خيرية المنصورقد تكون اوراقي مبعثـرة بترتيبها الزمني وليس في فحواها, قد تكون مفيدة للبعض لنقل تجربتي السينمائية مع الأب الروحي يوسف شاهين, أبدأ الحكاية بإحدى هذه الأوراق المبعثـرة, في شيراتون القاهرة,امواج من البشر المتلاطم, أفيشات أفلام معلقة هنا وهناك, لوحة إعلانات كبيرة يزينها خط بالبونط العريض, مهرجان القاهرة السينمائي, بجسمي الضئيل استطعت أن أشق هذه الأمواج واخذ زاوية,
ابحث عن الفنانة الصديقة منى واصف, صوت يخترق سمعي يناديني بإصرار, خيرية, التفت, فإذا بالصديقة المخرجة ايناس الدغيدي, جلسنا نتجاذب الاحاديث عن العراق, عن الحصار, السينما العراقية, وتوقفها, عن, وعن, …وقطعت حديثي, ماذا تعملين الآن مع شاهين في شركة أفلام مصر العالمية ؟ أجبتها, نعمل من دون عمل, يعطينا رواتب, وبس, كثر خيره, على الأقل أرسل لعائلتي مبلغا جيدا امن فيه مدرسة ابنتي, وبلدنا محاصر, فاتسعت حدقتا عينيها, وردت علي, احب اقول لك إن يوسف شاهين لا ينتج لك ولا لغيرك إذا لم تحصلي على تمويل لفيلمك, وهذه الحقيقة أنت تعرفيها جيداً, وكل المساعدين الذين عملوا معه,اصبحوا مخرجين يشار لهم مثل رضوان الكاشف, ويسري نصر الله, وحتى علي بدرخان, مزقوا شرنقة شاهين, وانطلقوا بعد حصولهم على تمويل لأفلامهم, فأنت عليك يا خوخة بتمزيق هذه الشرنقة وانطلقي إلى عالم السينما الرحب, لا تخافي أنت مخرجة ولديك فيلمين روائيين, وغير الأفلام التسجيلية, ولديك جوائز حصدتيها, مزقي هذه الشرنقة وستجدين هناك اكثر من ذراع تحتضنك بدفء ومحبة, كفاية أربعة أفلام عملتيها مع جو (وجو اسم التدليع ليوسف شاهين) انطلقي وتعرفي على السينمائيين حتى يعرفوك, لماذا ساكتة لا تردي ؟ ابتسمت على مضض ورديت عليها, ان رضوان الكاشف يرحمه الله قال لي نفس كلامك, نظرت الي وقالت لأننا أصدقائك ونحبك, صوت أحدهم نادى على ايناس, وقفت قائلة : اسمعي بعد انتهاء المهرجان سوف أبدأ بفيلم الوردة الحمراء يشرفني وجودك معنا, ونحن أخوات, تعالي وتعرفي على الناس, ناداها الصوت مرة أخرى, تركتني معتذرة بعد أن أعطتني أرقام تلفوناتها وعنوان شركتها, وبكلام حازم قالت لي, حستناك اوعي تنسي … تركتني متخبطة في أفكاري حتى الصديقة التي جئت ابحث عنها لم تبق لدي رغبة للبحث !!… خرجت وسرت على كوبري الجلاء, نسيمات النيل العذبة تداعب خصلات شعري, يدي تمتد تلملم الشعيرات المتناثرة, فأقف لآخذ شهيقا عميقا لأعيد التوازن لنفسي, ولأفكاري, ووجدت نفسي على شاطئ النيل,أتهالك على الكرسي الخشبي مفكرة بكلام أصدقائي, هل أمزق شرنقة يوسف شاهين؟ كيف؟ وهي شرنقة الصدق والمعرفة, ونهلت على يديه أبجديات وحرفية السينما ؟ .. وأنا اقف معه في فيلم حدوتة مصرية, كانت رؤيتي له لأول مرة حينما زار المخرج توفيق صالح في بغدادوكنت وقتها مساعدة له, كنت حديثة التخرج من أكاديمية الفنون الجميلة, وبقى معنا يوما كاملا في الصحراء وكنت سعيدة به وحدثته عن فيلم العصفور وكان يصغي ألي بانتباه, لم اكن اعرف أن الحظ قد ابتسم لي, التفت يوسف شاهين ألى الأستاذ توفيق صالح قائلا : أنا عايز البنت تعمل معاي , انهيت عملي مع توفيق صالح, وجاءت دعوة شاهين لي, لم اكن مصدقة, قلت مع نفسي سوف ينساني وأرسل في طلبي المدير العام عبد الأمير معلة وكان مدير عام دائرة السينما والمسرح ووافق على سفري للعمل كمساعدة مخرج مع الأستاذ يوسف شاهين, حزمت حقائبي, الأفكار تتزاحم بين خوف ورهبة من ولوج عالم القاهرة الساحر, حزمت أمري وقررت أن أكون عند حسن ظن الجميع وان اجتاز هذا الاختبار بكل تفوق وجدارة وان استفيد من هذه التجربة وان ابني مستقبلي على يد صناع السينما المرموقين أولهم توفيق صالح وثانيهم عبقري السينما العربية يوسف شاهين كان في إسقبالي في المطار ماريان خوري إبنة أخت يوسف شاهين والمنتج المنفذ لكل أعمال يوسف شاهين, وعلاء كريم الله يرحمه أصبح مخرجا, وسيف عبد الرحمن مدير العلاقات وممثل وهو في كل أفلام يوسف شاهين, من فيلم فجر يوم جديد وحتى الآن, قبل أن اذهب إلى الفندق,أخذوني للحسين, وولجنا خان الخليلي الذي تزينه التراثيات النحاسية والصدفية, كل شيء مزدحم في القاهرة, الناس, المقاهي, المطاعم التي تعمل الفطير المشلتت. جلست وأنا انظر إلى المنائر والقبب التي في غاية الروعة الهندسية والمعمارية, كان الجو منعشا وكنا في شهر أكتوبر من سنة 1982 , قرصة برد لذيذة تنعش الروح, وتعمل تعادلا مع قلقي وخوفي من ولوجي هذه التجربة الجديدة, خوفا مشروعا وأنا بمدينة الفن ومع عبقري السينما العربية. أوصلوني ألى الفندق في الزمالك ويبعد قليلا عن شقة شاهين, وفي المساء اتفقوا أن يأتي علاء كريم وهو أحد المساعدين يأخذني إلى بيت شاهين حيث يعقد اجتماعا معنا نحن - المساعدين, …. قيمة شاهين الفنية والفكرية وسيرته الفنية تحدث عنها الكثير …ولكني اتحدث عن يوسف شاهين الانسان المعلم المربي … لقد عملت مع شاهين اربعة افلام كمساعدة مخرج … حدوتة مصرية .. اسكندرية كمان وكمان .. المصير .. كلها خطوة ..وهو اول من وضع الحجر الاساس في مسيرتي الفنية و جعلني احب السينما الى حد العشق …ابتدا حكايتي .. حينما كان يكتب السيناريو لفيلم حدوتة مصرية ومعه الاستاذ يوسف ادريس .. كان ا
شرنقة شاهين الحريرية المعرفية
نشر في: 13 نوفمبر, 2009: 04:14 م