قبل أن تبدأ القمة الخليجية الرابعة والثلاثين، تبرعت الكويت التي تستضيفها، بالإعلان أن مشروع الاتحاد الخليجي الذي تقوده الرياض وترفضه سلطنة عُمان، يحتاج إلى مزيد من البحث والدرس، وأن بحثه تأجل إلى قمة خاصة في الرياض إذا اتُفق عليه، بينما صرّح الأمين العام لمجلس التعاون أن المشاورات مستمرة لدرس الصيغة الأمثل والأسلوب الأفضل لتحقيق الاتحاد في مجالاته كافة، وبذلك تم نزع فتيل أزمة اندلعت مؤخراً، على وقع تلميحات المسؤولين العُمانيين، بخروج السلطنة من مجلس التعاون، في حال الإصرار على قيام الاتحاد، وبشكل موارب أعلنت مشيخة قطر تضامنها مع عُمان، بتشديدها على تماسك المجلس، وأن قمة الكويت تنعقد في ظروف دقيقة، توجب الخروج بمواقف ثابتة تؤكد على وحدة الصف، ما يعني فعلياً العمل على منع انسحاب سلطنة عمان الرافضة قطعيا لفكرة الاتحاد.
ما يؤشر إلى تباين المواقف وانقسام المواقف بشأن المشروع السعودي تأكيد المنامة عشية القمة، ضرورة انتقال دول مجلس التعاون من مرحلة التعاون إلى الاتحاد، وأن الدعوة السعودية له باتت مطلباً مُلحّاً، يجب أن تتصدر أولويات البحث، لتدفع قرارات القمة بهذه المبادرة إلى حيز التنفيذ، خصوصاً بعد التغيرات التي تُحتّم التعامل بطرق غير تقليدية مع الواقع الجديد، الذي تتشكل ملامحه في المنطقة وعدد من أقاليم العالم، ولأن المفاهيم تغيرت في ظل التحولات في المواقف، ما يوجب مواجهتها بالتجديد في الفكر وفي المفهوم، والابتعاد عن أي تحفظات، مع ضرورة تبني خطاب إعلامي يحض على الاتحاد، ويشرح أهميته ويتجاوز كل ما هو قديم في الطرح والأسلوب، والذي يتطلب كسر أي جمود للخطاب، ليتواءم مع متطلبات المرحلة، وأن على القمة العتيدة أن تؤسس لمرحلة جديدة من مراحل العمل الخليجي المشترك.
هكذا إذن تمكنت السلطنة المنسية، المنكفئة على نفسها، من إفشال حتى مناقشة فكرة الاتحاد الخليجي، وهي كانت رفضت الفكرة عند طرحها قبل عامين، وتُبرر موقفها بالقول إن هناك متطلبات في مجالات عدة تحتاج إلى التكامل فيها، قبل التعجيل بالاتحاد، لكنها تُضيف أنها راغبة بالنأي بنفسها عن الدخول في الصراعات الإقليمية والدولية، وتؤمن أن تحقيق السلام يبدأ من عدم الدخول في النزاعات وعسكرة المنطقة والناس، وبرغم ما ظل يكتنف السياسات العُمانية من تكتم، فإنها عشية قمة الكويت بدت متحفزة، وراغبة في الإعلان الصريح أنها موجودة ومؤثرة، ولعل ذلك يأتي دفاعاً عن دورها السري في المحادثات الأميركية الإيرانية، التي أفضت إلى تفاهمات بين الدولتين، أقلقت الدول الخليجية وبعض دول المنطقة، وموقفها اليوم يؤشر في بعض جوانبه، إلى سعيها لتفكيك المنظومة الخليجية الحالية، والتعاون مع إيران، التي تشترك معها في التحكم في مدخل مضيق هرمز، وهو أغنى مناطق عبور إنتاج النفط في العالم، لإجبار دول الخليج على القبول بمجلس تعاون أمني إقليمي دعت إليه طهران يضم العراق وإيران ودول مجلس التعاون.
لو لم يكن الامر كذلك، لكان مُنتظراً من عُمان القبول بالاتحاد، لأنه لن يصيبها بضرر، بقدر ما يضيف لها قوة وتماسكاً اقتصادياً وتمدداً اجتماعياً، ويزيل عنها بعض ما تتحمله من أعباء، ولما أطلقت عشية القمة ثلاث لاءات للاتحاد وللعملة الموحدة ولتوسعة قوات درع الجزيرة.
هل تُفكّك عُمان مجلس التعاون؟
[post-views]
نشر في: 10 ديسمبر, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 2
ابو عمر
ربما قرائتك وفهمك لمواقف السلطنة وسياسة التوازن التي تنهجها تنم عن قصور منك ايها الكاتب .. دع السياسة لاهل السياسة والسلطنة ليست بالمنسية ولكنها تعمل بصمت وحنكة ويشهد لها من يفهمون كيف تدار الامور ايها العزيز
ابوطارق
عمان لا تحاول تفكيك الخليج بل كانت السباقه للم الشمل وهي صاحبة فكرة مجلس التعاون , ولكن دول الخليج كما تعلم تحشر انفها في كل شي , فنرى قطر تدعم الاخوان ونرى السعوديه تدعم السيسي وحصيلة هذا وذاك القتل والدمار لدوله عظيمه مثل مصر , ونفس الوضع في ليبيا وسوري