TOP

جريدة المدى > عام > شولوخوف يتحدّث عن شولوخوف

شولوخوف يتحدّث عن شولوخوف

نشر في: 8 ديسمبر, 2013: 09:01 م

ميخائيل ميخائيلوفيتش الابن الأصغر للأديب ميخائيل شوخولوف (1905 ـ 1984)الحائز على جائزة نوبل على روايته "الدون الهادئ"، عالم وفيلسوف وأستاذ جامعة وناشط اجتماعي ترأس صندوق شولوخوف المهتم بميراث الكاتب المشهور ومستشار لمتحفه، وهو مؤلف للعديد من الأعمال

ميخائيل ميخائيلوفيتش الابن الأصغر للأديب ميخائيل شوخولوف (1905 ـ 1984)الحائز على جائزة نوبل على روايته "الدون الهادئ"، عالم وفيلسوف وأستاذ جامعة وناشط اجتماعي ترأس صندوق شولوخوف المهتم بميراث الكاتب المشهور ومستشار لمتحفه، وهو مؤلف للعديد من الأعمال ونال العديد من الأوسمة، وعاش لآخر أيامه قدر أبيه وتفاعل مع قضايا العصر والمجتمع الذي عايشه. توفي شولوخوف الابن في 21 أكتوبر 2013 . نشرت "الصحيفة الأدبية" ( ليتيراتورنايا غازيتا) الصادرة بموسكو، في عددها الأخير آخر حديث صحفي أدلى به قبيل وفاته،
  وكرسه لأبيه إنسانا وأديبا والذي عاش في زمن صعب وأنتج أعمالا خالدة، جعلت منه شخصية عصر كامل تدور حولها الكثير من الأساطير والاختلاقات، وربما الحقائق. إضافة إلى ان المادة هامة من جهة التعرف على عالم الأديب ومختبره الحياتي والإبداعي للمساعدة في فهم أعماله والعثور على تأويل مناسب لها. المادة قائمة على ردود شوخولوف الابن على أسئلة الصحيفة:  
 ـ إن الناس يريدون أن يسمعوا عن شولوخوف أشياءً غير عادية، بيد انه كان إنسانا عاديا لم يتميز عن الآخرين بشيء، باستثناء حينما كان يجلس خلف طاولة الكتابة.
وعى ميخائيل شولوخوف أن أباه أديب ، وهو يسمع من الآخرين المحيطين به. ولم ير ان شوخولوف يكتب مذكرات شخصية للتاريخ، ولمستقبل مؤلفاته. فلقد كانت لديه ذاكرة قوية ليس فقط للأحداث الكبرى،ولكن للأحداث الصغيرة، ومظهر الناس، وتغيرات الطبيعة.
وكان شولوخوف الأب يذهب إلى طاولة العمل بدون سابق إنذار ،ملمحا بذلك  للمحيطين به بانه، بحاجة للهدوء وأن يلتزموا السكينة وعدم إزعاجه لفترة زمنية محددة.
ولم يشرع مؤلف الدون الهادئ كتابة أعماله بوضع خطة مسبقة لها. ولم نلاحظ من أية نقطة يبدأ العمل، أو بالأحرى إن خطة العمل تترتب في رأسه ومن ثم يجلس أمام الطاولة ويسكب كل شيء على الورقة. ولم يذهب شولوخوف بنفسه إلى الأرشيف الحكومي لاستقاء المعلومات الخاصة بأعماله، وإذا ما احتاج إلى وثائق خاصة، فإنه يطلب من الجهات المعنية أن ترسل له الوثائق المطلوبة.
وقد أتاحت له علاقاته بالمحرر الأدبي لصحيفة البرافدا الناطقة باسم اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي، بالحصول على المواد والكتب المطلوبة لأعماله الأدبية. بينما بقي الأرشيف الذي كان بحاجة ماسة له لروايته " المدافعون عن الوطن" مُغلقا أمامه، وكان من الصعب عليه الكتابة عن الحقائق وعن العمليات العسكرية من دون معرفة كافة التفاصيل، وعانى كثيرا بسبب ذلك.  
شوخولوف الأب لم يحب أوساط أدباء موسكو، وتحدث عنهم كوصوليين ومدبري دسائس. وهم كذلك بالفعل. فاعتبارا من مكسيم غوركي، وربما قبل ذلك تجري عملية غريبة حيث يتجمع فريق من الأدباء ويتبنى فكرة ما، ومن اجل تلك الفكرة يتشاحنون ويتعاركون ويرمي احدهم الآخر بالسجن،  لحد التصفية الجسدية. لقد  سئم شولوخوف من وسط أدباء موسكو.
استلهم شولوخوف معارفه بالتاريخ والتقاليد والعلاقات اليومية واللغة التصورية والأمثال وأغاني القوقاز من خلال التعاطي  مع محيطه الواسع، وعرف الكثير من القوقاز أنفسهم الذين كانوا يتحدثون عن مصاعبهم بروح من الدعابة، وعرف بصورة جيدة الأغاني القوقازية ،وكانت لديه كثير من موسوعات الأمثال والحكم، ولكنه لم يحب الاقتباس من الآخرين.ونادرا ما كان يقتبس عبارات من أعماله أثناء حديثه.
كان يراقب العملية الأدبية في البلاد، ويقرأ بسرعة كبيرة، ولكن حينما كان يقرأ كل ما يقع بيده فإنه يقرأ بإمعان ،ومع ذلك بسرعة،  وقرأ معاصريه من الأدباء مثل تفاردوفسكي وسيمينوف وإبراموف وبيلوف واستافيف وراسبوتين. لقد قرأ لكل هذا الرعيل بمتعة كبيرة وأعاد قراءتهم وامتدحهم. ومن ثم أطلقوا عليهم " القرويين"، (لأنهم تناولوا مشاكل القرية السوفياتية والفلاحين).
لم يهتم شولوخوف بجمع أرشيفه والحفاظ عليه، وحرقَ الكثير من أوراقه واعتنى فقط بجزء من الأرشيف. ويصعب القول بإن لديه بعد الحرب العالمية الثانية  أرشيف بالمعنى الدقيق للكلمة . لقد كانت لديه في الصناديق حزم بعشر أو اثنتي عشرة صفحة، على الأغلب مخطوطات، ولكن لا يمكن القول إن لديه أرشيفاً وإنه جمعه ورتبه.
وتتذكر أرملته بأنه كان يخجل من كل ذلك، وحينما شرع بجمع مخطوطاته  كان يقول لها " ماذا تفعلين فسيعرف بعد ذلك أحد الأصدقاء ويقول انظر إلى شوخولوف إنه يثمن نفسه بنفسه يجمع أرشيف .وحين راحوا يتهمونه بمختلف الكبائر  ( في إشارة إلى تهمة انتحاله رواية الدون الهادئ) فإنه وافق مع أرملته، وبدا يكتب كل شيء بيده ،ومن ثم تقوم هي بطبعه والاحتفاظ به، ولم يعترض في هذه الحالة. ومن المؤسف ان يكون كل هذا قد ضاع إبان الحرب العالمية الثانية. إنه أيضا لغز!.
إن القول بأن ألكسندر سولجينيتسين ( الذي تبنى مزاعم انتحال رواية الدون الهادئ) نغّص حياة شولوخوف عار عن الصحة، وإنه أعطى رأيا حسنا بقصصه " يوم من حياة إيفان دينيسوفتس" و" فناء ماتريونا". وحينما ظهر الكلام الفارغ في باريس ( مجموعة من المقالات التي تشكك بأن يكون شولوخوف هو مؤلف رواية الدون الهادئ) وكتب سولجينيتسين مقدمة له، عرف شولوخوف بصدور مثل هذا الكتاب، واكتفى بالقول للشخص الذي عرض عليه مضمون المقدمة التي كتبها سولجينيتسن :" ما يبغي غريب الأطوار، هذا؟".
إن مقولة شولوخوف الشهيرة:" إن قدر الأديب مأساوي" تنطبق تماما عليه. والكلام لا يدور عن حياته المعيشية، وإنما حول مصيره الأدبي. والحملة التي تعرض لها مازالت سارية لحد يومنا هذا. ولسبب ما كانوا مستعدين بكل سرور " للقضاء عليه"  إن وسط أدباء موسكو لم يشعر نحوه بالحب، وكان يكنّ له نفس المشاعر.
لقد جرى تفسير الكثير من المحن التي تعرض لها شولوخوف بالحسد، ولكن كما قال هو ان " كلمة حسد لا تفسر شيئا. لهذا فإن مقوله " قدر الأديب المأساوي" توافق شولوخوف.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

في مديح الكُتب المملة

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

كوجيتو مساءلة الطغاة

مقالات ذات صلة

علم القصة: الذكاء السردي
عام

علم القصة: الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الاولالقصّة Storyالقصّة وسيلةٌ لمناقلة الافكار وليس لإنتاجها. نعم بالتأكيد، للقصّة إستطاعةٌ على إختراع البُرهات الفنتازية (الغرائبية)، غير أنّ هذه الاستطاعة لا تمنحها القدرة على تخليق ذكاء حقيقي. الذكاء الحقيقي موسومٌ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram