اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الأسماء هذه اللعنة العراقية

الأسماء هذه اللعنة العراقية

نشر في: 14 ديسمبر, 2013: 09:01 م

إذا كانت جملة -اجمل الأسماء ما ُعبّد و حُمّد - الخاصة بتسمية الأبناء والبنات لازمة دينية إسلامية فيصح ان تكون أسماء الطبيعة الأجمل على المدن والضواحي والشوارع والتقاطعات ذلك لأنها لا تتغير مع موجبات التغيير في السياسة والتمذهب، وهي جزء من ثقافة مجتمعية تؤلف بين القلوب وتنأى عن التباغض والتحزب والتضييق والتشدد، لذا فهي دعوة خالصة لحماية مدننا وناسها من أمراض السياسة والتخندق الطائفي قبل كل شيء. لنعد إلى تسمية كل شيء من حولنا بأسماء الزهور والمياه والأرض والسماء والنجوم والجداول والبحار وسواها مما ننعم به فهي ملاذنا من العلل تلك .
  حين يجتاز القادم من تقاطع الجزائر مبنى بلدية البصرة بأمتار قليلة سائرا باتجاه محطة تعبئة وقود الجزائر يقرأ يافطة تعريفية جديدة، -لا تبدو انها من أعمال البلدية- تشير إلى أن اسم الشارع هذا(شارع السيد عبد الحكيم الصافي) ولمن لا يعرف الرجل أقول: هو أحد كبار علماء الشيعة في البصرة، وله مسجد كبير في المعقل، وهو أيضاً والد السيد علي الحكيم الصافي أحد اكبر وكلاء السيد السيستاني في جنوب العراق اليوم، وهي عائلة كريمة لها وجاهة دينية واجتماعية كبيرة ومن حق المدينة أن تعترف لها فتسمي احد شوارعها باسم عميدها رحمه الله.
  ولمن يستخدم شارع البصرة–العشار عند نقطة التحسينية يقرأ ان الشارع هذا سمي باسم العلامة السيد امير محمد الكاظمي القزويني، ولمن لا يعرفه نقول صاحب كتاب (علي من المهد إلى اللحد) وهو الذي حملني أبي عبد العزيز اليه حين ولدت سنة 1953 قائلا سميته(طالب) في محاكاة واضحة لمكانة السيد طالب النقيب الكبيرة آنذاك، وهو أبن السيد مهدي القزويني ووالد السيد جعفر القزويني( درَسني مادة اللغة العربية في متوسطة النضال) قبل ان يضطر لمغادرة البصرة مع والده والعائلة القزوينية الكريمة إلى الكويت عام 1969 هربا من قمع النظام السابق. وهناك شارع آخر قرب المحكمة القديمة في البصرة القديمة سمي باسم السيد الشهيد عصام السيد شبّر، قتلته السلطة البعثية منتصف السبعينات كما أذكر ،والده الفقيه والعالم والشاعر المعروف السيد عباس السيد شبر، وقبل عبور الجسر المنصوب على نهر الخندق باتجاه ام البروم هناك تمثال نصفي للشهيد الشيخ عارف البصري، وهو من بناة حزب الدعوة الأوُل، الذي اعدمه النظام في وقت مبكر من تسلطه.
  وهناك العشرات من أسماء المدارس والتقاطعات والشوارع الرئيسية والفرعية تم إطلاق أسماء الأئمة والأولياء والشهداء عليهم، وهي لعمري جزء يسير من وفاء أهل المدينة لهؤلاء الأبرار، لكن اقتصارها على رموز طائفة واحدة قضية بحاجة لتوقف مسؤول، لأن قضية التحرر والعدل والوقوف بوجه الأنظمة الدكتاتورية والطغيان لم يقتصر على طائفة بعينها، أي طائفة في مدينة متعددة الانتماءات القبلية والمذاهب والتمثيل السياسي وغيرها، ومثلما كان للشيعة البصريين رموزهم التاريخية هنالك العشرات من الرموز التاريخية لأهل السنة والجماعة، وإذا افتخر حزب الدعوة بقادته ورموزه الذين اعدمهم نظام البعث فمن حق الشيوعيين ان يفخروا بقادتهم ورموزهم الذين أعدمهم النظام ذاته وكذلك الحال بالنسبة للمسيحيين بطوائفهم المتعددة فقد برز منهم العشرات من العلماء والأساتذة والأطباء ممن قدموا للمدينة ما لا يقل عن ما قدمه أقرانهم في المواطنة والانتماء للمدينة.
 ولا نذكر اكثر من ان نذكر بأن عبد الجبار وهبي (ابو سعيد) والد الفنانة أنوار عبد الوهاب، الصحفي والقيادي الشيوعي المعروف، الذي أعدم على يد الحرس القومي البعثي عام 1963 هو من مواليد محلة المشراق في البصرة القديمة، والقيادي مرشح اللجنة المركزية للحزب الشيوعي محمد جواد طعمة (ابو زيتون) من مواليد البصرة والذي أعدم على يد النظام البعثي والأمثلة كثيرة في المدينة هذه لكن السؤال غير البريء هو هل يجرؤ احد من أبناء الطوائف الأخرى على رفع يافطة عند مدخل شارع او تقاطع ما لرمز من رموز أهل السنة مثلاً أو الحزب الشيوعي العراقي أو لغيرهم، وإذا ما تجرأ أحد من المتحمسين ورفع اليافطة كم ستبقى اليافطة تلك، وهل يسلم صاحبها من الملاحقة . أسئلة تبدو في ظاهرها ساذجة وغير ذات معنى لكنها ستقف طويلا على طاولات المسؤولين في بلدية البصرة والمعنيين في المحافظة لأن التاريخ لم يكن من حصة أحد على حساب احد، وهنالك من قال: " "ما تبنيه اليوم قد ترقص في خرائبه غداً" .
  ولينظر أهل المدينة إلى تسميات من قبيل ساحة كاظم فنجان، مدينة البعث، حي 7 نيسان، حي القائد ،تقاطع الصمود ... هل أبقى الزمن منها شيء     

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو سجاد

    الحقيقة ياستاذ طالب انها اسئلة ليست ساذجة وانما في غاية الاهمية ولكن حقا هل يجريء احد على فعل ذلك اني اجزم من المستحيل احد يستطيع فعل ذلك فثقافة العراقيين هي هي لاتختلف من فكر بعثي الى فكر اخر وهذه هي مشكلة العراقيين في التعصب المذهبي والديني والعرقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: جمهورية بالاسم فقط

 علي حسين ماذا سيقول نوابنا وذكرى قيام الجمهورية العراقية ستصادف بعد أيام؟.. هل سيقولون للناس إننا بصدد مغادرة عصر الجمهوريات وإقامة الكانتونات الطائفية؟ ، بالتأكيد سيخرج خطباء السياسة ليقولوا للناس إنهم متأثرون لما...
علي حسين

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

 لطفية الدليمي أحياناً كثيرة يفكّرُ المرء في مغادرة عوالم التواصل الاجتماعي، أو في الاقل تحجيم زيارته لها وجعلها تقتصر على أيام معدودات في الشهر؛ لكنّ إغراءً بوجود منشورات ثرية يدفعه لتأجيل مغادرته. لديّ...
لطفية الدليمي

قناطر: بين خطابين قاتلين

طالب عبد العزيز سيكون العربُ متقدمين على كثير من شعوب الأرض بمعرفتهم، وإحاطتهم بما هم عليه، وما سيكونوا فيه في خطبة حكيمهم وخطيبهم الأكبر قس بن ساعدة الإيادي(حوالي 600 ميلادية، 23 سنة قبل الهجرة)...
طالب عبد العزيز

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

خالد سليمان نحن لا زلنا في بداية فصل الصيف، انما "قهر الشمس الهابط"* يجبر السكان في الكثير من البلدان العربية، العراق ودول الخليج تحديداً، على البقاء بين جدران بيوتهم طوال النهار. في مدن مثل...
خالد سليمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram