TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حسن العتابي

حسن العتابي

نشر في: 13 ديسمبر, 2013: 09:01 م

في مثل هذا اليوم الرابع عشر من كانون الأول في العام 2007 غادر المربي حسن علي العتابي الحياة، وقبل ايام قليلة من وفاته، اوصى ابنه الاصغر فلاح بان تمر جنازته امام مقر حزبه في ساحة الاندلس، الابن اخفى الوصية عن المشيعين فمضوا به مسرعين الى مقبرة وادي السلام في النجف ليستقر بقرب شريكة حياته في قبرين متجاورين.
أواسط عقد الأربعينات من القرن الماضي وبعد أيام قليلة من ولادة نجله الأكبر جمال، سمع من صديقه الراحل عبد جياد العبودي قوله "اسمع حسن ابنك هذا سوف يعيش في عصر الاشتراكية" ودفعه حلم العيش في ظل النظام الاشتراكي الى الانضمام لتنظيم سياسي وجد فيه الامل في تحقيق العدالة والمساواة والغاء الفوارق الطبقية، ولا سيما انه ينحدر من عائلة فلاحية عانت من جور الاقطاع فلجأت الى التمسك بالدين عسى ان تحقق رفاهيتها في العالم الآخر.
الفلاح الجنوبي زاير علي ابو حسن، صاحب مجلس العزاء الحسيني الوحيد في قريته، كان يطلب من نجله تجسيد شخصية الحبيب بن مظاهر أثناء إقامة التشابيه، ولم يدرك الزاير في ذلك الوقت أن تكليف ابنه بتمثيل تلك الشخصية سيكون سببا في البحث عن تنظيم سياسي يحارب الظلم والطغاة.
ابن الزاير هو الوحيد بين شقيقاته وشقيقه الوحيد حنون الذي فارق الحياة مبكرا متأثرا بمرضه نال فرصة التعلم والحصول على شهادة الدراسة الابتدائية، أهلته للدخول في دار المعلمين الريفية، وفي الدار تعلم الرسم والخط فنقل هوايته هذه الى الابناء والاحفاد، وبعد التخرج عين معلما في قرى الجنوب، ومنها بدأ نشاطه السياسي بين اوساط الفلاحين، فبدأ بمحو اميتهم، وعرفهم على ضرورة تحالف العمال والفلاحين، لتعجيل حتمية "الانتقال الى الاشتراكية " واثر تعرض البلاد لعواصف سياسية نتيجة الصراع للحصول على السلطة، ادلى بعض الفلاحين حلفاءالبروليتاريا بشهاداتهم ضد حسن العتابي فصدر ضده الحكم في زمن العهد الجمهوري بالسجن بتهمة التحريض على قتل شخصيات كانت تعرف بانها متضررة من سقوط النظام الملكي.
العتابي ترك العمل الحزبي بين اوساط الفلاحين، بعد انتقاله الى العاصمة بغداد، وفي مرحلة تشكيل الجبهة الوطنية مثل حزبه السياسي في نقابة المعلمين في لجنة الدفاع عن الاعضاء، عمل في الصحافة، وسخر قلمه لتعميق "العلاقات الجبهوية" لا يمانه بان الديمقراطية هي الطريق الوحيد لتحقيق تطلعات العراقيين، وحلمه هذا هو الاخر تبدد عندما اضطربت العلاقات الجبهوية، وانطوت صفحة الاستقرار السياسي، وبدأت حملات التصفية والملاحقة، لتنتهي بحملة ايمانية، آخر فصل منها شهد الغزو الاميركي للعراق.
الاوضاع السياسية في العراق بددت كل احلام العتابي وفي اليوم الذي تسلم فيه شهادة وفاة ابنه سامي الذي اعدمه النظام السابق، تقوس ظهره كما يقول نجله الأكبر جمال، ومنذ ذلك التاريخ وحتى قبيل وفاته باسابيع كان يردد في صلاته الغوث الغوث، ولا احد يسمع النداء لينقذ العراق من منزلق خطير، حسن العتابي أبي يامن حملتك أعباء حماقاتي وذنوبي ومكسراتي لا احد يسمع صوتك.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ابراهيم

    لا يا سيدي، هناك من لا يسمع صوت المعلم الرائع العتابي فحسب بل ويحمله معه أيقونة للنضال وشمعه في هذه العتمة ليبقى العشب الأخضر على قبرة شارة الإقامة في ضمير الشعب

  2. د.حسن السوداني

    يبقى العتابي الكبير عنوان في التغير والتأثير بما تركه من أبناء نباهي بهم ونعتز بمواقفهم الوطنية الراءعة للراحل الرحمة وجنات الخلد ولكم اخي علاء الفخر والاعتزاز

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram