في مثل هذا اليوم الرابع عشر من كانون الأول في العام 2007 غادر المربي حسن علي العتابي الحياة، وقبل ايام قليلة من وفاته، اوصى ابنه الاصغر فلاح بان تمر جنازته امام مقر حزبه في ساحة الاندلس، الابن اخفى الوصية عن المشيعين فمضوا به مسرعين الى مقبرة وادي السلام في النجف ليستقر بقرب شريكة حياته في قبرين متجاورين.
أواسط عقد الأربعينات من القرن الماضي وبعد أيام قليلة من ولادة نجله الأكبر جمال، سمع من صديقه الراحل عبد جياد العبودي قوله "اسمع حسن ابنك هذا سوف يعيش في عصر الاشتراكية" ودفعه حلم العيش في ظل النظام الاشتراكي الى الانضمام لتنظيم سياسي وجد فيه الامل في تحقيق العدالة والمساواة والغاء الفوارق الطبقية، ولا سيما انه ينحدر من عائلة فلاحية عانت من جور الاقطاع فلجأت الى التمسك بالدين عسى ان تحقق رفاهيتها في العالم الآخر.
الفلاح الجنوبي زاير علي ابو حسن، صاحب مجلس العزاء الحسيني الوحيد في قريته، كان يطلب من نجله تجسيد شخصية الحبيب بن مظاهر أثناء إقامة التشابيه، ولم يدرك الزاير في ذلك الوقت أن تكليف ابنه بتمثيل تلك الشخصية سيكون سببا في البحث عن تنظيم سياسي يحارب الظلم والطغاة.
ابن الزاير هو الوحيد بين شقيقاته وشقيقه الوحيد حنون الذي فارق الحياة مبكرا متأثرا بمرضه نال فرصة التعلم والحصول على شهادة الدراسة الابتدائية، أهلته للدخول في دار المعلمين الريفية، وفي الدار تعلم الرسم والخط فنقل هوايته هذه الى الابناء والاحفاد، وبعد التخرج عين معلما في قرى الجنوب، ومنها بدأ نشاطه السياسي بين اوساط الفلاحين، فبدأ بمحو اميتهم، وعرفهم على ضرورة تحالف العمال والفلاحين، لتعجيل حتمية "الانتقال الى الاشتراكية " واثر تعرض البلاد لعواصف سياسية نتيجة الصراع للحصول على السلطة، ادلى بعض الفلاحين حلفاءالبروليتاريا بشهاداتهم ضد حسن العتابي فصدر ضده الحكم في زمن العهد الجمهوري بالسجن بتهمة التحريض على قتل شخصيات كانت تعرف بانها متضررة من سقوط النظام الملكي.
العتابي ترك العمل الحزبي بين اوساط الفلاحين، بعد انتقاله الى العاصمة بغداد، وفي مرحلة تشكيل الجبهة الوطنية مثل حزبه السياسي في نقابة المعلمين في لجنة الدفاع عن الاعضاء، عمل في الصحافة، وسخر قلمه لتعميق "العلاقات الجبهوية" لا يمانه بان الديمقراطية هي الطريق الوحيد لتحقيق تطلعات العراقيين، وحلمه هذا هو الاخر تبدد عندما اضطربت العلاقات الجبهوية، وانطوت صفحة الاستقرار السياسي، وبدأت حملات التصفية والملاحقة، لتنتهي بحملة ايمانية، آخر فصل منها شهد الغزو الاميركي للعراق.
الاوضاع السياسية في العراق بددت كل احلام العتابي وفي اليوم الذي تسلم فيه شهادة وفاة ابنه سامي الذي اعدمه النظام السابق، تقوس ظهره كما يقول نجله الأكبر جمال، ومنذ ذلك التاريخ وحتى قبيل وفاته باسابيع كان يردد في صلاته الغوث الغوث، ولا احد يسمع النداء لينقذ العراق من منزلق خطير، حسن العتابي أبي يامن حملتك أعباء حماقاتي وذنوبي ومكسراتي لا احد يسمع صوتك.
حسن العتابي
[post-views]
نشر في: 13 ديسمبر, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 2
ابراهيم
لا يا سيدي، هناك من لا يسمع صوت المعلم الرائع العتابي فحسب بل ويحمله معه أيقونة للنضال وشمعه في هذه العتمة ليبقى العشب الأخضر على قبرة شارة الإقامة في ضمير الشعب
د.حسن السوداني
يبقى العتابي الكبير عنوان في التغير والتأثير بما تركه من أبناء نباهي بهم ونعتز بمواقفهم الوطنية الراءعة للراحل الرحمة وجنات الخلد ولكم اخي علاء الفخر والاعتزاز