TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كي لا يُساء للحسين

كي لا يُساء للحسين

نشر في: 14 ديسمبر, 2013: 09:01 م

كم يبلغ عدد زوار مدينة كربلاء في يوم عاشوراء أو يوم الأربعين؟
بالعودة الى الإنترنت وجدتُ تبايناً كبيراً في تقديرات هذا العدد كما ترد في تصريحات المسؤولين في محافظة كربلاء ووزارة الداخلية، فثمة من قدّر العدد بأربعة ملايين في أحد الأعوام فيما رفعه أحدهم الى 18 مليوناً في عام آخر.
القائل بان العدد وصل الى 18 مليوناً خلال زيارة الأربعين في العام الماضي (2012) هو محافظ كربلاء السابق. من المستحيل أن يكون الرقم صحيحاً، وأغلب الظن ان المحافظ السابق تعمّد المبالغة سعياً وراء الحصول على تخصيصات أكبر لمحافظته.
لماذا استحالة ان يكون هذا الرقم صحيحاً؟
18 مليوناً يعني نحو 60 بالمئة من عدد سكان العراق المقيمين فيه ( بضعة ملايين يعيشون في الخارج)، ومن الواضح ان المدن والأرياف العراقية الشيعية لم تخلُ تماماً من سكانها في أي زيارة من الزيارات لكي يبدو معقولاً الرقم 18 مليوناً. وعدا عن هذا فان 18 مليون نسمة ليس في وسع حتى ساحات العاصمة بغداد وشوارعها بأجمعها أن تستوعبهم.
لا شك في ان كلاً من زيارتي عاشوراء والأربعين هما أكبر تجمعين بشريين سنويين في العالم. وحتى لو وضعنا العقل جانباً وصدقنا بالتصريحات المبالغ فيها، فان هذا لا يبرر أن تتحول المناسبتان القدسيتان الى سبب في الإضرار بمصالح آخرين حتى لو كان عديدهم بالمئات، فهذا مما يتناقض تماماً مع قضية الحسين وثورته من أجل إقامة العدل وتحقيق رفاه الإنسان.
في كل موسم زيارة تتخلف الدولة عن أداء واجبها في تنظيم الزيارة بما يتيح إنجازها وممارسة شعائرها بيسر وانسيابية وأمان، من دون إلحاق ضرر بأي فرد. الأجهزة الأمنية عودتنا على اللجوء الى أسهل الحلول في مختلف المناسبات، ومنها هاتان المناسبتان، فتعمد الى قطع الطرق من دون توفير طرق بديلة.
في أيام الزيارات يواجه كثير من الناس في العديد من المدن مشاق في الوصول الى دوائرهم ومحال عملهم على مدى عدة أيام كما هو حاصل هذه الأيام، وهو ما يمكن تفاديه بوضع خطط توازن بين أمن الزائرين ومصالح غيرهم في الوقت نفسه. فليس من الصحيح إغلاق طرق رئيسة داخل المدن وخارجها والتسبب في إغلاق محال عمل وتعطيل مصالح أصحابها وقطع أرزاقهم، فهذا مما لا يُرضي الحسين ولا يمت بصلة الى قضيته العادلة الخالدة.
أعرف ان هذا الكلام لن يرضي البعض الذي سيرفع عقيرته بالاحتجاج والاستنكار وتأويل الغرض والمقصد. وفي الواقع فإنني لست مهتماً بهم، فهم في الغالب أصحاب "بيزنس" ممن يتاجرون بالدين وشعائره ويجدون في المناسبتين القدسيتين وسواهما مواسم للتربح .. هذا الكلام موجه الى المؤسسات والهيئات الدينية المعتبرة التي تراعي مصالح العراقيين جميعاً بغض النظر عن دينهم ومذهبهم وطائفتهم، والى أجهزة الدولة الأمنية التي يتعين أن تتصرف بوصفها أجهزة وطنية تقيم الاعتبار لكل فرد من أفراد المجتمع وتعمل على توفير الأمن له ورعاية مصالحه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو سجاد

    رغم قدسية المناسبة لكن هناك كثير من السلبيات التي تؤثر على سير الحيات منها الفوضى وارتفاع اسعار المواد الغذائية وتوقف شبه تام للدوائر الرسمية وعندما تراجع دائرة ما يقول لك الموظف تعال بعد الزيارة وتوقف اعمال الناس اصحاب الاجور اليومية ومنهم من مرتبط بسلف

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram