منذ البداية أدرك يوسف شاهين ,المولود عام 1926 , إن صنع الأفلام يتطلب جهدا شاقا ووقتا طويلا . ومن خلال رغبته في الخروج من دوائرها التقليدية تمكن من تجاوزها إلى حد كبير . ويمكن أن نحدد عام 1954 كبداية أول مرحلة جدية خاضها شاهين حين حقق (صراع في الوادي ) , بعد أن حقق أفلاما قد تكون جيدة بالنسبة للسينما المصرية السائدة آنذاك إلا أنها لم تكن هي المرجوة منة ,
هذه الأفلام كانت (بابا أمين ) أول افلامة عام 1950 و( ابن النيل ) 1951 و ( المهرج الكبير ) 1952 و( سيدة القطار ) 1953 و( نساء بلا رجال )1953 . و( شياطين في الصحراء ) 1954 و( صراع في الميناء ) 1956 و( ودعت حبك ) 1957 و( أنت حبيبي ) عام 1957 ثم ( باب الحديد ) 1958 . سينمائيا كان هذا الفيلم أول نجاح عالمي لشاهين واذارتبط نضوج شاهين بالمرحلة التي تلت ثورة يوليو/ تموز بسنوات , فان هذا النضوج لم يكتمل إلا بعد فترة طويلة خضعت فيها تجربته لظروف التطور الاقتصادي والسياسي مما دفع بافلامة إلى ان تكون تعبيرا عن واقع الحال . وبعد أربعة أفلام هي ( حب العباد ) 1959 و( بين ايديك ) 1960 و( رجل فى حياتى ) 1961 و( نداء العشاق) 1961 وبعد خمسة أعوام من ( باب الحديد ) قدم شاهين عام 1963 ( صلاح الدين الايوبى ) أول افلامة الملونة وأفضل الأفلام التاريخية المصرية , وكانت مصر آنذاك في وحدة مع سوريا وصلاح الدين الايوبى من اكبر رموز الوحدة العربية . وفى ( فجر يوم جديد ) حاول شاهين تقديم الجانب المشرق من الحياة المصرية ثم يرحل إلى لبنان قبل هزيمة 67 بعامين ليقدم أول أفلام المطربة فيروز ( بياع الخواتم ) عن مسرحية للأخوين رحبانى , ومن بطولة وغناء فيروز وتكمن اهميتة في كونه استفاد إلى حد كبير من أجواء الرحابنة الساحرة وأسس هذا الفيلم لتعامل شاهينى مع الأغنية والموسيقى سوف ينمو لاحقا في بعض مشاهد ( عودة الابن الضال ) ثم ( رمال من ذهب ) عام 1966 الذي صور في لبنان والمغرب واسبانيا ثم بعد ذلك فى (اليوم السادس) و( الاخر ) و( المصير ) . وفى عام 1970 قدم شاهين فيلم (الأرض ) حيث عاد إلى أجواء ( صراع في الوادي ) واقتبس رواية لعبد الرحمن الشرقاوي أضفى عليها رؤيته السينمائية التي كانت قد ازدادت مع الأيام تميزا وسموا , ليجعل من هذا الفيلم واحدا من أفضل ماانتجته السينما العربية ليس في نظر النقاد , بل في نظر الجمهور أيضا. وفى عام 1972 ظهر فيلم (العصفور ) ليخبرنا أن شاهين يعيش قدرا كبيرا من التشويش , ويملك أسئلة أكثر من الأجوبة , ولان شاهين أراد أن يقول فيه أشياء كثيرة وعديدة , ظل غامضا على الفهم لكن كان (العصفور) يمثل حديثا مهما عن هزيمة 67 , واستقبل حيثما عرض بترحاب شديد . ومن الناحية السينمائية شهد هذا الفيلم تطويرا جديا في استخدام شاهين للغته السينمائية . لقد كانت أخر عشرين دقيقة من الفيلم من اجمل واقوي واصدق المشاهد السينمائية العربية على الإطلاق , وفيها يصور شاهين كيفية وقوع الهزيمة على إفراد الشعب العربي, واكتشافهم حقيقة وقوعهم ضحية لوسائل الإعلام الكاذبة. أن الصدق الذي يختم بة شاهين فيلمه في أجواء ملحمية وشاعرية مفعمة بالحماس جاء دليلا على وعى الفنان لشعبة وقضايا امتة . وفى عام 1973 قدم شاهين فيلم ( الناس والنيل ), وكان فيلم الاختيار ( 1971 ) بداية مرحلة ,ونهاية مرحلة أخرى .. ومنذ فيلم ( الاختيار ) وشاهين يعلن المرة تلو الأخرى انه ومنذ كارثة 67 : (لم يعد يستطيع أن يحكى حدوتة, فليس ثمة قصة يمكنها أن تعكس افكاره ومشاعره على نحو متكامل , وهو يريد أن يعبر بأسلوب خاص ومتحرر من وسائل السرد التقليدية عن رؤيته واحساسة بالتلاحق السريع للأحداث والتغيرات التي تلحق بالوطن في ( الاختيار ) من الممكن إن تلمس واحدة من أفكار شاهين : فالمظهر النظيف المستقر غالبا مايخفي مضمونا سيئا ومتهالكا , فوراء نجاحات (سيد)مثقف السلطة الانتهازي سلسلة من الجرائم والخيانات . وفى ( العصفور )( 1972 ) نجد أن وراء الملصقات والإعلانات الثورية التي ملأت الشوارع والجدران قبل حرب 67 بأيام قليلة , والتي تتحدث عن تماسك الجميع وعن القوة القاهرة التي لن يصمد العدو أمامها نجد إن وراء هذا المظهر جريمة مروعة. كان يوسف شاهين بحسه الفني وبصدقة المفرط في تعامله مع الواقع أكثر الناس تشاؤما , وكان واقع السبعينيات المضطرب سريع التغير المليء بالصراعات يفرض نفسه بقوة على افلامه فيلم ( أسكندرية ليه ؟ ) ( 1978 ) في خط من خطوطه كان امتدادا أصيلا لأفلام يوسف شاهين رغم ماقيل أيامها أنه مجرد حدوتة ذاتية تدور داخل طبقة محدودة وأقلية معينة باعتبار أنه .. (لايمكن لأحد أن ينكر دور الأقليات التي عاشت في مصر . لقد لعبت هذه الأقليات دورا مؤثرا في الحياة الاقتصادية والثقافية والسياسية للمجتمع المصري وتصويري لهذا المناخ المنفتح يرد على ادعاءات (الصهيونية) الخاصة بان العالم الاسلامى عالم متعصب ) وفى (حدوتة مصرية) (1982) قدم شاهين محاكمة لنفسه وفى ( أسكندرية كمان وكمان ) 1990 أكد فيه شاهين على المنحى الذاتي والنفسي الذي يتميز بين المراوحة والتداخل بين هموم الوطن ورغبات الفرد الفنان . وتؤكد الثلاثية على إن شاهين قد تعلم عن طريق ملاحظاته المباشرة التى ميزت أنماط الأفلام التي تتقبلها المهرجانات السينمائية الغربية بعد تجاربه في مهرجان كان مع ف
يوسف شاهين..تاريخ حافل بالفن والسياسة..والمعارك..والنجاحات
نشر في: 13 نوفمبر, 2009: 04:02 م