يبدو صعبا تصديق أن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، بحث فقط مع السلطان قابوس خلال زيارته لسلطنة عمان، سبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، وعلى الهامش أن الجانبين بحثا عدداً من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، دون أي تحديد لتلك القضايا، ودون الإشارة إلى أي منها، خصوصاً في ظل ما انكشف وعُرف عن الدور العماني في تذليل الكثير من العقبات، على طريق التفاهم الدولي وتحديداً الأميركي مع إيران حول برنامجها النووي، وهو دور تحدث عنه أكثر من مسؤول أمريكي، أكدوا أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في جنيف، هو ثمرة مفاوضات سرية بدأت قبل أشهر في سلطنة عُمان، بين مسؤولين من البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية من جهة، وآخرين إيرانيين من جهة ثانية.
واضح إذن أن سلطنة عمان، الدولة الخليجية الوحيدة التي تربطها علاقات جيدة مع إيران، قامت بدور وساطة بالغ الأهمية، اشترك فيه وقاده جون كيري، حين كان رئيسا للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، وقبل تسلم منصبه وزيراً للخارجية، حيث كان مُكلفا من إدارة أوباما خلال زيارة قام بها إلى مسقط، باستطلاع الأجواء، لمعرفة ما إذا كان مسؤولو السلطنة يرغبون بالمساعدة، في تسهيل حصول محادثات مباشرة بين الأميركيين والإيرانيين، بعدها بدأت المفاوضات السرية في السلطنة، التي لم يُعرف عنها من قبل أي احتكاك بأي من أزمات الإقليم، أو السعي لأي دور في هذا المجال.
ترتبط سلطنة عمان بعلاقات وثيقة مع مملكة الهاشميين وإيران، منذ ساعد الطرفان السلطان قابوس، في القضاء على حركة التمرد اليساري ضده في جبال ظفار، خلال سبعينات القرن الماضي، حفظ قابوس الذي استولى على الحكم في انقلاب قصر أبيض نحّى فيه والده بدعم بريطاني واضح، للملك الراحل حسين جميله، ونشأت علاقات عائلية بين الاثنين اتسمت بالحميمية، حتى أن عمان كانت تستقبل ضيفها العماني أكثر من مرة في السنه، كذلك كان الحال مع طهران أيام حكم الشاه، وفيما لم تعد العلاقة كما كانت بعد تولي عبد الله الثاني سلطاته ملكاً على الأردن، فانها استمرت دافئة مع الجمهورية الاسلامية، بعد إطاحة حكم أسرة بهلوي الامبراطورية.
في أكثر دول الخليج ضبابية وبعداً عن الاضواء، كان مبعوثا أوباما بيل بيرنز وجاك سوليفان يبحثان في السلطنة المنسية تفاصيل الاتفاق، وفي حين كانت الأنظار تتجه نحو محادثات الدول الخمس زائد واحد مع إيران، كان العمل الحقيقي يجري في مكان آخر، كانت إسرائيل "المعنية أكثر من غيرها" تشعر بما يجري، لكنها لم تكن على اطلاع على التفاصيل، حيث استُخدمت طائرات عسكرية ومداخل جانبية ومصاعد الخدمات، للتكتم على جهود وضع الأساس للاتفاق النووي، كبداية لتنفيذ رغبة أوباما في البحث عن أي مداخل للمصالحة، بين بلدين ظلاّ على قطيعة لمدة تزيد على ثلاثين عاما.
على يد رجل بعيد عن العمل السياسي المباشر، وإن كان من المُقربين للسلطان قابوس، هو سالم بن ناصر الإسماعيلي، الذي يشغل منصب الرئيس التنفيذي للمركز العماني لتنمية الصادرات وترويج الاستثمار، تمت الاجتماعات السرية التي أعطت للسلطنة دوراً غير متوقع، ولا مقبول من بقية أعضاء مجلس التعاون، وهو دور بات واضحاً أن العاهل الأردني ذهب للاطّلاع، وإطلاع السعوديين على خفاياه، حيث انتقل من الرياض إلى مسقط، في زيارة لم تكن على جدول أعماله، وهي تكشف حجم القلق من الأوراق السرية للاتفاق الغربي مع إيران، وتداعياته على المنطقة.
سلطنة عُمان سكتت دهراً ولم تنطق كفراً، أم أنها فعلت؟.
عُمان تلعب دوراُ غير متوقع
[post-views]
نشر في: 1 ديسمبر, 2013: 09:01 م