في الوقت الذي اعترف فيه نتنياهو بضرورة تقديمه التنازلات، بحثاً عن تسوية تاريخية مع الفلسطينيين، مع مراوغته بأن النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين لا يتعلق بالحدود أو المستوطنات، إنما هو صراع يتعلق بالرفض الفلسطيني الاعتراف بدولة يهودية ذات حدود معينة، كان الرئيس الأميركي يفسر ذلك بالدعوة إلى حل مرحلي، مُعرباً عن اعتقاده بأن من الممكن خلال الأشهر المقبلة، التوصل لإطار عمل لا يعالج كل التفاصيل، ولكن يوصل إلى نقطة، يُدرك فيها الجميع أن التحرك للأمام أفضل من الرجوع للخلف، وأنه إذا تم التوصل لاتفاق إطار العام المقبل، فإنه سيظل هناك عمل كثير يتعين القيام به، لكنه استبعد قطاع غزة من أي اتفاق سلام محتمل، وهذه فكرة خطيرة لايجب أن تمر مرور الكرام، وتستوجب رداً حازماً إن كانت في إطار جس النبض.
قبل أوباما، صرح وزير خارجيته بأن الفلسطينيين والإسرائيليين، أقرب ما يكونوا إلى السلام في هذه المرحلة، دون أي تحديد إن كان ذلك يعني إقامة دولة فلسطينية كاملة عاصمتها القدس، أو الإجابة عن سؤال يتعلق بمآلات ملف النازحين إلى الأردن عام سبعة وستين، أو اللاجئين عام ثمانية وأربعين إلى أربعة أرجاء الكون، أو شكل العلاقة التي ستقوم جُغرافياً بين الأردن والضفة الغربية، ما يطرح العديد من التساؤلات حول هدف التسريع في حل القضية الفلسطينية، وهل سيكون ذلك خطوة أولى لتطبيق المبادرة العربية، التي تنص على منح إسرائيل علاقات دبلوماسية مع الدول العربية والإسلامية كافة، بهدف تشكيل محور سُني إسرائيلي، لمواجهة الهلال الشيعي، ما يعني أن الحل يقضي بإقامة محور إقليمي تقوده إسرائيل العظمى.
منظمة التحرير الفلسطينية، وكما هو متوقع، رفضت أية محاولات للانتقاص من حق الشعب الفلسطيني في دولة كاملة السيادة، على مائها وترابها وحدودها وعاصمتها القدس، وشدّدت على رفض أية محاولات مُتذاكية لتقويض أهدافه عبر مُخاتلات سياسية مكشوفة، كاتفاقيات مؤقتة أو ترتيبات ناقصة، لا تفعل سوى تشريع الاحتلال وخنق الاستقلال والسيادة، فالشعب الفلسطيني وقيادته، لا يمكن أن يقبل مقترحات ومشاريع من النوع الذي يطرح اليوم، لتكريس الاحتلال وتشريع تمزيق وحدة الأرض الفلسطينية وسلخ الأغوار والقدس عاصمة دولة فلسطين، مثلما يرفض الكتل الاستيطانية، وأن تظل سماؤه وحدوده ومعابره تحت سيطرة الغزاة المحتلين، وكل ذلك تحت اسم حل انتقالي أو اتفاق مبادئ، علاوة على إلغاء حقوق اللاجئين، وتشريع الاحتلال تحت عنوان يهودية الدولة.
ذلك يعني ببساطة إعادة ترتيب الاحتلال برضى الفلسطينيين، وهم لا يحتاجون أي اتفاق جديد، بقدر حاجتهم إلى تنفيذ اتفاق شامل، يضمن انسحاب إسرائيل من حدود عام 67 وإنهاء الاحتلال، أمّا الدخول في عملية صياغة اتفاق إطار آخر، فمعناه الدخول إلى متاهة المفاهيم مرة أخرى، والعودة إلى التفاوض حول التفاصيل والتطبيقات، تلك تماماً مؤامرة جديدة، يسعى أوباما من خلالها لتقديم هدية للدولة العبرية، ثمناً لما يخوضه من المساومات الدولية، التي عبر عنها نتنياهو بالقول، إن ما يحدث في العالم العربي لاصلة له بالقضية الفلسطينية، وأن مساعي السلام لن تصيب النجاح، إذا امتلكت إيران قنبلة نووية، وحديث أوباما عن البدء بدولة محدودة الصلاحيات والمساحات في الضفة، في ظل صورة مُبتكرة للاحتلال، يشكل ناقوس خطر سياسي، يستحق الاستنفار الوطني العام.
ماذا عن الاردن؟ ومدى تأثره بنتائج هذا السيناريو، وما هو نوع الرابطة الوحدوية بين الأردن والدولة الفلسطينية وشكلها السياسي، أسئلة تحتاج لإجابات واضحة، خصوصاً وأن اتفاقيته مع اسرائيل تمنحه دوراً في مصير القدس واللاجئين في الحل النهائي، وبغير ذلك فإن الدولة الأردنية ستدفع مع الشعب الفلسطيني، ثمن التحالفات الدولية الجديدة، التي تكرس إسرائيل وإيران شرطيين في المنطقة.
أوباما.. بالعبرية الفصحى
[post-views]
نشر في: 11 ديسمبر, 2013: 09:01 م