TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مكرمة الحكومة

مكرمة الحكومة

نشر في: 30 نوفمبر, 2013: 09:01 م

معظم العراقيين لا يثقون بالوعود الحكومية،  وهناك استطلاعات للرأي  ودراسات  ميدانية لجهات مستقلة  أثبتت هذه الحقيقة  ، لكنها لم تأخذ طريقها للنشر ، وظل تداولها في نطاق محدود، شرائح واسعة من المجتمع  لطالما تجاهلت تصريحات المسؤولين المعلنة لاعتقادها  بانها لغرض الاستهلاك الإعلامي ، او لتحقيق مكاسب لجهة معينة ،  ومطلع العام الحالي اعلن مجلس الوزراء قراره القاضي بمنح جميع الفقراء قطع أراضٍ سكنية مساحة الواحدة  150 مترا مربعا ستوزع في بغداد  والمحافظات على شكل دفعات ، طبقا لضوابط  سيتم الإعلان عنها لاحقا ، لمنع حالات  الاحتيال والالتفاف على القانون باعتماد  آليات  لحصر  أعداد الفقراء لشمولهم بقرار مجلس الوزراء بالرجوع الى بيانات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ، ووزارات أخرى ، وكذلك من يتسلم مساعدات من الدولة.  
أعداد كبيرة  من العراقيين يسكنون في العشوائيات ، وفي ظروف معيشية  صعبة ، اغلبهم لا يمتلك الدخل الثابت ، وهؤلاء في عداد المنسيين ،  يعانون  انعدام الخدمات وانتشار الأمراض     ولكنهم يحتلون الواجهة في مواسم الدعاية الانتخابية ، وسبق لمنظمات دولية ان  التقت بتلك الأسر،  ووثقت معاناتها بأشرطة مصورة أخذت طريقها الى وسائل الإعلام ، وبعض المسؤولين شكك بتلك التقارير،  وقال ان هذا الوضع من المستحيل ان يكون في العراق ،  وماعرض من مشاهد مجرد  حالات صورت  في مدن أفريقية ، مازالت  تعيش  في مرحلة العصور الحجرية  ، وليس في  انقاض معسكر الرشيد ،  وأحياء أخرى تقع بالقرب من منطقة معامل الطابوق في اطراف الرصافة من العاصمة  بغداد .
 الخشية من حصول احتيال والتفاف على القانون ،  وارد جدا ، والجهات المعنية هي الوحيدة القادرة على منع حصول تلك الحالات ، وحرصها في تنفيذ القرار غير خاضع للتأجيل ، انطلاقا من إعلان رئيس الحكومة سعيه على توفير اكثر من مليوني قطعة ارض سكنية لمن يستحقها لكي يشهد العراق وخلال مدة زمنية قصيرة القضاء نهائيا على أزمة السكن  .
أمانة بغداد  هي الأخرى تمتلك البيانات الدقيقة  عن أعداد الساكنين في العشوائيات والمتجاوزين على أراضي الدولة ، ولطالما أعلنت تعطيل تنفيذ مشاريعها ، وعزت الأسباب الى ضعف الاجراءات الحكومية في حل هذه المشكلة ، فضلا عن استخدام مشكلة المتجاوزين ورقة سياسية من قبل بعض القوى ، وبدورها طالبت الأمانة بشمول المتجاوزين بقرار مجلس الوزراء  لكي تباشر بتنفيذ مشاريعها المعطلة .
"مكرمة الحكومة " تواجه مشكلة الاحتيال ، وعندما يعلن نهائيا القضاء على الفساد المالي والإداري ، سيصل المسؤول الى العشوائيات ليسلم  سكانها سندات تمليك الأراضي ، وحينذاك  سيلمس العراقي  ولأول مرة في حياته اهتمام المسؤولين به ، ولكن تحقيق هذه الخطوة  بحاجة اليوم الى إجراءات عملية  على الأرض ،  لكي تستعيد الحكومة ثقة من يشكك بوعودها في القضاء نهائيا على أزمة السكن بإنجاز ثوري جبار ستتغنى به الأجيال على مدى التاريخ .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram