتنموا واقعاً يحتاج بجدية إلى صيغة توافقية، للخروج من عنق الزجاجة التي اشتركت الحكومة والجماعة في حشر البلد فيها، لكن المؤسف أنها لم تتمكن من تحريك المياه الراكدة الآسنة في علاقة الطرفين، فلاهي دخلت حواراً معهما، ولا هي أنتجت برامج واضحة تلتف حولها الجماهير من داخل التنظيم، أو من قوى المعارضة ، في حين اعتبرتها قيادة التنظيم مشروعاً سياسياً نزقاً، لأعضاء شقّوا عصا الطاعة، صحيح أنه ربما كانت المبادرة إرهاصة أولى للانشقاق، لكن الصحيح أيضاً أنه كان على الجماعة الابتعاد عن ممارسة الضغط التنظيمي، وتسطيح الفكرة ومقاومتها سراً وعلانية، حد حشرها في دائرة المحاكمات الحزبية، التي تنتهي عادةً بفصل الأعضاء، أو الرجوع عن "الخطأ".
فكرة المحاكمة الحزبية بعيدة كلياً عن أي توجه ديمقراطي، ذلك أن الطبيعي أن من حق أعضاء الحزب ممارسة حريتهم في التصويت تحت قبة البرلمان، والأدلة على ذلك كثيرة في البرلمان البريطاني والكونجرس الأميركي، كما أن في داخل كل حزب أوروبي تقريبا، تيارات ولوبيات ومراكز ضغط،، تعبر عن نفسها بشكل علني، وتخالف قرارات القيادة أحيانا، بينما الخطيئة الوحيدة التي تدفع أي حزب ديمقراطي إلى فصل أحد أعضائه، هو تورطه في قضايا فساد أو فضيحة أخلاقية، أما اللجوء للمحاكمة والفصل لأسباب تتعلق باختلاف الآراء فهي مسألة لا تتمسك بها غير أحزاب منطقتنا، ورغم أن الإخوان يتغنون بالربيع العربي، باعتباره مدخلاً لتغيير الواقع الراهن يمنح المجتمعات القدرة على رفض أي أنظمة تتجاوز على حق الناس في التعبير، فانهم ينشئون المحاكم الحزبية لمن يخالفهم الرأي من صلب تنظيمهم.
يرى البعض أن قادة زمزم تسرّعوا بإطلاق مبادرتهم قبل إنضاج ظرفهم التنظيمي، وهم ربما توهموا أنهم اقوى من الجماعة الأم التي لن تمتلك الجرأة لمحاكمتهم، ويرى آخرون أن الجماعة لم تنظُر للمبادرة بعين سياسية، يمكن توظيفها لفتح حوار مع الآخرين دون تحمل كلفته السياسية والتنظيمية، فإن نجحت المبادرة في تحريك الماء الراكد دخلتها من أوسع الأبواب، وإن تعثرت فلا جناح عليها، وهكذا تعرضت المبادرة للظلم من أنصارها ومناهضيها على حد سواء، ورغم أن مطلقيها راهنوا على عدم الخروج من تحت مظلة الجماعة، وان تمسكوا بمبادرتهم، فإنهم  فشلوا في الجمع بين الموقفين، ما يحتم عليهم اليوم الاختيار بين الماضي المتمثل بجماعة الإخوان، أو المستقبل المأمول من مبادرتهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram