ما هي الدروس التي على أميركا ان تتعلمها من نجاح كامب ديفيد وفشل أوسلو في صفقتها مع ايران ؟تعتبر الصفقة المؤقتة التي عقدتها الدول الست مع ايران أهم مناورة سياسية شرق أوسطية منذ اتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل واتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطيني

ما هي الدروس التي على أميركا ان تتعلمها من نجاح كامب ديفيد وفشل أوسلو في صفقتها مع ايران ؟
تعتبر الصفقة المؤقتة التي عقدتها الدول الست مع ايران أهم مناورة سياسية شرق أوسطية منذ اتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل واتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.
أثمرت "خطة العمل المشتركة" عن  اختراق رمزي  بعد سنوات من الجمود الدبلوماسي المسبّب للإحباط، وأعطت صورة محيرة لشرق أوسط مختلف تماما؛ فسرعان ما جرى تطبيع العلاقات والممارسات التي كانت الى وقت قريب تبدو بعيدة عن التصور، ومن الممكن ان يكون الاتفاق النهائي الناجح بشأن البرنامج النووي الإيراني إنجازا دبلوماسيا خالدا. لكن اتفاق جنيف –مثل كامب ديفيد وأوسلو– هو مجرد اتفاق مؤقت يترك الكثير من القضايا الجوهرية  بلا حلول، ويوفر مليون فرصة للفشل.
يعتبر اتفاق كامب ديفيد أفضل نظير لاتفاق جنيف، اما اتفاق أوسلو فانه يعتبر أسوأ نظير له. يوحي اتفاق كامب ديفيد بأن التطبيق يمكن ان يتحقق رغم الكثير من الخلافات، وبهذا يحفز التغيير الستراتيجي الجذري في اتجاهات لا يمكن التنبؤ بها. لكن اتفاق أوسلو يوحي بأن اتفاق جنيف يمكن ان يفشل بسهولة بالنظر للفرص التي يمنحها لتدخل المفسدين، ويسمح لمشاكل التطبيق ان تستنزف قوته التحويلية. انه أمر مثير للقلق خاصة وان إطار المساومة في جنيف يشبه إلى حد كبير إطار المساومة في أوسلو.
لكن من مقاييس نجاح اتفاق كامب ديفيد هو ان القليلين يذكرون اليوم أن مصر كانت على مدى عقود أخطر الأعداء  العسكريين لإسرائيل، والمحور الستراتيجي للنظام العربي. معظم المحللين السياسيين في منتصف الستينات والسبعينات كانوا يعتقدون ان الشراكة الأمنية المصرية الإسرائيلية غير قابلة للتصديق، بينما يبين اتفاق كامب ديفيد ان اعادة التوجيه الستراتيجية التي لا يمكن تصورها بين المتنافسين البارزين ممكنة تماما، وبمجرد ان تتحقق يمكن تطبيعها بسرعة.
 انهارت محادثات كامب ديفيد التي جرت في ايلول 1978 عبر ركام سنوات المفاوضات الطاحنة التي تلت حرب اكتوبر 1973 والتي ركزت على شروط فك الارتباط.
بدأ فتح نافذة تلك المحادثات مع قرار الرئيس انور السادات المسبب للصدمة في مخاطبة الكنيست الأسرائيلي. كما هي الحال اليوم، فان الرئيسين كانا يريان مصلحة ستراتيجية ساحقة في التوصل الى إتفاق حتى لو واجها معارضة داخلية واقليمية كبيرة . كان رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن يفهم ان السلام الصادق مع مصر من شأنه ان يضمن أمن اسرائيل اكثر من أي شيء آخر. في نفس الوقت كان السادات متلهفا لتوطيد نفسه في هيكلية التحالف الأميركي الذي كان راسيا في الخليج العربي واسرائيل . مع ذلك فقد استغرق توقيع معاهدة السلام ستة أشهر، والمزيد من السنوات لأخلاء اسرائيل من جزيرة سيناء.
أثبتت الصفقة الأساسية التي تم التوصل اليها بين مصر واسرائيل – بضمانة الولايات المتحدة – انها قوية للغاية؛ حيث اندمجت مصر اندماجا كاملا في نظام التحالف مع الولايات المتحدة ، اما طردها من الجامعة العربية فلم يدم الآ بضع سنوات قبل اعادة تأهيلها بتسهيل من دول الخليج.
لم يكن على اسرائيل ان تشعر بقلق بالغ من التهديد العسكري المصري منذ المعاهدة ، كما انها  تمتعت بالمساعدة المصرية في حفظ الأمن في سيناء ، وحصار غزة ، وتنسيق سياسات الأمن الأقليمي . كانت تلك مساهمة جيدة لأمن اسرائيل من رئيس أميركي ديمقراطي كان ينظر الى تل أبيب على انها جديدة على السياسة الخارجية .  من جانب آخر، فان اسقاط مصر من المعادلة الستراتيجية كانت له تأثيرات غير متوقعة ، حيث أثبتت القاهرة انها غير قادرة تماما على تسليم ما تبقى من العالم العربي ، خاصة بعد ان تلاشت شروط توفير وطن للفلسطينيين.
عرض صدام حسين لملء الفراغ في القيادة العربية ربما ساهم في قراره غزو ايران عام 1980، في حين بشّر طرد مصر المؤقت من المنظومة العربية بانتقال  طويل الأجل للسلطة الى الخليج.
يعتقد الكثيرون ان معاهدة السلام مع مصر شجعت اسرائيل على الشروع بالغزو الكارثي للبنان عام 1982 . أخيرا، يبقى اتفاق كامب ديفيد سلاما باردا ، صلبا على اعلى مستويات السياسة والأمن.
 عن : فورن بوليسي