اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الطائفية التي قتلت مانديلا العراقي

الطائفية التي قتلت مانديلا العراقي

نشر في: 7 ديسمبر, 2013: 09:01 م

ما كان الذي كان للعراق لو أن السيد المالكي، او من يجاوره في رأس السلطة، عمل جاداً ليكون رمزاً وطنياً لا رمزا لحزب الدعوة، لو أنه تجاوز عقدة الحزب الديني-الشيعي لصالح الشعور الوطني، وقد يقول أحدنا بان ذلك ممكن لو انه جمع الصفتين معاً ، زعامة الحزب الديني والشعور الوطني فيقول له غير واحد وهل ذلك ممكن، وهل يجمع مع الشعور الديني شعور وطني، ألا ترى الساحة العراقية وقد انقسمت طولياً على نفسها فيصيح عارف بآلامنا، عالم بغياهب مآسينا، موجوع القلب: لا وألف لا، لن يكون عراقياً وطنياً خالصاً من كانت في روحه ذرة من رماد الطائفية، أياً كانت طائفته ودرجة وظيفته في دورة الدم الأزرق في جسده .يقول ذلك وهو يشير بأصبع صادقة إلى صورة العبقري الكبير، زعيم الأفارقة السود نيلسون مانديلاً المعلقة على واجهة قلبه.
تصارعت أحزاب الاسلام السياسي سراً وعلانية على كرسي الدولة العراقية منذ أن تأسست عام 1921 فأحتكر سياسيو اهل السُنّة بممهد أجنبي، الكرسي ردحاً من الزمن دونما تفكير باحتمال أخذه، وظل الشيعة عبر منابرهم السياسية ينتظرون اللحظة المهدوية لاستعادته، وهكذا راح الفريقان يعمقان الهوة، دونما تفكير باللحظة الوطنية المفترضة، والتي اختفى اصحابها بين عناوين كثيرة حتى إذا جاءت لحظة 2003 التي لم تكن بفعل وطني خالص كرر الشيعة الخطأ السُني ذاته، وصار المذهب عنواناً، صارت الطائفة دريئة تجمع أولئك وهؤلاء وهكذا فقدنا شعورنا الوطني لأنهم لم يتركوا لنا وطناً.
  نقلب التاريخ العربي الحديث، بمصائبه التي لا تعد، بسلسلة كوارثه الاستثنائية في الحياة والمجتمع والسياسة والأمن وو..، وما يتعرض له الانسان من فقر وفرقة وجوع وقتل وتشريد واضطهاد فلا نعثر على مانديلا عربي، أسود أو أبيض. هي مفارقة حقيقية، بكل تأكيد. الشعوب العربية أكثر شعوب الأرض أزمات وأكثرها دكتاتوريات وحروباً وتخلفاً، لم يخرج من بين ظهرانيها مانديلا واحد. مانديلا الذي أخرج شعبه وبلاده من محارق الأقلية العنصرية إلى الحرية المطلقة والخلاص من التمييز عبر سلسلة السجون والمنافي.
 يكثر في العراق الحديث عن حضارة عظيمة عمرها 6 آلاف سنة، وتتحدث شعوب الأرض عن أسماء رافدينية كبيرة، فيذكرون جلجامش العظيم وسركون الأكدي وسواهما ممن ثوى ذكره اليوم، لكن الأرض هذه، ومنذ اكثر من عشرة قرون ظلت عاجزة عن تقديم شخصية باهرة، بحجم المهاتما غاندي مثلاً أو أخرى بنصف شخصية مانديلا بأقل تقدير، ما الذي يحدث يا ترى، وإلى أين يسير بنا ركب التراجع والظلام، ولماذا لم نقدم للعالم سوى القتلة في الدين والمارقين في السياسة والفاسدين في المال؟ أين دعاة الآمال في التحرر والإنسانية مما يعصف بنا،أينهم ؟ لم يأت منهم أحد. نحن أمة لا تنجب مانديلا أبداً، مع يقيننا بان قضية العنصرية والتمييز العرقي هي التي برزت في شعب جنوب أفريقيا شخصية كبيرة مثل مانديلا .ترى أما آن لقضية الطائفية والتمييز على حساب المذهب في شعبنا ان تنجب لنا شخصية عراقية تأخذ بيد الشعب المبتلى بطوائفه ومذاهبه إلى الشعور الوطني والخلاص من الحكام الطائفيين؟
  الحكومات (الطائفية) تلك جعلت من العراق منفى وطنياً للكثير من أبنائه، ورمت  بالعشرات والمئات منهم خارج الحدود، وغيبت في السجون من غيبت من سياسييه ووطنييه، وعبر ممارسة قبيحة لديمقراطية مشوهة لم تسمح لأي تيار وطني خالص بممارسة دوره الحقيقي، وبمؤامرات حيكت في ظلام دامس في الداخل والخارج تمكنت من صنع جيل طائفي بامتياز، خال من أي شعور وطني، جيل لا تتجاوز معارفه الكبرى أبعد من التفريق بين العمائم، حتى اعتقد من اعتقد منهم بان الطائفية تعني حب المذهب والموت في سبيله، وهي درجة بين الإيمان واليقين وما الوطن سوى قطعة أرض ترتكب عليها الفواحش .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. لطفية الدليمي

    تنويه : عذرا هذه المقالة ليست لي فهذه ليست طريقتي في الكتابة ، يبدو انها وضعت خطأ -كما حدث مرارامعي - في موقع مقالتي الثقافية الاسبوعية التي اتحدث فيها (عن لوحة الغورنيكا ومدريد ومعرض سلفادور دالي )

  2. ابو سجاد

    اولا استاذ طالب ليس لدينا دولة عراقية منذ تاسيسها استوردنا ملكا ليس عراقيا بل حجازيا والثانية ان الصراع لم يكن بالتاريخ الذي ذكرته بل قبل 1400 سنه منذ وفاة النبي ص وبقى الصراع الطائفي ينخر في جسد الامة وليومنا هذا العالم يتقدم ونحن نتصارع مع بعضنا البعض م

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: جمهورية بالاسم فقط

 علي حسين ماذا سيقول نوابنا وذكرى قيام الجمهورية العراقية ستصادف بعد أيام؟.. هل سيقولون للناس إننا بصدد مغادرة عصر الجمهوريات وإقامة الكانتونات الطائفية؟ ، بالتأكيد سيخرج خطباء السياسة ليقولوا للناس إنهم متأثرون لما...
علي حسين

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

 لطفية الدليمي أحياناً كثيرة يفكّرُ المرء في مغادرة عوالم التواصل الاجتماعي، أو في الاقل تحجيم زيارته لها وجعلها تقتصر على أيام معدودات في الشهر؛ لكنّ إغراءً بوجود منشورات ثرية يدفعه لتأجيل مغادرته. لديّ...
لطفية الدليمي

قناطر: بين خطابين قاتلين

طالب عبد العزيز سيكون العربُ متقدمين على كثير من شعوب الأرض بمعرفتهم، وإحاطتهم بما هم عليه، وما سيكونوا فيه في خطبة حكيمهم وخطيبهم الأكبر قس بن ساعدة الإيادي(حوالي 600 ميلادية، 23 سنة قبل الهجرة)...
طالب عبد العزيز

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

خالد سليمان نحن لا زلنا في بداية فصل الصيف، انما "قهر الشمس الهابط"* يجبر السكان في الكثير من البلدان العربية، العراق ودول الخليج تحديداً، على البقاء بين جدران بيوتهم طوال النهار. في مدن مثل...
خالد سليمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram