سأكرّر السؤال للمرة الألف إلى أن يتفضل أحد " أشاوس " هذا العصر الجديد ويجيبني: هل أصبحنا أسرى للفساد و للتخلف والبؤس؟ ولماذا يعلو صوت الخراب والفساد ولا يعلى عليه؟ لماذا تبدو إجابات المسؤولين مرتبكة كلما نشرت تقارير عن حجم الفساد الذي يعانيه العراق؟ أين تذهب الأموال التي تخصص للخدمات والإعمار؟ بالتأكيد نحن أمام لغز الألغاز، مئات المليارات أنفقت ولا تزال مدن العراق أشبه بقرى تعيش في زمن القرون الوسطى! ماذا فعل رئيس مجلس الوزراء ومعه رهط من مستشاريه ومعاونيه ممن تولوا شؤون الأمن والاقتصاد والنزاهة والقضاء في السنوات الأخيرة؟ لا أصدق عادةً الحكايات الخرافية عن الإرهاب الذي يتربص بالنهضة التي يريد أن يقودها المالكي، ولن تقنعني كلمات علي الشلاه التي يقول فيها إن البعض يريد وضع العصا في عجلة الحكومة.. لماذا ومنذ سنوات وكل شيء سيئ وفاسد وعاجز في العراق، من أول الأحزاب الكارتونية وانتهاءً بالأشخاص الذين لم يتجاوز البعض منهم سن المراهقة السياسية.
في العام الماضي حين نشرت منظمة الشفافية الدولية تقريرها عن البلدان الأكثر فسادا والأسوأ، وشاء حظ العراق وبفضل مسؤوليه أن يحصد المراتب المتقدمة. في ذلك اليوم خرج عدد من مقربي المالكي ليشتموا هذه المنظمة ويتهمونها بأنها تقود مؤامرة إمبريالية، وتشاء الأقدار أن تعود هذه المنظمة "العميلة" وتقول عن العراق بكل " الإنجازات " التي قدمتها الحكومة وحالة الرفاهية التي يعيشها الشعب، بأنه من الدول الخمس التي احتلت المراكز الأولى بين الدول الأكثر فسادا في العالم، مؤكدة أن الصومال والسودان وليبيا يليها العراق وسوريا هي التي احتلت المراتب الأولى وفقا لمؤشر الفساد التابع للمنظمة لعام 2013.
ما الذي ستقوله حكومة المالكي عن تقرير المنظمة هذا؟ بالتأكيد سنفتقد ابتسامة وطلة الناطق السابق علي الدباغ، فقد كان الرجل حريصا على ان يحذرنا من مثل هكذا تقارير تسعى لتشويه صورة العراق أمام العالم، فالعراق يعيش أزهى عصوره.. صفقة الأسلحة الروسية تم التغاضي عن سراقها، و فلاح السوداني مصرّ على شراء أحد الأندية الإنكليزية ، والمطلك عاد يجر أذيال الخيبة معتذرا طالبا السماح، فيما الصيهود يعد العدة لإعلان مجلس القبائل بديلا عن البرلمان، والزعيمة حنان الفتلاوي تمارس صلاحيات وزير الصحة، فتعاقب طبيباً تجرّأ على مناقشتها.
بعد كل هذه الإنجازات ألا ترى معي عزيزي القارئ أن القائمين على شؤون منظمة الشفافية عملاء لإسرائيل وأن الأمر لا يعدو ان يكون حسد عيشة.
يخوض المالكي حروبه السياسية العبثية في كل اتجاه، مطاردة القائمة العراقية، التلويح بملفات التيار الصدري، تجهيز الجيش لتلقين إقليم كردستان درساً في "الوطنية"، وفي كل مرة كان ائتلاف دولة القانون يصفّق بالإجماع، ويعيد ترديد أسطوانته الشهيرة:سننتخبك مئة في المئة، ألا يذكركم هذا الأمر بشيء آخر، الرفيق بشار الأسد، وهو يبتسم كلما قيل له ان عدد القتلى تجاوز المئة ألف.. عشرات الآلاف قُضي عليهم من أجل ان تحتل سوريا مكانتها المتميزة في سجل " الفاسدين "..
سيقول البعض إنه ليس لدى الناس وقت للمقارنة مع بشار.. أضرب لنا مثلاً معقولاً.. ولهذا سأحيلكم الى الخبر الذي نشرته وكالات الأنباء، حيث ان قاضياً أميركياً سمح لعم الرئيس الأميركي باراك أوباما بالبقاء في الولايات المتحدة، بعدما كان صدر في حقه أمر ترحيل منذ عقود، وأفادت وسائل إعلام أميركية بأن القاضي سأل أونيانغو أوباما إن كان لديه أقارب في أميركا، فأجاب: "نعم لدي ابن أخ هو باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة".
أتمنى ان لايعقد أحد منكم مقارنة بين المسكين أونيانغو والحاج "ابو رحاب" السكرتير الشخصي لرئيس مجلس الوزراء، ولا يأخذكم الشك بنزاهة مسؤولينا الكبار الذين رفضوا التخلي عن مخصصات العلاج لأنها حق "قانوني" وواجب "شرعي" على المواطن ان يدفعها تثميناً وتقديراً لـ "لقانون تقاعد الجهاد" الذي اصبح بديلا لقانون تقاعد النواب.
لا تبتئسوا، هناك دول نحن أفضل منها. عربياً، نحن بعد الصومال والسودان وليبيا، وفي المرتبة الخامسة، عالمياً، نحن، والحمد لله، أفضل بكثير من سوريا. بأي معنى؟ بمعنى أنك لا تزال قادراً على التحدث عن فضائح السرقة والفساد، بل حتى عن جرائم الاغتيال. أوالتلميح ولو همساً بأسماء وعناوين ميليشيات الخطف ومواعيد دفع الفدية، ، فقط، لاغير.. تحدَّث... فلا شيء أجمل من الحديث في عراق الحاج "أبو رحاب".
بعد السودان وبين المالكي وعم أوباما
[post-views]
نشر في: 4 ديسمبر, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 6
الناصري
شكرا استاذ علي .....مقاله رائعه ولكن نريد من حضرتك بعض التوضيحات عن النقاط التي ذكرت من خلال المقاله وهي ما قصة مجلس القبائل .....؟وماقصة الطبيب الذي عاقبته الرفيقه حنان الفتلاوي ؟وماقصة المجاهد الأسدي الذي يستلم ولحد الآن منحه إنسانيه في الدنمارك......!
خليلو٠٠٠
عذرا علي حسين لاتظنن ان كل الناس يعرفون أبا رحاب هذا ، والله لا اعرفه انا المتابع لما يجري الى حدما فقد كنت اعلق على ما تكتبون يل اصحاب الأعمدة من قبل ب متابع لما يجري عرف عبدالله الفقير هذا الذي هو انا من يكون ابو رحيب هذا من فضلك لا تكبر ٠٠٠٠!الله
ابومزن
ألأستاذ الجليل الف تحية واحترام استميحكم عذرا بالتقدم بسؤال عن اذا وقعت احد الاجرام السماويت تتهم اسرائيل بفعلها !؟. انا لاادافع عن اسرائيل لكنالاتهام شيء والحقبقة شيء آخر ان اسرائيل لاتريد خيرا لغير ابنائه لكنه ليس متفرعا لكل شاردة وواردة!؟. تقبل شكري وت
سوادي مسعد
أنت هواي حباب ,وخوش كاتب ..والأهم قلبك على العراق وضد الفساد والإفساد، لذا أرجوك نوع النغمة وبدل الموجة،وباشر بنقد أشخاص آخرين كذلك أفسدوا ـولاسيما طلباني وبرزاني وعلاوي وحكيم وجلبي وغيرهم. اسمعنا صوتك يا رجل
داخل السومري
الظاهر ان الفساد والمحسوبيه والتحايل على الناس اصبح ثقافة اجتماعيه في العراق. هو ليس بحالة جديدة ولاكن هذه الحاله اصبحت متبناة من قبل الطبقه الحاكمه، من سلطة تشريعية وتنفيذية. ألم يتدخل رئيس الوزراء لحماية احد وزراءه فلاح السوداني عندما سرق 40 مليون دو
ابو سجاد
الكفاح المسلح وقادة ثوريين كجيفارا لاتقل عهد جفارا قد ولا فجيفارا موجود بين العراقيين ولكن يحتاج الى من يشد ازره بهذا فقط نحرر بلادنا من السارقين والفاسدين والخونة واما نبقى نندب حضنا العاثر لم يكن هناك تحرير وسنبقى عبيد لهؤلاء الجبناء الثورة حتى لو على